الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 57 ] باب ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن

وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي أحد فقهاء المدينة الجلة الثقات الأثبات ، وقد ذكرنا نسب أبيه في كتاب الصحابة ، واختلف في اسم أبي سلمة هذا ; فقيل اسمه عبد الله ، وقيل اسمه كنيته ، ذكر البخاري قال : قال لي ابن أبي أويس عن مالك : أبو سلمة اسمه كنيته ، وكذلك قال أبو نعيم الفضل بن دكين : اسم أبي سلمة كنيته ، وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي : اسم أبي سلمة بن عبد الرحمن عبد الله ، وذكر الزبير في بني عبد الرحمن بن عوف عبد الله الأكبر قال : أمه من بني عبد الأشهل قال : وقتل عبد الله وعروة وسالم الأصغر بنو عبد الرحمن بن عوف بأفريقية قال : وعبد الله الأكبر هو أبو عثمان بن عبد الرحمن بن عوف قال : وسالم الأكبر مات قبل الإسلام قال : وعبد الله الأصغر أبو سلمة الفقيه روى عنه الناس وأمه تماضر بنت الأصبغ الكلبية ، وقد ذكرنا في كتاب الصحابة في [ ص: 58 ] باب عبد الرحمن بن عوف بنيه وأمهاتهم وذكر العقيلي عن شيوخه عن عمرو بن هارون قال : كان اسم أبي سلمة بن عبد الرحمن عبد الله بن عبد الرحمن : حدثنا عبد الوارث بن سفيان قراءة مني عليه : أن قاسم بن أصبغ حدثهم قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : وجدت في كتاب علي بن المديني بخطه قال يحيى بن سعيد : فقهاء أهل المدينة عشرة قلت ليحيى عدهم قال : سعيد ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، والقاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله ، وعروة بن [ ص: 59 ] الزبير ، وسليمان بن يسار ، وعبيد الله بن عبد الله ، وقبيصة بن ذؤيب ، وأبان بن عثمان ، وسقط من الكتاب العاشر .

قال أبو عمر :

العاشر : خارجة بن زيد بن ثابت ، أو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وحدثنا عبد الوارث ; قال : حدثنا [ ص: 60 ] قاسم قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا المثنى بن معاذ قال : حدثني أبي قال : حدثنا شعبة عن أبي إسحاق : قال أبو سلمة في زمانه خير من ابن عمر في زمانه .

وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا الصلت بن مسعود قال : حدثنا ابن عيينة عن مجالد عن الشعبي قال : قدم أبو سلمة الكوفة ; فكان يمشي بيني وبين رجل فسئل من أعلم من بقي ؟ فتمنع ساعة ثم قال : رجل بينكما وذكر المدايني ، عن ابن شهاب ، عن إسماعيل بن أبي خالد قال : قدم أبو سلمة الكوفة ; فكان يمشي بيني وبين الشعبي فذكر مثله ، وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : كان أبو سلمة يماري ابن عباس فحرم بذلك علما كثيرا ذكره الحسن بن علي الحلواني ، عن عبد الرزاق ، وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا مؤمل بن يهاب قال : حدثنا عبد الرزاق فذكره ، وأخبرنا خلف بن سعيد قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا أحمد بن خالد قال : حدثنا محمد بن عبيد الكشوري قال : حدثنا محمد بن يوسف الحراني : أنبأنا عبد الرزاق ، عن الزهري قال : أدركت بحورا أربعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله [ ص: 61 ] وأبا سلمة بن عبد الرحمن قال الزهري : وكان أبو سلمة يماري ابن عباس ; فحرم علما كثيرا وروى حماد بن زيد عن معمر عن الزهري قال : كان أبو سلمة يسأل ابن عباس ; فكان يخزن عنه حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم : قال حدثنا أحمد بن زهير : قال سمعت مصعب بن عبد الله يقول : أم أبي سلمة بن عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة بن حصن بن ضمضم بن عدي بن كلب ، وهي أول كلبية ، تزوجها قرشي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عبد الرحمن إلى كلب ، وأمره أن يتزوج ابنة سيدهم قال : وأرضعت أم كلثوم بنت أبي بكر أبا سلمة ; فكان يتولج على عائشة .

قال أبو عمر :

كان أبو سلمة رجلا جميلا ، يخضب بالوسمة ، توفي سنة أربع وتسعين ، وفيها مات عروة ، وعلي بن حسين ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وسعيد بن المسيب في قول بعضهم ، وتعرف بسنة الفقهاء ، وقد قيل : إن أبا سلمة توفي في سنة أربع ومائة ، وهو ابن اثنين وسبعين : سمع أبا هريرة ، وعائشة ، وابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وجماعة من الصحابة ، واختلف في سماعه من أبيه : فذكر ابن لهيعة عن جعفر بن [ ص: 62 ] ربيعة عن أبي سلمة قال : رأيت أبي يصلي أربع ركعات قبل الظهر ، وروى النضر بن شيبان ، عن أبي سلمة قال : سمعت أبي فذكر حديثا في الصيام ، وقال يحيى بن معين : لم يسمع أبو سلمة من أبيه ولا من طلحة بن عبيد الله ، وضعف حديث النضر بن شيبان : قال أبو عمر :

توفي أبوه سنة ثنتين وثلاثين قبل وفاة عثمان بأربع سنين ، أو نحوها ، لمالك عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ثمانية أحاديث متصلة مسندة ، كلها في الموطأ ، شركه فيها أبو عبد الله الأغر في حديث واحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية