الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .

وقوله قالت رب جملة معترضة ، من كلامها ، بين كلام الملائكة .

والنداء للتحسر وليس للخطاب : لأن الذي كلمها هو الملك ، وهي قد توجهت إلى الله .

والاستفهام في قوله أنى يكون لي ولد للإنكار والتعجب ولذلك أجيب جوابين أحدهما كذلك الله يخلق ما يشاء فهو لرفع إنكارها ، والثاني إذا قضى أمرا إلخ ، لرفع تعجبها .

وجملة قال كذلك الله يخلق إلخ جواب استفهامها ولم تعطف لأنها جاءت على طريقة المحاورات كما تقدم في قوله تعالى : قالوا أتجعل فيها وما بعدها في سورة البقرة والقائل لها هو الله تعالى بطريق الوحي .

واسم الإشارة في قوله : " كذلك " راجع إلى معنى المذكور في قوله : إن الله يبشرك بكلمة منه إلى قوله " وكهلا " أي مثل ذلك الخلق المذكور يخلق الله ما يشاء .

وتقديم اسم الجلالة على الفعل في قوله الله يخلق لإفادة تقوي الحكم وتحقيق الخبر .

[ ص: 249 ] وعبر عن تكوين الله لعيسى بفعل " يخلق " لأنه إيجاد كائن من غير الأسباب المعتادة لإيجاد مثله ، فهو خلق أنف غير ناشئ عن أسباب إيجاد الناس ، فكان لفعل " يخلق " هنا موقع متعين ، فإن الصانع إذا صنع شيئا من مواد معتادة وصنعة معتادة ، لا يقول خلقت وإنما يقول صنعت .

التالي السابق


الخدمات العلمية