الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1858 حدثنا أبو بكر محمد بن أبان حدثنا وكيع حدثنا هشام الدستوائي عن بديل بن ميسرة العقيلي عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أم كلثوم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أحدكم طعاما فليقل بسم الله فإن نسي في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره وبهذا الإسناد عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل طعاما في ستة من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه لو سمى لكفاكم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأم كلثوم هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه [ ص: 483 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 483 ] قوله : ( عن بديل ) مصغرا ( بن ميسرة ) العقيلي بضم العين البصري ثقة من الخامسة ( عن عبيد الله بن عبيد بن عمير ) هو الليثي ( عن أم كلثوم ) قال في تهذيب التهذيب : أم كلثوم الليثية المكية عن عائشة في التسمية على الأكل والشرب ، وعنها عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي . ووقع في رواية أبي داود من طريق عبد الله بن عبيد الله بن عمير المذكور عن امرأة منهما يقال لها أم كلثوم ، ولهذا ترجم المصنف بكونها ليثية ، لكن الترمذي قال عقب حديثها : أم كلثوم هذه هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق ، فعلى هذا نقول ابن عمير عن امرأة منهم قابل للتأويل فينظر فيه فلعل قوله منهم أي كانت منهم بسبب إما بالمصاهرة أو بغيرها من الأسباب ، والعمدة على قول الترمذي انتهى . وقال المنذري في تلخيص السنن : ووقع في بعض روايات الترمذي أم كلثوم الليثية وهو الأشبه لأن عبيد بن عمير ليثي ومثل بنت أبي بكر لا يكنى عنها بامرأة ولا سيما مع قوله منهم ، وقد سقط هذا من بعض نسخ الترمذي وسقوطه الصواب ، والله عز وجل أعلم . وقد ذكر الحافظ أبو القاسم الدمشقي في أطرافه لأم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة أحاديث وذكر بعدها أم كلثوم الليثية ويقال المكية ، وذكر لها هذا الحديث . وقد أخرج أبو بكر بن أبي شيبة هذا الحديث في مسنده عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة ولم يذكر فيه أم كلثوم انتهى .

                                                                                                          قلت : ليس في نسخ جامع الترمذي الموجودة عندنا لفظ الليثية بعد أم كلثوم ، وكذا ليس فيها عقب هذا الحديث أم كلثوم هذه هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق . قوله : ( فإن نسي ) بفتح النون وكسر السين المخففة أي ترك نسيانا ( في أوله ) أي فإن نسي حين الشروع في الأكل ثم تذكر في أثنائه أنه ترك التسمية أولا ( فليقل بسم الله في أوله وآخره ) والمعنى في جميع أجزائه كما يشهد له المعنى الذي قصد به التسمية ، فلا يقال ذكرهما يخرج الوسط ، فهو كقوله تعالى : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا مع قوله عز وجل أكلها دائم ويمكن أن يقال : المراد بأوله النصف الأول وبآخره النصف الثاني فيحصل الاستيفاء والاستيعاب .

                                                                                                          وفي الحديث دليل على مشروعية التسمية للأكل وأن الناسي يقول في أثنائه : بسم الله في أوله وآخره ، وكذا التارك للتسمية عمدا يشرع له التدارك في أثنائه . قال في الهدي : والصحيح [ ص: 484 ] وجوب التسمية عند الأكل وهو أحد الوجهين لأصحاب أحمد ، وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة لا معارض لها ولا إجماع يسوغ مخالفتها ويخرج عن ظاهرها انتهى .

                                                                                                          قوله : ( فأكله بلقمتين ) أي بغير التسمية ( أما ) حرف التنبيه ( إنه لو سمى ) وفي رواية ابن ماجه أما إنه لو كان قال بسم الله ( لكفاكم ) أي الطعام .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية