الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1793 - وعن عائشة قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ما خالطت الزكاة مالا قط إلا أهلكته " . رواه الشافعي ، والبخاري في تاريخه ، والحميدي ، وزاد : قال : يكون قد وجب عليك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال ، وقد احتج به من يرى تعليق الزكاة بالعين هكذا في المنتقى ، وروى البيهقي في شعب الإيمان عن أحمد بن حنبل بإسناده إلى عائشة ، وقال أحمد في خالطت . . تفسيره أن الرجل يأخذ الزكاة وهو موسر أو غني وإنما هي للفقراء .

التالي السابق


1793 - ( وعن عائشة ) - رضي الله عنها - ( قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ما خالطت الزكاة مالا قط ) أي بأن يكون صاحب مال من النصاب فيأخذ الزكاة ، أو بأن لم يخرج من ماله الزكاة ( إلا أهلكته ) أي نقصته أو أفنته ، أو قطعت بركته ، قال الطيبي : يحتمل محقته ، أو استأصلته ، لأن الزكاة كانت حصنا له ، أو أخرجته من كونه منتفعا به ، لأن الحرام غير منتفع شرعا ( رواه الشافعي والبخاري في تاريخه ، والحميدي وزاد ) أي الحميدي ( قال ) أي البخاري : أو في تفسير الحديث ( يكون قد وجب عليك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال ) فكأنها تعينت واختلطت ( وقد احتج به من يرى تعلق الزكاة بالعين ) أي لا بالذمة ، وفيه أنه لا يظهر وجه الاستدلال مع احتمال الحقيقة والمجاز ، في مخالطة المال ، والحلال أن الحمل على الحقيقة إذا أمكن لا يجوز غيره من الاحتمال ، وإرادة الجمع بينهما من الممتنع عند أرباب الكمال ، ولذا قال الطيبي : فإن قلت هذا الحديث ظاهر في معنى المخالطة ، فإنها معنى ومبنى تستدعي شيئين متمايزين ، يختلط أحدهما بالآخر ، فأين هذا المعنى من قول من فسرها بإهلاك الحرام الحلال ؟ قلت : لما جعل الزكاة متعلقة بعين المال لا بالذمة جعل قدر الزكاة المخرج من [ ص: 1279 ] النصاب معينا ، ومشخصا ، فيستقيم الخلط بما بقي من النصاب ، قلت : هذا الكلام مع مصادرته المستلزمة للدور الحاصل منه التكلف الناشئ عن الاضطراب لا يخفى على ذوي البصائر وأولي الألباب ، والله أعلم بالصواب ( هكذا في المنتقى ) الظاهر أنه أراد قوله قد احتج ( وروى البيهقي في شعب الإيمان ) أي هذا الحديث ( عن أحمد بن حنبل بإسناده إلى عائشة ، وقال أحمد في خالطت ) أي في لفظ خالطت الواقع في صدر الحديث ( تفسيره ) أي معناه أو تأويله ، قال الطيبي : وهو مقول قول أحمد ( إن الرجل يأخذ الزكاة وهو موسر أو غني ) شك للراوي ، قال ابن حجر : أو للتنويع بناء على أن الغنى أخص من اليسار . اهـ ، وهو يحتاج إلى بيان ودليل وبرهان ( وإنما هي ) أي الزكاة ( للفقراء ) أي ولأمثالهم وغلبوا لأنهم أكثر من البقية ، أو لكون الفقر شرطا في غالب بقيتهم ، ولابن حجر هنا مباحث لا طائل تحتها فأعرضت عن ذكرها .




الخدمات العلمية