nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم .
استئناف ثالث انتقل به الخطاب إلى المؤمنين ، فهذه الآية يظهر أنها مبدأ الآيات المدنية في هذه السورة ويزيد ذلك وضوحا عطف قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله الآيات كما سيأتي قريبا .
والخطاب هنا وإن كان صالحا لتقرير ما أفادته جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم ولكن أسلوب النظم وما عطف على هذه الجملة يقتضيان أن تكون استئنافا انتقاليا هو من حسن التخلص إلى خطاب المسلمين ، ولا تفوته الدلالة على تقرير ما قبله لأن التقرير يحصل من انتساب المعنيين : معنى الجملة السابقة ، ومعنى هذه الجملة الموالية .
فهذه الجملة بموقعها ومعناها وعلتها وما عطف عليها أفادت بيانا وتأكيدا وتعليلا وتذييلا وتخلصا لغرض جديد ، وهي أغراض جمعتها جمعا بلغ حد الإعجاز في الإيجاز ، مع أن كل جملة منها مستقلة بمعنى عظيم من الاستدلال والتذكير والإرشاد والامتنان .
والرءوف : من أمثلة المبالغة في الاتصال بالرأفة وهي كراهية إصابة الغير بضر .
والرحيم : من الرحمة وهي محبة إيصال الخير إلى الغير .
وقرأ
نافع ،
وابن كثير ،
وابن عامر ،
وحفص عن
عاصم " لرءوف " بواو بعد الهمزة
[ ص: 372 ] على اللغة المشهورة . وقرأه
أبو عمرو ،
وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو بكر عن
عاصم بدون واو بعد الهمزة وهي لغة ولعلها تخفيف ، قال
جرير :
يرى للمسلمين عليه حقا كفعل الوالد الرؤف الرحيم
وتأكيد الخبر بـ ( إن ) واللام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وإن الله بكم لرءوف رحيم لأن المشركين في إعراضهم عن
nindex.php?page=treesubj&link=28645دعوة الإسلام قد حسبوها إساءة لهم ولآبائهم وآلهتهم ، فقد قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=41أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها . وهذا يرجح أن قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمنوا بالله ورسوله إلى هنا مكي . فإن كانت الآية مدنية فلأن المنافقين كانوا على تلك الحالة .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ .
اسْتِئْنَافٌ ثَالِثٌ انْتَقَلَ بِهِ الْخِطَابُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ ، فَهَذِهِ الْآيَةُ يَظْهَرُ أَنَّهَا مَبْدَأُ الْآيَاتِ الْمَدَنِيَّةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَيَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا عَطْفُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَاتِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا .
وَالْخِطَابُ هُنَا وَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِتَقْرِيرِ مَا أَفَادَتْهُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=8وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَلَكِنْ أُسْلُوبُ النَّظْمِ وَمَا عُطِفَ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ يَقْتَضِيَانِ أَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافًا انْتِقَالِيًّا هُوَ مِنْ حُسْنِ التَّخَلُّصِ إِلَى خِطَابِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تَفُوتُهُ الدَّلَالَةُ عَلَى تَقْرِيرِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ التَّقْرِيرَ يَحْصُلُ مِنِ انْتِسَابِ الْمَعْنَيَيْنِ : مَعْنَى الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ ، وَمَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمُوَالِيَةِ .
فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بِمَوْقِعِهَا وَمَعْنَاهَا وَعِلَّتِهَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا أَفَادَتْ بَيَانًا وَتَأْكِيدًا وَتَعْلِيلًا وَتَذْيِيلًا وَتَخَلُّصًا لِغَرَضٍ جَدِيدٍ ، وَهِيَ أَغْرَاضٌ جَمَعَتْهَا جَمْعًا بَلَغَ حَدَّ الْإِعْجَازِ فِي الْإِيجَازِ ، مَعَ أَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ مِنْهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِمَعْنًى عَظِيمٍ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ وَالتَّذْكِيرِ وَالْإِرْشَادِ وَالْامْتِنَانِ .
وَالرَّءُوفُ : مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاتِّصَالِ بِالرَّأْفَةِ وَهِيَ كَرَاهِيَةُ إِصَابَةِ الْغَيْرِ بِضُرٍّ .
وَالرَّحِيمُ : مِنَ الرَّحْمَةِ وَهِيَ مَحَبَّةُ إِيصَالِ الْخَيْرِ إِلَى الْغَيْرِ .
وَقَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَابْنُ عَامِرٍ ،
وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ " لَرَءُوفٌ " بِوَاوٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ
[ ص: 372 ] عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ . وَقَرَأَهُ
أَبُو عَمْرٍو ،
وَحَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
عَاصِمٍ بِدُونِ وَاوٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ وَهِيَ لُغَةٌ وَلَعَلَّهَا تَخْفِيفٌ ، قَالَ
جَرِيرٌ :
يَرَى لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ حَقًّا كَفِعْلِ الْوَالِدِ الرَّؤُفِ الرَّحِيمِ
وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِـ ( إِنَّ ) وَاللَّامِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=9وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28645دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ قَدْ حَسِبُوهَا إِسَاءَةً لَهُمْ وَلِآبَائِهِمْ وَآلِهَتِهِمْ ، فَقَدْ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=41أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا . وَهَذَا يُرَجِّحُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=7آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هُنَا مَكِّيٌّ . فَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ مَدَنِيَّةً فَلِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ .