الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4049 [ 2091 ] وعن عائشة قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، قال: فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما، وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة، قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أرى هذا يعرف ما هاهنا، لا يدخل عليكم. قالت: فحجبوه.

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 152) ومسلم (2181) وأبو داود (4107 و 4108) والنسائي في عشرة النساء (365).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ( ألا أرى هذا يعرف ما هاهنا ) يدل على أنهم كانوا يظنون أنه لا يعرف شيئا من أحوال النساء، ولا يخطرن له بالبال، وسببه أن التخنيث كان فيه خلقة وطبعا، ولم يكن يعرف منه إلا ذلك، ولذلك كانوا يعدونه من غير أولي الإربة; أي: ممن لا حاجة له في النساء. وقد قدمنا: أن الأرب والإربة: الحاجة. فلما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وصفه لتلك المرأة علم أنه عنده تشوف للنساء; فحجب لذلك، ثم بولغ في تنكيله، وعقوبته، ونفيه لما اطلع عليه من محاسن تلك المرأة، وكشف من سترها، ولم تكن عقوبته لنفس التخنيث; فإن ذلك كان فيه خلقة، ولم يكن مكتسبا له، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

                                                                                              وأما من تخانث وتشبه بالنساء، فقد أتى كبيرة من أفحش الكبائر; لعنه الله عليها ورسوله، ولا يقر عليها.

                                                                                              [ ص: 516 ] بل يؤدب بالضرب الوجيع والسجن الطويل، والنفي حتى ينزع عن ذلك، ويكفي دليلا على ذلك ما خرجه البخاري عن ابن عباس قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، وقال: ( أخرجوهم من بيوتكم ) وأخرج فلانا وفلانا; غير أنه لا يقتل لما رواه أبو هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد خضب يديه ورجليه، فقال: (ما بال هذا؟!) فقيل: يتشبه بالنساء، فأمر به، فنفي إلى النقيع - بالنون - فقيل: يا رسول الله ألا نقتله؟ فقال: (إني نهيت عن قتل المصلين).




                                                                                              الخدمات العلمية