الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا [6]

                                                                                                                                                                                                                                        الفعل من هذا وقى يقي عند جميع النحويين والأصل عندهم وقى يوقي ثم اختلفوا في العلة لحذف الواو ، فقال البصريون : حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ، وهي ساكنة ولم تحذف في يؤجل ، لأن بعدها فتحة والفتحة لا تستثقل ، وقال الكوفيون : حذفت الواو للفعل المتعدي وأثبت في اللازم فرقا فقالوا في المتعدي وعد يعد وفي اللازم وجل يوجل ، وعارضوا البصريين بقول العرب وسع يسع فحذفت الواو بعدها فتحة [ ص: 463 ] وكذا ولغ يلغ والاحتجاج للبصريين أن الأصل وسع يوسع وحذفت الواو لما تقدم وفتحت السين؛ لأن فيه حرفا من حروف الحلق ، وقال الكوفيون : حذفت الواو لأنه فعل متعد ورد عليهم البصريون بقول العرب : ورم يرم فهذا لازم قد حذفت منه الواو وكذا يثق فقد انكسر قولهم أنه إنما يحذف من المتعدي . قال أبو جعفر : وهذا رد بين ولو جاء "قوا" على الأصل لكان ايقيوا ( أنفسكم) منصوب بقوا ، كما يقال : أكرم نفسك ولا يجوز أكرمك فقول سيبويه : لأنهم استغنوا عنه بقولهم : أكرم نفسك ، وقال محمد بن يزيد : لم يجز هذا؛ لأنه لا يكون الشيء فاعلا مفعولا في حال . فأما الكوفيون فخلطوا في هذه فمرة يقولون : لا يجوز كما يقول البصريون ، ومرة يحكون عن العرب إجازته حكوا عدمتني ، ولا يجيز البصريون من هذا شيئا . "وأهليكم" في موضع نصب معطوف على أنفسكم . ومن مسائل الفراء في "وأهليكم" لم صار مسكنا وهو في موضع النصب؟ فالجواب أن الياء علامة النصب كقولك : رأيت الزيدين وحذفت النون للإضافة وحكى الفراء أن من العرب من يقول : أهله في المؤنث "نارا" مفعول ثان ( وقودها الناس ) مبتدأ وخبره في موضع نصب نعت للنار ( والحجارة ) عطف على الناس ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) أي غلاظ على العصاة أشداء [ ص: 464 ] عليهم ، وقيل : "شداد" أقوياء ( لا يعصون الله ما أمرهم ) مفعولان على حذف الحرف أي فيما أمرهم ( ويفعلون ما يؤمرون ) وحذف المضمر الذي يعود على "ما" وإن جعلتها مصدرا لم تحتج إلى عائد .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية