الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( كتاب الكفالة ) ذكرها عقب البيوع ; لأنها غالبا تكون بالثمن أو بالمبيع ومناسبتها للصرف ; لأنها تكون آخرا عند الرجوع معاوضة عما يثبت في الذمة من الإثمان وقدمه عليها ; لأنه من البيوع والكلام فيها في عشرة مواضع الأول في معناها لغة قال في المصباح كفلت بالمال وبالنفس كفلا من باب قتل وكفولا أيضا ، والاسم الكفالة وحكى أبو زيد سماعا من العرب من بابي تعب وقرب وحكى ابن القطاع كفلت وكفلت به وعنه إذا تحملت به ويتعدى إلى مفعول ثان بالتضعيف والهمزة فيحذف الحرف فيهما وقد يثبت مع المثقل قال ابن الأنباري تكفلت بالمال التزمت به وألزمته نفسي ، وقال أبو زيد تحملت به ، وقال في المجمع كفلت به كفلة وكفلت عنه بالمال لغريمه حقوق بينهما وكفلت الرجل والصغير من باب قتل كفالة أيضا علته وقمت به ويتعدى بالتضعيف إلى مفعول ثان يقال كفلت زيدا الصغير والفاعل من كفالة المال كفيل به للرجل والمرأة ، وقال ابن الأعرابي وكافل أيضا مثل ضمين وضامن وفرق الليث بينهما فقال الكفيل الضامن والكافل هو الذي يعول إنسانا وينفق عليه والكفل وزان حمل الضعف من الأجر أو الإثم والكفل بفتحتين العجز . ا هـ .

                                                                                        وفي المغرب الكفيل الضامن وتركيبه دال على الضم والتضمن والكفالة ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة ا هـ .

                                                                                        الثاني : في معناها شرعا قد اختلف فيه وقد أشار إلى الأصح بقوله ( هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة ) الضم الجمع ومن الفقهاء من جعل الضمان مشتقا من الضم وهو غلط من جهة الاشتقاق ; لأن نون الضمان أصلية والضم لا نون فيه فهما مادتان مختلفتان كذا في المصباح والذمة العهد والأمان والضمان ، وقولهم في ذمتي كذا أي في ضماني والجمع ذمم مثل سدرة وسدر ، كذا في المصباح ، وقال الأصوليون : إن الآدمي يولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه وفي التحرير والذمة وصف شرعي به [ ص: 222 ] الأهلية لوجوب ماله وعليه وفسرها فخر الإسلام بالنفس والرقبة التي لها عهد والمراد أنها العهد فقولهم في ذمته أي في نفسه باعتبار عهدها من باب إطلاق الحال وإرادة المحل ا هـ .

                                                                                        والمطالبة من طالبته مطالبة وطلابا من باب قاتل ، كذا في المصباح وحاصله أن الكفيل والمكفول عنه صارا مطلوبين للمكفول له سواء كان المطلوب من أحدهما هو المطلوب من الآخر كما في الكفالة بالمال أو لا كما في الكفالة بالنفس فإن المطلوب من الأصيل المال ومن الكفيل إحضار النفس ولفظ المطالبة بإطلاقه ينتظمهما هذا على رأي بعضهم .

                                                                                        وجزم مسكين بأن المطلوب منهما واحد وهو تسليم النفس فإن المطلوب عليه تسليم نفسه والكفيل قد التزمه وقيد بالمطالبة لدفع قول من قال : إنها الضم في الدين فيثبت الدين في ذمة الكفيل من غير سقوط عن الأصيل ولم يرجح في المبسوط أحد القولين على الآخر وما يظن مانعا من لزوم صيرورة الدين الواحد دينين على هذا القول دفعه في المبسوط بأنه لا مانع ; لأنه لا يستوفي الأمن أحدهما كالغاصب مع غاصب الغاصب فإن كلا ضامن للقيمة وليس حق المالك إلا في قيمة واحدة ; لأنه لا يستوفي إلا من أحدهما واختياره تضمين أحدهما يوجب براءة الآخر فكذا هنا لكن هنا بالقبض لا بمجرد اختياره ومما يدل على ثبوت الدين في ذمة الكفيل أنه لو وهب الدين للكفيل صح ويرجع الكفيل به على الأصيل مع أن هبة الدين من غير من عليه الدين لا يصح .

                                                                                        والحاصل أن ثبوت الدين في الذمة اعتبار من الاعتبارات الشرعية فجاز أن يعتبر الشيء الواحد في ذمتين إنما يمتنع في عين تثبت في زمن واحد في طرفين حقيقيين ولكن المختار ما ذكره المصنف أنه في مجرد المطالبة لا الدين ; لأن اعتباره في ذمتين وإن أمكن شرعا لا يجب الحكم بوقوع كل ممكن إلا بموجب ولا موجب ; لأن التوثق يحصل بالمطالبة وهو لا يستلزم ولا بد من ثبوت اعتبار الدين في الذمة كالوكيل بالشراء يطالب بالثمن وهو في ذمة الموكل .

                                                                                        كذا في فتح القدير وكذا الوصي والولي والناظر يطالبون بما لزم دفعه ولا شيء في ذمتهم ، وكذا كل أمين يطالب برد الأمانة ولا شيء في ذمته وكذا سيد العبد المأذون المديون مطالب ببيعه أو فدائه ولا دين عليه ، وأما الجواب عن الهبة والإبراء فإنا جعلناه في حكم دينين تصحيحا لتصرف صاحب الحق وذلك عنده أما قبله فلا ضرورة ولا داعي إلى ذلك ، وفي فتح القدير ولا يخفى أن ما نقل من قول أبي حنيفة أن الدين فعل يقتضي أن يكون في ذمة الكفيل أيضا كما هو في ذمة الأصيل إذ فعل الأداء واجب عليه . ا هـ .

                                                                                        وقد يقال : إنما وجب عليه لإسقاط المطالبة عنه وأبو حنيفة إنما جعله فعلا لسقوطه عن الميت إذ لا يتأتى الفعل منه فلم تصح الكفالة عن ميت مفلس وليس مراده أن حقيقته الفعل ; لأنه وصف قائم بالذمة وإنما مراده أن المقصود منه الفعل كما لا يخفى وقد صرحوا في مواضع بأنه وصف ولذا قالوا الديون تقضى بأمثالها ; لأن ما في الذمة لا يمكن تسليمه وفي الإيضاح أخذا من الغاية أن تعريفها بالضم في الدين لا ينتظم الكفالة بالنفس والكفالة بالعين والكفالة بالفعل . ا هـ .

                                                                                        قلت : نعم لا يشمل لكن المعرف لها بذلك إنما أراد تعريف الكفالة بالمال فإن أصل الخلاف نشأ من أن الكفيل هل يثبت في ذمته المال أو لا ثم رأيت صاحب البدائع أشار إلى ذلك في بيان حكمها ولم يذكر الشارحون لهذا الاختلاف ثمرة فإن الاتفاق على أن الدين لا يستوفى إلا من أحدهما وأن الكفيل مطالب وأن هبة الدين له صحيحة ويرجع به على الأصيل ولو اشترى الطالب بالدين شيئا من الكفيل صح مع أن [ ص: 223 ] الشراء بالدين من غير من عليه الدين لا يصح ويمكن أن يقال أنها تظهر فيما إذا حلف الكفيل أن لا دين عليه فعلى الأصح لا يحنث وعلى الضعيف يحنث وجهد المقل دموعه وسيأتي عند قوله وبطل تعليق البراءة من الكفالة بالشرط ما يقتضي أن يكون ثمرة وفي الخانية رجل ادعى على غيره أنه ضمن له عن فلان الغائب كذا كذا درهما قال الشيخ الإمام يحلفه بالله ماله عليك هذا المال من الوجه الذي يدعي ، وعن أبي يوسف إن عرض المدعى عليه للقاضي فإنه يحلفه بالله ماله عليك هذا المال من الوجه الذي يدعي وإن لم يعرض حلفه بالله ما ضمن والتعريض أن يقول المدعى عليه أن الرجل قد يضمن مالا ثم يؤدي أو يبرئه الطالب أو يؤديه المضمون عنه فيبرأ الضامن . ا هـ .

                                                                                        وينبغي أن يكون قول الشيخ الإمام مفرعا على أنها للضم في الدين وما عن أبي يوسف مفرع على الأصح كما لا يخفى ومما يضعف أنها الضم في الدين أن المديون لو دفع الدين ثم كفل به إنسان قالوا لا يصح مع قولهم ببقاء الدين بعد الدفع وأن الساقط المطالبة بالألفاظ الآتية ولم يجعل أبو يوسف في قوله الأخير القبول ركنا فجعلها تتم بالكفيل وحده في المال والنفس الثالث في بيان ركنها قالوا : هو الإيجاب والقبول بالألفاظ الآتية ولم يجعل أبو يوسف في قوله الأخير القبول ركنها فجعلها تتم بالكفيل وحده في المال والنفس .

                                                                                        واختلف على قوله فقيل يتوقف على إجازة الطالب وقيل تنفذ ، وللطالب الرد وثمرة الخلاف فيما إذا مات المكفول له قبل القبول فمن قال بالتوقف قال لا يؤاخذ الكفيل الرابع في شرائطها وهي أربعة أنواع في الكفيل والأصيل والطالب والمكفول به ثم منها ما هو شرط الانعقاد ومنها ما هو شرط النفاذ ، أما شرائط الكفيل فالعقل والبلوغ وهما شرطان للانعقاد فلا ينعقد كفالة مجنون وصبي إلا إذا استدان الولي دينا في نفقة اليتيم وأمره بأن يضمن المال عنه فإنه صحيح ولو أمره بكفالة نفسه عنه لم يجز ; لأن ضمان الدين قد لزمه من غير شرط فالشرط لا يزيده إلا تأكيدا فلم يكن متبرعا فأما ضمان النفس وهو تسليم نفس الأب أو الوصي فلم يكن عليه [ ص: 224 ] فكان متبرعا به فلم يجز والحرية شرط نفاذها فلم ينفذ كفالة العبد ولو مأذونا له في التجارة ويؤاخذ بها بعد العتق بخلاف الصبي لا يؤاخذ بها بعد البلوغ لعدم انعقادها فإن أذن المولى لعبده فيها فإن كان مديونا لم يجز وإلا جازت وبيع فيها إلا إن فداه ولم تجز كفالة المكاتب عن أجنبي ولو أذن مولاه ويطالب بها بعد عتقه وتصح كفالة المكاتب والمأذون عن مولاهما .

                                                                                        ولا يشترط أن يكون الكفيل صحيحا فتصح كفالة المريض لكن من الثلث ; لأنها تبرع ، وأما شرائط الأصيل فالأول أن يكون قادرا على تسليم المكفول به إما بنفسه أو بنائبه فلم تصح الكفالة عن ميت مفلس الثاني أن يكون معلوما فلو كفل بما على واحد لم تصح ولا يشترط أن يكون حرا بالغا عاقلا ، وأما شرائط المكفول له فالأول - أن يكون معلوما ، الثاني - وجوده في مجلس العقد وهو شرط الانعقاد وقد تقدم في بيان الركن وتفرع على اشتراط قبوله أنه لا بد من عقله لا حريته ، وأما شرائط المكفول به : فالأول - أن يكون مضمونا على الأصيل دينا أو عينا أو نفسا أو فعلا ولكن يشترط في العين أن تكون مضمونة لنفسها . الثاني - أن يكون مقدور التسليم من الكفيل فلا تجوز بالحدود والقصاص . الثالث - أن يكون الدين لازما وهو خاص بالكفالة فلا تجوز الكفالة ببدل الكتابة ولا يشترط أن يكون معلوم القدر الكل من البدائع مختصرا .

                                                                                        الخامس في سببها قالوا سبب وجودها تضييق الطالب على المطلوب مع قصد الخارج دفعه عنه إما تقربا إلى الله تعالى أو إزالة للأذى عن نفسه إذا كان المطلوب ممن يهمه ما أهمه وسبب شرعيتها رفع هذه الحاجة والضرر الذي ذكرناه السادس في حكمها ففي البدائع لها حكمان أحدهما ثبوت مطالبة الكفيل بما على الأصيل فإن كان عليه دين طولب بكله الكفيل إن كان واحدا وإن كانا اثنين طولب كل واحد بنصفه ، وفي الكفالة بالنفس يطالب بإحضاره إن أمكن كما سيأتي والكفيل بالعين يطالب بتسليمها حال قيامها وببدلها حال هلاكها وبالتسليم يطالب بها وبالفعل جميعا وقدمنا أنه يصح اشتراط الخيار فيها أكثر من ثلاثة فيما يصح تعليقه وما لا يصح قبيل الصرف السابع في صفتها فهي عقد جائز به لازم وسيأتي أن له الرجوع عنها في مسألة بايع فلانا فما بايعته فهو على ، الثامن في محاسنها ومساوئها فمحاسنها جليلة وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ماله والمطلوب الخائف على نفسه فقد كفاهما مؤنة ما أهمهما وهو نعمة كبيرة عليهما ، ولذا كانت من الأفعال العالية حتى امتن الله بها حيث قال وكفلها زكريا في قراءة التشديد المتضمن للامتنان على مريم إذ جعل لها من يقوم بمصالحها ويقوم بها ومساوئها كما في المجتبى قال الامتناع عن التكفل أقرب إلى الاحتياط ; لأنه مكتوب في التوراة والزعامة أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها غرامة . ا هـ .

                                                                                        التاسع في أنواعها سيأتي أنها نوعان كفالة بالنفس وكفالة بالمال العاشر في دليلها قوله تعالى { ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } وقوله صلى الله عليه وسلم { الزعيم غارم } رواه أبو داود والترمذي وفي الدر المنثور الزعيم الكفيل وغارم من الغرم وهو أداء شيء لازم . ا هـ .

                                                                                        ويحتاج إلى معرفة أسامي أربعة المكفول عنه وهو المديون والمكفول له وهو الدائن والكفيل وهو [ ص: 225 ] الملتزم والمكفول به وهو الدين ويقال للمكفول بنفسه مكفول به ولا يقال مكفول عنه ، كذا في التتارخانية .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( كتاب الكفالة ) [ ص: 222 ] ( قوله : ثم رأيت صاحب البدائع إلخ ) قال الغزي قلت : ورأيت بخط قديم على حاشية شرح المجمع لابن مالك ما صورته وفائدة كون الكفالة ضم الذمة إلى الذمة في المطالبة لا في الدين على القول الأصح أنه إذا مات الكفيل بعد تعذر الاستيفاء من الأصيل يأخذ المطالب الدين من تركة الكفيل على قول بعض المشايخ لأنه مديون على قولهم ولا يأخذ على القول الأصح ; لأن حق الطالب على الكفيل في المطالبة فحسب وكذا إذا أبرأ الطالب الأصيل برئ الكفيل من غير عكس هذا على القول الصحيح ، وأما على قول بعض المشايخ فلا يبرأ كل واحد من الكفيل والأصيل بإبراء الطالب عن أحدهما بل له الأخذ من الكفيل إذا أبرأ الأصيل وكذا عكسه لأن كل واحد مديون ومطالب . ا هـ . بلفظه لكنه لم يعزه إلى كتاب فليحرر من الكتب المعتمدة والله تعالى أعلم . ا هـ .

                                                                                        كذا في حاشية الرملي أقول : وجهه ظاهر وسيأتي متنا أنه لو أبرأ الأصيل أو آخر عنه برئ الكفيل وتأخر عنه ولا ينعكس مع أن المصنف مشى على القول بأنها الضم في المطالبة وسيأتي هناك عن الغزي أيضا أن الذي في الكتب المعتمدة أن المال يحل بموت الكفيل وأنه يؤخذ من تركته [ ص: 223 ] ( قوله : وينبغي أن يكون قول الشيخ الإمام إلخ ) قال في النهر هذا وهم منشؤه توهم أن قوله ماله عليك هذا المال يفيد ما ادعاه وليس كذلك إذ معناه ماله عليك المطالبة به وكيف يصح على ما ادعاه أن يكون ما عن الثاني مفرعا على الأصح وهو يوافقه فيما إذا عرض المدعى عليه فتارة يفرع على الأول وتارة على الثاني ما هذا التواني .

                                                                                        ( قوله : الثالث في بيان ركنها قالوا هو الإيجاب والقبول ) قال الرملي أقول : أي عندهما وهو قول أبي يوسف أولا حتى أنها لا تتم بالكفيل وحده ما لم يوجد قبول المكفول له أو قبول أجنبي عنه في مجلس العقد أو خطاب المكفول له أو خطاب أجنبي عنه بأن قال الطالب اكفل بنفس فلان لي فقال كفلت أو قال رجل أجنبي لغيره اكفل بنفس فلان أو قال عن فلان لفلان فيقول ذلك الغير كفلت تصح الكفالة وتقف على ما وراء المجلس على إجازة المكفول له وللكفيل أن يخرج نفسه عن الكفالة قبل أن يجيز الغائب كفالته ، أما إذا لم يوجد شيء من ذلك فقال الكفيل كفلت بنفس فلان لفلان أو بما لفلان على فلان من الديون فإنها لا تقف على ما وراء المجلس حتى لو بلغ الطالب فقبل لم تصح تتارخانية ، وفي جامع الفصولين الكفالة للصبي لم تجز قيل له هو حجر على المضار لا المنافع بدليل قبول الهدية والصدقة وفي هذا منفعة فتجوز قال الهبة والصدقة تصح بالفعل وفعله معتبر ، وأما هنا فلا بد من قول وقوله لم يعتبر ، كذا ذكره في الكفالة وذكر في الأحكام لو كان الصبي تاجرا صحت الكفالة ولو خاطب عنه أجنبي وقبل عنه توقفت على إجازة وكيله فإن لم يخاطب أجنبي ولا وليه وإنما خاطب الصبي عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا تصح وعند أبي يوسف تصح . ا هـ .

                                                                                        والولي الأب أو الجد عند عدمه أو الوصي من أحدهما أو القاضي لولا أب ولا جد ولا وصي منهما . ( قوله : وثمرة الخلاف إلخ ) قال الرملي يفهم منه أنه لا يشترط على قوله في المجلس بل يصح قبل موته ويفهم منه أيضا صحته على قوله ولو بعد موت الكفيل والمكفول عنه تأمل . ( قوله : إلا إذا استدان الولي دينا إلخ ) قال في النهر ثم رأيته في المحيط عزا المسألة إلى المبسوط ولفظه في كفالة الصبي ، وإذا استدان له أبوه أو وصيه وأمر أن يكفل عنه في الدين وبنفسه جازت الكفالة بالدين دون النفس ; لأن الأب أو الوصي متى استدان على الصبي للنفقة كان لهما الرجوع بذلك في مال الصبي فكان أداء الدين على الصبي إلا أن الوصي ينوب عنه في الأداء فإذا أمر بالضمان فقد أذن له بالأداء وهو يملك الأداء بإذنه فيجب عليه الأداء فلم يكن هذا الضمان تبرعا . ا هـ .

                                                                                        وهو صريح في أن الصبي يطالب بهذا المال بموجب الكفالة ولولاها لكان الطلب إنما هو على الولي وبهذا التقرير بطل قول عصري هذا الاستثناء مستدرك بل لا تصح كفالة الصبي مطلقا فتدبره . ا هـ .

                                                                                        قلت : ومثل ما نقله عن المحيط مذكور في الولوالجية [ ص: 224 ]

                                                                                        ( قوله : وتصح كفالة المكاتب والمأذون عن مولاهما ) قال في النهر وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا كانت بأمره ثم رأيته كذلك في عقد الفرائد معزيا إلى المبسوط حيث قال وكفالة العبد التاجر عن سيده بمال أو بنفسه بغير إذنه باطل . ( قوله : الثاني أن يكون معلوما ) قال الرملي ، وأما المكفول عنه فسيأتي قريبا في الحاشية نقلا عن التتارخانية أنهما لو شهدا أنه كفل لهذا الرجل بنفس رجل نعرفه بوجهه ولكن لا نعرفه باسمه فهو جائز وإن قال اكفل بنفس رجل لا نعرفه لا بوجهه ولا باسمه فالشهادة جائزة وإن هذه المسألة دليل على أنه لا يشترط تسمية المكفول عنه وذكر نسبه تأمل . ( قوله : فالأول أن يكون مضمونا على الأصيل ) قال الرملي يعلم بذلك جواب واقعة الفتوى وهي الكفالة بالمسلم فيه في السلم الفاسد وهو عدم صحتها ; لأن المكفول به غير مضمون على الأصل وسيأتي أن الكفالة بالمال شرطها أن يكون الدين صحيحا وسيأتي في شرح قوله وصح لو ثمنا أنه لو كفل بالثمن ثم ظهر فساد البيع يرجع الكفيل بما دفعه وكيف صح به وهو لا يطالب به الأصل فأنى يطالب به الكفيل تأمل .

                                                                                        ( قوله : فلا تجوز ببدل الكتابة ) قال في النهر وينبغي أن يكون من ذلك الكفالة بنفقة الزوجة قبل القضاء بها أو المضي لما قدمناه من أنها لا تصير دينا إلا بها وبدل الكتابة دين إلا أنه ضعيف ولا تصح الكفالة به فما ليس دينا أولى وقد أفتيت به . ( قوله : والكفيل وهو الملتزم ) قال الرملي ويسمى الملتزم لذلك ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وكافلا وكفيلا وصبيرا وقبيلا قال الماوردي غير أن العرف جار بأن الضمين مستعمل في الأموال والحميل في الديات والزعيم في الأموال [ ص: 225 ] العظام والكفيل في النفوس والصبير في الجميع وكالضمين فيما قاله الضامن وكالكفيل الكافل وكالصبير القبيل قال أبو حيان في صحيحه والزعيم لغة أهل المدينة والحميل لغة أهل مصر والكفيل لغة أهل العراق ، كذا في شرح الروض لشيخ الإسلام زكريا . ( قوله : ولا يقال مكفول عنه ) قال الرملي قد وجدنا بعضهم يقوله وسيأتي قريبا فيما كتبناه في الحاشية نقلا عن التتارخانية بعزوه للذخيرة .




                                                                                        الخدمات العلمية