nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29027_29680فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=9وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10والسابقون السابقون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أولئك المقربون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=12في جنات النعيم قد علمت عند تفسير قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إذا وقعت الواقعة الوجه في متعلق إذا ، وإذ قد وقع قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=7وكنتم أزواجا ثلاثة عطفا على الجمل التي أضيف إليها ( إذا ) من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=4إذا رجت الأرض رجا كان هو محط القصد من التوقيت ب إذا الثانية الواقعة بدلا من إذا الأولى وكلتاهما مضمن معنى الشرط ، فكأن هذا في معنى الجزاء ، فلك أن تجعل الفاء لربط الجزاء مع التفصيل للإجمال ، وتكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8فأصحاب الميمنة جوابا ل إذا الثانية آئلا إلى كونه جوابا ل إذا الأولى لأن الثانية مبدلة منها ، ولذلك جاز أن يكون هذا هو جواب إذا الأولى فتكون الفاء مستعملة في معنييها كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2ليس لوقعتها كاذبة .
وقد أفاد التفصيل أن الأصناف ثلاثة : صنف منهم أصحاب الميمنة ، وهم الذين يجعلون في الجهة اليمنى في الجنة أو في المحشر . واليمين جهة عناية وكرامة في العرف ، واشتقت من اليمن ، أي البركة .
وصنف أصحاب المشأمة ، وهي اسم جهة مشتقة من الشؤم ، وهو ضد اليمن فهو الضر وعدم النفع وقد سمي في الآية الآتية : أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، فجعل الشمال ضد اليمين كما جعل المشأمة هنا ضد الميمنة إشعارا بأن حالهم حال شؤم وسوء ، وكل ذلك مستعار لما عرف في كلام العرب من
[ ص: 286 ] إطلاق هذين اللفظين على هذا المعنى الكنائي الذي شاع حتى ساوى الصريح ، وأصله جاء من الزجر والعيافة إذ كانوا يتوقعون حصول خير من أغراضهم من مرور الطير أو الوحش من يمين الزاجر إلى يساره ويتوقعون الشر من مروره بعكس ذلك ، وقد تقدم تفصيله عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين في سورة الصافات ، وتقدم شيء منه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131يطيروا بموسى ومن معه في سورة الأعراف ، وعند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قالوا إنا تطيرنا بكم في سورة يس .
ولذلك استغني هنا عن الإخبار عن كلا الفريقين بخبر فيه وصف بعض حاليهما بذكر ما هو إجمال لحاليهما مما يشعر به ما أضيف إليه أصحابه من لفظي الميمنة والمشأمة ، بطريقة الاستفهام المستعمل في التعجيب من حال الفريقين في السعادة والشقاوة ، وهو تعجيب ترك على إبهامه هنا لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن من الخير والشر ، ف ما في الموضعين اسم استفهام .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8أصحاب الميمنة و
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=9وأصحاب المشأمة خبران عن ما في الموضعين كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=1الحاقة ما الحاقة ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=1القارعة ما القارعة .
وإظهار لفظي أصحاب الميمنة و أصحاب المشأمة بعد الاستفهامين دون الإتيان بضميريهما . لأن مقام التعجب والتشهير يقتضي الإظهار بمقام قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=10وما أدراك ما هيه .
وقوله والسابقون هذا الصنف الثالث في العد وهم الصنف الأفضل من الأصناف الثلاثة ، ووصفهم بالسبق يقتضي أنهم سابقون أمثالهم من المحسنين الذين عبر عنهم بأصحاب الميمنة فهم سابقون إلى الخير ، فالناس لا يتسابقون إلا لنوال نفيس مرغوب لكل الناس ، وأما الشر والضر فهم يتكعكعون عنه .
وحقيقة السبق : وصول أحد مكانا قبل وصول أحد آخر . وهو هنا مستعمل على سبيل الاستعارة ، وقد جمع المعنيين قول
النابغة :
سبقت الرجال الباهشين إلى العلا كسبق الجواد اصطاد قبل الظوارد
فيجوز أن يكون السابقون مستعملا في المبادرة والإسراع إلى الخير في
[ ص: 287 ] الدين كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار في سورة براءة .
ويجوز أن يكون مستعملا في المغالبة في تحصيل الخير كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=61أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون في سورة المؤمنين .
وقوله السابقون ثانيا يجوز جعله خبرا عن السابقون الأول كما أخبر عن أصحاب الميمنة بأنهم
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8ما أصحاب الميمنة لأنه يدل على وصفهم بشيء لا يكتنه كنهه بحيث لا يفي به التعبير بعبارة غير تلك الصفة إذ هي أقصى ما يسعه التعبير ، فإذا أراد السامع أن يتصور صفاتهم فعليه أن يتدبر حالهم ، وهذا على طريقة قوله وأولئك هم المفلحون . ويجوز جعله تأكيدا للأول . فمآل جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8ما أصحاب الميمنة ونظيرتها وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10والسابقون السابقون هو التعجب من حالهم وطريقه هو الكناية ولكن بين الكنايتين فرقا بأن إحداهما كانت من طريق السؤال عن الوصف ، والأخرى من طريق تعذر التعبير بغير ذلك الوصف .
والمعنى : أن حالهم بلغت منتهى الفضل والرفعة بحيث لا يجد المتكلم خبرا يخبر به عنهم أدل على مرتبتهم من اسم السابقون فهذا الخبر أبلغ في الدلالة على شرف قدرهم من الإخبار ب ما الاستفهامية التعجيبية في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8ما أصحاب الميمنة ، وهذا مثل قول
أبي الطمحان القيني :
وإني من القوم الذين همو همو إذا مات منهم سيد قام صاحبه
مع ما في اشتقاق لقبهم من السبق من الدلالة على بلوغهم أقصى ما يطلبه الطالبون .
وحذف متعلق السابقون في الآية لقصد جعل وصف السابقون بمنزلة اللقب لهم ، وليفيد العموم ، أي أنهم سابقون في كل ميدان تتسابق إليه النفوس الزكية كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=26وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، فهؤلاء هم السابقون إلى الإيمان بالرسل وهم الذين صحبوا الرسل والأنبياء وتلقوا منهم شرائعهم ، وهذا الصنف يوجد في جميع العصور من القدم ، ومستمر في الأمم إلى الأمة المحمدية
[ ص: 288 ] وليس صنفا قد انقضى وسبق الأمة المحمدية . وأخر السابقون في الذكر عن أصحاب اليمين لتشويق السامعين إلى معرفة صنفهم بعد أن ذكر الصنفان الآخران من الأصناف الثلاثة ترغيبا في الاقتداء وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أولئك المقربون في جنات النعيم ، مستأنفة استئنافا بيانيا لأنها جواب عما يثيره قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10والسابقون السابقون من تساؤل السامع عن أثر التنويه بهم .
وبذلك كان هذا ابتداء تفصيل لجزاء أصناف الثلاثة على طريقة النشر بعد اللف ، نشرا مشوشا تشويشا اقتضته مناسبة اتصال المعاني بالنسبة إلى كل صنف أقرب ذكرا ، ثم مراعاة الأهم بالنسبة إلى الصنفين الباقيين فكان بعض الكلام آخذا بحجز بعض .
والمقرب : أبلغ من الغريب لدلالة صيغته على الاصطفاء والاجتباء ، وذلك قرب مجازي ، أي شبه بالقرب في ملابسة القريب والاهتمام بشئونه فإن المطيع لمجاهدته في الطاعة يكون كالمتقرب إلى الله ، أي طالب القرب منه فإذا بلغ مرتبة عالية من ذلك قربه الله ، أي عامله معاملة المقرب المحبوب ، كما جاء
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002550ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وكل هذه الأوصاف مجازية تقريبا لمعنى التقريب .
ولم يذكر متعلق المقربون لظهور أنه مقرب من الله ، أي من عنايته وتفضيله ، وكذلك لم يذكر زمان التقريب ولا مكانه لقصد تعميم الأزمان والبقاع الاعتبارية في الدنيا والآخرة .
وفي جعل المسند إليه اسم إشارة تنبيه على أنهم أحرياء بما يخبر عنه من أجل الوصف الوارد قبل اسم الإشارة وهو أنهم سابقون على نحو ما تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم في سورة البقرة .
[ ص: 289 ] وقوله في جنات النعيم خبر ثان عن
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أولئك المقربون أو حال منه .
وإيقاعه بعد وصف المقربون مشير إلى أن مضمونه من آثار التقريب المذكور .
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=29027_29680فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=9وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=12فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ قَدْ عَلِمْتَ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=1إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ الْوَجْهَ فِي مُتَعَلِّقِ إِذَا ، وَإِذْ قَدْ وَقَعَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=7وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً عَطْفًا عَلَى الْجُمَلِ الَّتِي أُضِيفَ إِلَيْهَا ( إِذَا ) مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=4إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا كَانَ هُوَ مَحَطَّ الْقَصْدِ مِنَ التَّوْقِيتِ بِ إِذَا الثَّانِيَةِ الْوَاقِعَةِ بَدَلًا مَنْ إِذَا الْأُولَى وَكِلْتَاهُمَا مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ ، فَكَأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الْجَزَاءِ ، فَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْفَاءَ لِرَبْطِ الْجَزَاءِ مَعَ التَّفْصِيلِ لِلْإِجْمَالِ ، وَتَكُونُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ جَوَابًا لِ إِذَا الثَّانِيَةِ آئِلًا إِلَى كَوْنِهِ جَوَابًا لِ إِذَا الْأُولَى لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مُبْدَلَةٌ مِنْهَا ، وَلِذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ جَوَابُ إِذَا الْأُولَى فَتَكُونُ الْفَاءُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَيَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=2لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ .
وَقَدْ أَفَادَ التَّفْصِيلُ أَنَّ الْأَصْنَافَ ثَلَاثَةٌ : صِنْفٌ مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ، وَهُمُ الَّذِينَ يُجْعَلُونَ فِي الْجِهَةِ الْيُمْنَى فِي الْجَنَّةِ أَوْ فِي الْمَحْشَرِ . وَالْيَمِينُ جِهَةُ عِنَايَةٍ وَكَرَامَةٍ فِي الْعُرْفِ ، وَاشْتُقَّتْ مِنَ الْيُمْنِ ، أَيِ الْبَرَكَةِ .
وَصِنْفٌ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ، وَهِيَ اسْمُ جِهَةٍ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الشُّؤْمِ ، وَهُوَ ضِدُّ الْيُمْنِ فَهُوَ الضُّرُّ وَعَدَمُ النَّفْعِ وَقَدْ سُمِّيَ فِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ : أَصْحَابَ الْيَمِينِ وَأَصْحَابَ الشِّمَالِ ، فَجُعِلَ الشَّمَالُ ضِدَّ الْيَمِينِ كَمَا جُعِلَ الْمَشْأَمَةُ هُنَا ضِدَّ الْمَيْمَنَةِ إِشْعَارًا بِأَنَّ حَالَهُمْ حَالُ شُؤْمٍ وَسُوءٍ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُسْتَعَارٌ لِمَا عُرِفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ
[ ص: 286 ] إِطْلَاقِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْكِنَائِيِّ الَّذِي شَاعَ حَتَّى سَاوَى الصَّرِيحَ ، وَأَصْلُهُ جَاءَ مِنَ الزَّجْرِ وَالْعِيَافَةِ إِذْ كَانُوا يَتَوَقَّعُونَ حُصُولَ خَيْرٍ مِنْ أَغْرَاضِهِمْ مِنْ مُرُورِ الطَّيْرِ أَوِ الْوَحْشِ مِنْ يَمِينِ الزَّاجِرِ إِلَى يَسَارِهِ وَيَتَوَقَّعُونَ الشَّرَّ مِنْ مُرُورِهِ بِعَكْسِ ذَلِكَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، وَعِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=18قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ فِي سُورَةِ يس .
وَلِذَلِكَ اسْتُغْنِيَ هُنَا عَنِ الْإِخْبَارِ عَنْ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ بِخَبَرٍ فِيهِ وَصْفُ بَعْضِ حَالَيْهِمَا بِذِكْرِ مَا هُوَ إِجْمَالٌ لِحَالَيْهِمَا مِمَّا يَشْعُرُ بِهِ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ مِنْ لَفْظَيِ الْمَيْمَنَةِ وَالْمَشْأَمَةِ ، بِطَرِيقَةِ الْاِسْتِفْهَامِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي التَّعَجِيبِ مِنْ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ فِي السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ ، وَهُوَ تَعْجِيبٌ تُرِكَ عَلَى إِبْهَامِهِ هُنَا لِتَذْهَبَ نَفْسُ السَّامِعِ كُلُّ مَذْهَبٍ مُمْكِنٍ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، فَ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ اسْمُ اسْتِفْهَامٍ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ و
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=9وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ خَبَرَانِ عَنْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=1الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ ، وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=1الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ .
وَإِظْهَارُ لَفْظَيْ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ و أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ بَعْدَ الْاِسْتِفْهَامَيْنِ دُونَ الْإِتْيَانِ بِضَمِيرَيْهِمَا . لِأَنَّ مَقَامَ التَّعَجُّبِ وَالتَّشْهِيرِ يَقْتَضِي الْإِظْهَارَ بِمَقَامِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=10وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ .
وَقَوْلُهُ وَالسَّابِقُونَ هَذَا الصِّنْفُ الثَّالِثُ فِي الْعَدِّ وَهُمُ الصِّنْفُ الْأَفْضَلُ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ ، وَوَصْفُهُمْ بِالسَّبْقِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ سَابِقُونَ أَمْثَالُهُمْ مِنَ الْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ عَبَّرَ عَنْهُمْ بِأَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ فَهُمْ سَابِقُونَ إِلَى الْخَيْرِ ، فَالنَّاسُ لَا يَتَسَابَقُونَ إِلَّا لِنَوَالِ نَفِيسٍ مَرْغُوبٍ لِكُلِّ النَّاسِ ، وَأَمَّا الشَّرُّ وَالضُّرُّ فَهُمْ يَتَكَعْكَعُونَ عَنْهُ .
وَحَقِيقَةُ السَّبْقِ : وُصُولُ أَحَدٍ مَكَانًا قَبْلَ وُصُولِ أَحَدٍ آخَرَ . وَهُوَ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ عَلَى سَبِيلِ الْاِسْتِعَارَةِ ، وَقَدْ جَمَعَ الْمَعْنَيَيْنِ قَوْلُ
النَّابِغَةِ :
سَبَقْتَ الرِّجَالَ الْبَاهِشِينَ إِلَى الْعُلَا كَسَبْقِ الْجَوَادِ اصْطَادَ قَبْلَ الظَّوَارِدِ
فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السَّابِقُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمُبَادَرَةِ وَالْإِسْرَاعِ إِلَى الْخَيْرِ فِي
[ ص: 287 ] الدِّينِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=100وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٍ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْمُغَالَبَةِ فِي تَحْصِيلِ الْخَيْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=61أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ .
وَقَوْلُهُ السَّابِقُونَ ثَانِيًا يَجُوزُ جَعْلُهُ خَبَرًا عَنِ السَّابِقُونَ الْأَوَّلِ كَمَا أَخْبَرَ عَنْ أَصْحَابِ الْمَيْمَنَةِ بِأَنَّهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وَصْفِهِمْ بِشَيْءٍ لَا يَكْتَنِهُ كُنْهَهُ بِحَيْثُ لَا يَفِي بِهِ التَّعْبِيرُ بِعِبَارَةٍ غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ إِذْ هِيَ أَقْصَى مَا يَسَعُهُ التَّعْبِيرُ ، فَإِذَا أَرَادَ السَّامِعُ أَنْ يَتَصَوَّرَ صِفَاتَهَمْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَدَبَّرَ حَالَهُمْ ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَيَجُوزُ جَعْلُهُ تَأْكِيدًا لِلْأَوَّلِ . فَمَآلُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَنَظِيرَتُهَا وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ هُوَ التَّعَجُّبُ مِنْ حَالِهِمْ وَطَرِيقُهُ هُوَ الْكِنَايَةُ وَلَكِنَّ بَيْنَ الْكِنَايَتَيْنِ فَرْقًا بِأَنَّ إِحْدَاهُمَا كَانَتْ مِنْ طَرِيقِ السُّؤَالِ عَنِ الْوَصْفِ ، وَالْأُخْرَى مِنْ طَرِيقِ تَعَذُّرِ التَّعْبِيرِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْوَصْفِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ حَالَهُمْ بَلَغَتْ مُنْتَهَى الْفَضْلِ وَالرِّفْعَةِ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ الْمُتَكَلِّمُ خَبَرًا يُخْبِرُ بِهِ عَنْهُمْ أَدَلَّ عَلَى مَرْتَبَتِهِمْ مِنَ اسْمِ السَّابِقُونَ فَهَذَا الْخَبَرُ أَبْلَغُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى شَرَفِ قَدْرِهِمْ مِنَ الْإِخْبَارِ بِ مَا الْاِسْتِفْهَامِيَّةُ التَّعَجِيبِيَّةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=8مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ
أَبِي الطَّمَحَانِ الْقَيْنِيِّ :
وَإِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ هُمُو هُمُو إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ قَامَ صَاحِبُهُ
مَعَ مَا فِي اشْتِقَاقِ لَقَبِهِمْ مِنَ السَّبْقِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى بُلُوغِهِمْ أَقْصَى مَا يَطْلُبُهُ الطَّالِبُونَ .
وَحَذْفُ مُتَعَلِّقِ السَّابِقُونَ فِي الْآيَةِ لِقَصْدِ جَعْلِ وَصْفِ السَّابِقُونَ بِمَنْزِلَةِ اللَّقَبِ لَهُمْ ، وَلِيُفِيدَ الْعُمُومَ ، أَيْ أَنَّهُمْ سَابِقُونَ فِي كُلِّ مَيْدَانٍ تَتَسَابَقُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ الزَّكِيَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=26وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ، فَهَؤُلَاءِ هُمُ السَّابِقُونَ إِلَى الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ وَهُمُ الَّذِينَ صَحِبُوا الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَتَلَقَّوْا مِنْهُمْ شَرَائِعَهُمْ ، وَهَذَا الصِّنْفُ يُوجَدُ فِي جَمِيعِ الْعُصُورِ مِنَ الْقَدَمِ ، وَمُسْتَمِرٌّ فِي الْأُمَمِ إِلَى الْأُمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ
[ ص: 288 ] وَلَيْسَ صِنْفًا قَدِ انْقَضَى وَسَبَقَ الْأُمَّةَ الْمُحَمَّدِيَّةَ . وَأُخِّرَ السَّابِقُونَ فِي الذِّكْرِ عَنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ لِتَشْوِيقِ السَّامِعِينَ إِلَى مَعْرِفَةِ صِنْفِهِمْ بَعْدَ أَنْ ذُكِرَ الصِّنْفَانِ الْآخَرَانِ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ تَرْغِيبًا فِي الْاِقْتِدَاءِ وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ، مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِأَنَّهَا جَوَابٌ عَمَّا يُثِيرُهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=10وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ مِنْ تَسَاؤُلِ السَّامِعِ عَنْ أَثَرِ التَّنْوِيهِ بِهِمْ .
وَبِذَلِكَ كَانَ هَذَا ابْتِدَاءَ تَفْصِيلٍ لِجَزَاءِ أَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ عَلَى طَرِيقَةِ النَّشْرِ بَعْدَ اللَّفِّ ، نَشْرًا مُشَوَّشًا تَشْوِيشًا اقْتَضَتْهُ مُنَاسِبَةُ اتِّصَالِ الْمَعَانِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ صِنْفٍ أَقْرَبَ ذِكْرًا ، ثُمَّ مُرَاعَاةُ الْأَهَمِّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصِّنْفَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ فَكَانَ بَعْضُ الْكَلَامِ آخِذًا بِحُجُزِ بَعْضٍ .
وَالْمُقَرَّبُ : أَبْلَغُ مِنَ الْغَرِيبِ لِدَلَالَةِ صِيغَتِهِ عَلَى الْاِصْطِفَاءِ وَالْاِجْتِبَاءِ ، وَذَلِكَ قُرْبٌ مَجَازِيٌّ ، أَيْ شُبِّهَ بِالْقُرْبِ فِي مُلَابَسَةِ الْقَرِيبِ وَالْاِهْتِمَامِ بِشُئُونِهِ فَإِنَّ الْمُطِيعَ لِمُجَاهَدَتِهِ فِي الطَّاعَةِ يَكُونُ كَالْمُتَقَرِّبِ إِلَى اللَّهِ ، أَيْ طَالِبِ الْقُرْبِ مِنْهُ فَإِذَا بَلَغَ مَرْتَبَةً عَالِيَةً مِنْ ذَلِكَ قَرَّبَهُ اللَّهُ ، أَيْ عَامَلَهُ مُعَامَلَةَ الْمُقَرَّبِ الْمَحْبُوبِ ، كَمَا جَاءَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002550وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبُّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلُهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَكُلُّ هَذِهِ الْأَوْصَافِ مَجَازِيَّةٌ تَقْرِيبًا لِمَعْنَى التَّقْرِيبِ .
وَلَمْ يَذْكُرْ مُتَعَلِّقَ الْمُقَرَّبُونَ لِظُهُورِ أَنَّهُ مُقَرَّبٌ مِنَ اللَّهِ ، أَيْ مِنْ عِنَايَتِهِ وَتَفْضِيلِهِ ، وَكَذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ زَمَانُ التَّقْرِيبِ وَلَا مَكَانُهُ لِقَصْدِ تَعْمِيمِ الْأَزْمَانِ وَالْبِقَاعِ الْاِعْتِبَارِيَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
وَفِي جَعْلِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ اسْمَ إِشَارَةٍ تَنْبِيهً عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرِيَاءُ بِمَا يُخْبِرُ عَنْهُ مِنْ أَجْلِ الْوَصْفِ الْوَارِدِ قَبْلَ اسْمِ الْإِشَارَةِ وَهُوَ أَنَّهُمْ سَابِقُونَ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
[ ص: 289 ] وَقَوْلُهُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=11أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ أَوْ حَالٌ مِنْهُ .
وَإِيقَاعُهُ بَعْدَ وَصْفِ الْمُقَرَّبُونَ مُشِيرٌ إِلَى أَنَّ مَضْمُونَهُ مِنْ آثَارِ التَّقْرِيبِ الْمَذْكُورِ .