nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين .
ظاهر استعمال أمثال قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون أن يكون استفهاما مستعملا
[ ص: 370 ] في التوبيخ والتعجيب ، وهو الذي يناسب كون الأمر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136آمنوا بالله ورسوله مستعملا في الطلب لا في الدوام .
وتكون جملة " لا تؤمنون " حالا من الضمير المستتر في الكون المتعلق به الجار والمجرور كما تقول : ما لك قائما ؟ بمعنى ما تصنع في حال القيام . والتقدير : وما لكم كافرين بالله ، أي : ما حصل لكم في حالة عدم الإيمان .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8والرسول يدعوكم حال ثانية ، والواو واو الحال لا العطف ، فهما حالان متداخلان . والمعنى : ماذا يمنعكم من الإيمان وقد بين لكم الرسول من آيات القرآن ما فيه بلاغ وحجة على أن الإيمان بالله حق فلا عذر لكم في عدم الإيمان بالله فقد جاءتكم بينات حقيته فتعين أن إصراركم على عدم الإيمان مكابرة وعناد .
وعلى هذا الوجه فالميثاق المأخوذ عليهم هو ميثاق من الله ، أي : ما يماثل الميثاق من إيداع الإيمان بوجود الله وبوحدانيته في الفطرة البشرية فكأنه ميثاق قد أخذ على كل واحد من الناس في الأزل وشرط التكوين فهو ناموس فطري . وهذا إشارة إلى قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى وقد تقدم في سورة الأعراف .
فضمير " أخذ " عائد إلى اسم الجلالة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله والمعنى : أن النفوس لو خلت عن العناد وعن التمويه وعن التضليل كانت منساقة إلى إدراك
وجود الصانع ووحدانيته وقد جاءهم من دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يكشف عنهم ما غشى على إدراكهم من دعاء أئمة الكفر والضلال .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إن كنتم مؤمنين مستأنفة ، وجواب الشرط محذوف دل عليه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم .
واسم الفاعل في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إن كنتم مؤمنين مستعمل في المستقبل بقرينة وقوعه في سياق الشرط ، أي : فقد حصل ما يقتضي أن تؤمنوا من السبب الظاهر والسبب الخفي المرتكز في الجبلة .
[ ص: 371 ] ويرجح هذا المعنى أن ظاهر الأمر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمنوا بالله ورسوله أنه لطلب إيجاد الإيمان كما تقدم في تفسيرها وأن الآية مكية .
وقرأ الجمهور " أخذ " بالبناء للفاعل ونصب " ميثاقكم " على أن الضمير عائد إلى اسم الجلالة ، وقرأه
أبو عمرو ( أخذ ) بالبناء للنائب ورفع ( ميثاقكم ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
ظَاهِرُ اسْتِعْمَالِ أَمْثَالِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا مُسْتَعْمَلًا
[ ص: 370 ] فِي التَّوْبِيخِ وَالتَّعْجِيبِ ، وَهُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ كَوْنَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=136آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي الطَّلَبِ لَا فِي الدَّوَامِ .
وَتَكُونُ جُمْلَةُ " لَا تُؤْمِنُونَ " حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الْكَوْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ كَمَا تَقُولُ : مَا لَكَ قَائِمًا ؟ بِمَعْنَى مَا تَصْنَعُ فِي حَالِ الْقِيَامِ . وَالتَّقْدِيرُ : وَمَا لَكُمْ كَافِرِينَ بِاللَّهِ ، أَيْ : مَا حَصَلَ لَكُمْ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْإِيمَانِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ حَالٌ ثَانِيَةٌ ، وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ لَا الْعَطْفِ ، فَهُمَا حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ . وَالْمَعْنَى : مَاذَا يَمْنَعُكُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَقَدْ بَيَّنَ لَكُمُ الرَّسُولُ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ مَا فِيهِ بَلَاغٌ وَحُجَّةٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ بِاللَّهِ حَقٌّ فَلَا عُذْرَ لَكُمْ فِي عَدَمِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ فَقَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَاتُ حَقِّيَّتِهِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ إِصْرَارَكُمْ عَلَى عَدَمِ الْإِيمَانِ مُكَابَرَةٌ وَعِنَادٌ .
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْمِيثَاقُ الْمَأْخُوذُ عَلَيْهِمْ هُوَ مِيثَاقٌ مِنَ اللَّهِ ، أَيْ : مَا يُمَاثِلُ الْمِيثَاقَ مِنْ إِيدَاعِ الْإِيمَانِ بِوُجُودِ اللَّهِ وَبِوَحْدَانِيَّتِهِ فِي الْفِطْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ فَكَأَنَّهُ مِيثَاقٌ قَدْ أُخِذَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ فِي الْأَزَلِ وَشَرْطِ التَّكْوِينِ فَهُوَ نَامُوسٌ فِطْرِيٌّ . وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=172وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ .
فَضَمِيرُ " أَخَذَ " عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْمَعْنَى : أَنَّ النُّفُوسَ لَوْ خَلَتْ عَنِ الْعِنَادِ وَعَنِ التَّمْوِيهِ وَعَنِ التَّضْلِيلِ كَانَتْ مُنْسَاقَةً إِلَى إِدْرَاكِ
وُجُودِ الصَّانِعِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ دَعْوَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَكْشِفُ عَنْهُمْ مَا غَشَّى عَلَى إِدْرَاكِهِمْ مِنْ دُعَاءِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مُسْتَأْنَفَةٌ ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ .
وَاسْمُ الْفَاعِلِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِقَرِينَةِ وُقُوعِهِ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ ، أَيْ : فَقَدْ حَصَلَ مَا يَقْتَضِي أَنْ تُؤْمِنُوا مِنَ السَّبَبِ الظَّاهِرِ وَالسَّبَبِ الْخَفِيِّ الْمُرْتَكِزِ فِي الْجِبِلَّةِ .
[ ص: 371 ] وَيُرَجِّحُ هَذَا الْمَعْنَى أَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنَّهُ لِطَلَبِ إِيجَادِ الْإِيمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِهَا وَأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " أَخَذَ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبِ " مِيثَاقَكُمْ " عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ ، وَقَرَأَهُ
أَبُو عَمْرٍو ( أُخِذَ ) بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ وَرَفْعِ ( مِيثَاقُكُمْ ) .