الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                وكتب أيضا بسم الله الرحمن الرحيم سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته ونحن لله الحمد والشكر في نعم متزايدة متوافرة وجميع ما يفعله الله فيه نصر الإسلام وهو من نعم الله العظام . { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا } فإن الشيطان استعمل حزبه في إفساد دين الله الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه .

                ومن سنة الله : أنه إذا أراد إظهار دينه أقام من يعارضه فيحق الحق بكلماته ويقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق .

                [ ص: 58 ] والذي سعى فيه حزب الشيطان لم يكن مخالفة لشرع محمد صلى الله عليه وسلم وحده بل مخالفة لدين جميع المرسلين : إبراهيم وموسى والمسيح ومحمد خاتم النبيين صلى الله عليهم أجمعين .

                وكانوا قد سعوا في أن لا يظهر من جهة حزب الله ورسوله خطاب ولا كتاب وجزعوا من ظهور الإخنائية فاستعملهم الله تعالى . حتى أظهروا أضعاف ذلك وأعظم وألزمهم بتفتيشه ومطالعته ومقصودهم إظهار عيوبه وما يحتجون به فلم يجدوا فيه إلا ما هو حجة عليهم وظهر لهم جهلهم وكذبهم وعجزهم وشاع هذا في الأرض وأن هذا مما لا يقدر عليه إلا الله ولم يمكنهم أن يظهروا علينا فيه عيبا في الشرع والدين بل غاية ما عندهم : أنه خولف مرسوم بعض المخلوقين والمخلوق كائنا من كان إذا خالف أمر الله تعالى ورسوله لم يجب بل ولا يجوز طاعته في مخالفة أمر الله ورسوله باتفاق المسلمين .

                وقول القائل : إنه يظهر البدع كلام يظهر فساده لكل مستبصر ويعلم أن الأمر بالعكس فإن الذي يظهر البدعة إما أن يكون لعدم علمه بسنة الرسول أو لكونه له غرض وهوى يخالف ذلك ; وهو أولى بالجهل بسنة الرسول واتباع هواهم بغير هدى من الله { ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } ممن هو أعلم بسنة الرسول منهم وأبعد عن الهوى والغرض في مخالفتها { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون } { إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين } .

                وهذه قضية كبيرة لها شأن عظيم . ولتعلمن نبأه بعد حين . ثم قال بعده : وكانوا يطلبون تمام الإخنائية فعندهم ما يطمهم أضعافها وأقوى فقها منها وأشد مخالفة لأغراضهم . فإن الزملكانية قد بين فيها من نحو خمسين وجها : أن ما حكم به ورسم به مخالف لإجماع المسلمين وما فعلوه لو كان ممن يعرف ما جاء به الرسول ويتعمد مخالفته لكان كفرا وردة عن الإسلام لكنهم جهال دخلوا في شيء ما كانوا يعرفونه ولا ظنوا أنه يظهر منه أن السلطنة تخالف مرادهم والأمر أعظم مما ظهر لكم ونحن ولله الحمد على عظيم الجهاد في سبيله .

                ثم ذكر كلاما وقال : بل جهادنا في هذا مثل جهادنا يوم قازان والجبلية والجهمية والاتحادية وأمثال ذلك . وذلك من أعظم نعم الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية