الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3848 [ 1975 ] وعن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونهانا عن سبع: خواتيم الذهب، أو عن تختم الذهب، وعن شرب بالفضة، وعن المياثر، وعن القسي، وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج.

                                                                                              وفي رواية: وإنشاد الضالة مكان إبرار المقسم.

                                                                                              وفي أخرى: ورد السلام - مكان - إفشاء السلام. قال سالم بن عبد الله: الإستبرق: ما غلظ من الديباج.

                                                                                              رواه البخاري (6535) ومسلم (2066) (3) والترمذي (2810) والنسائي (8 \ 201).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و(قوله: أمر بعيادة المريض ) وهي زيارته، وتفقده. يقال: عاد المريض، يعوده، عيادة.

                                                                                              و( تشميت العاطس ): بالشين المعجمة هو: الدعاء له إذا عطس وحمد الله تعالى. فعلى السامع أن يقول له: يرحمك الله. وسمي الدعاء تشميتا; لأنه إذا استجيب للمدعو له فقد زال عنه الذي يشمت به عدوه لأجله. وقد يقال بالسين المهملة. قال ابن الأنباري : يقال: شمت فلانا وسمت عليه. فكل داع بالخير: مسمت ومشمت. قال ثعلب : الأصل السين من السمت، وهو القصد، ومنه الحديث: فدعا لفاطمة وسمت عليها.

                                                                                              و( إبرار المقسم ) هو: إجابته إلى ما حلف عليه، ولا يحنث، لكن إذا كان على أمر جائز.

                                                                                              و( نصر المظلوم ): إعانته على ظالمه، وتخليصه منه.

                                                                                              و( إجابة الداعي ) تعم الوليمة وغيرها. لكن أوكد الدعوات: الوليمة وقد تقدم الكلام فيها.

                                                                                              و( إفشاء السلام ): إشاعته، ولا يخص به من يعرف دون من لم يعرف.

                                                                                              و( إنشاد الضالة ): هو التعريف بها. و(نشدتها): طلبتها. يقال: نشدت الضالة: طلبتها، وأنشدتها: عرفتها.

                                                                                              و( المياثر ): جمع ميثرة، وهي مأخوذة من الوثارة، وهي: اللين والنعمة. ومنه قولهم: فراش وثير; أي: وطيء لين. وياء ميثرة واو، لكنها انقلبت ياء لانكسار ما قبلها، كميزان وميعاد.

                                                                                              واختلف فيها، فقال الطبري : هي: وطاء كان النساء يضعنه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر، ومن الديباج على سروجهم، وكانت من مراكب العجم. والأرجوان: هو الصوف - بفتح الهمزة وضم الجيم - وقال الحربي عن ابن الأعرابي : هي كالمرفقة تتخذ كصفة السرج من الحرير. وقيل: جلود السباع.

                                                                                              [ ص: 390 ] قلت: فإن كانت حريرا فوجه النهي واضح، وهو تحريم الجلوس عليها; فإنها حرير، ولباس ما يفرش: الجلوس عليه. وعلى هذا جماهير الفقهاء من أصحابنا وغيرهم، خلافا لعبد الملك من أصحابنا; فإنه أجازه. ولم ير الجلوس على الحرير لباسا، وهذا ليس بشيء، فإن لباس كل شيء بحسبه، وقد قال أنس - رضي الله عنه -: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس.

                                                                                              وأما من كانت عنده الميثرة من جلود السباع: فوجه النهي عنها أنها مكروهة; لأنها لا تعمل فيها الذكاة. وهو أحد القولين فيها عند أصحابنا، أو لأنها لا تذكى غالبا. وأما من كانت عنده من الأرجوان الأحمر: فوجه النهي عنها: أنها تشبه الحرير، أو لأنها كانت من زي العجم، فيكون من باب الذريعة. وهذا القول أبعدها، والله أعلم.

                                                                                              و( القسي ) بفتح القاف، وقد أخطأ من كسرها، وهي منسوبة إلى القس : [ ص: 391 ] قرية من قرى مصر مما يلي الفرما وهي مظلعة بالحرير. قال البخاري : فيها حرير أمثال الأترنج. وقيل: إنه القز، أبدلت الزاي سينا. والإستبرق: فارسي عربته العرب. وهو: غليظ الديباج. و(السندس): ما رق منه.

                                                                                              و( الديباج ): جنس من الحرير، الإستبرق والسندس من أنواعه. و(الدهقان): فارسي معرب، ويجمع دهاقين: وهم الرؤساء. وقيل: الكثير المال والتنعم، من الدهقنة، وهي: الامتلاء والكثرة. يقال: دهق لي دهقة من المال; أي: أعطانيه. وأدهقت الإناء: ملأته.




                                                                                              الخدمات العلمية