الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب

                                                                                                                                                                                                                                      واذكر عبدنا أيوب عطف على اذكر عبدنا داود، وعدم تصدير قصة سليمان بهذا العنوان لكمال الاتصال بينه وبين داود عليهما السلام، وأيوب هو ابن عيص بن إسحاق عليه السلام . إذ نادى ربه بدل اشتمال من عبدنا، وأيوب عطف بيان له . أني بأني مسني الشيطان بفتح ياء مسني، وقرئ بإسكانها وإسقاطها . بنصب أي : تعب . وقرئ بفتح النون وبفتحتين وبضمتين للتثقيل . وعذاب أي : ألم ووصب يريد مرضه، وما كان يقاسيه من فنون الشدائد، وهو المراد بالضر في قوله : أني مسني الضر وهو حكاية لكلامه الذي ناداه به بعبارته، وإلا لقيل أنه "مسه . . . إلخ . والإسناد إلى الشيطان إما لأنه تعالى مسه بذلك لما فعل بوسوسته، كما قيل إنه أعجب بكثرة ماله، أو استغاثه مظلوم فلم يغثه، أو كانت مواشيه في ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزه، أو لامتحان صبره فيكون اعترافا بالذنب، أو [ ص: 229 ] مراعاة للأدب، أو لأنه وسوس إلى أتباعه حتى رفضوه وأخرجوه من ديارهم، أو لأن المراد بالنصب ما كان يوسوس به إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء، والقنوط من الرحمة، ويغريه على الكراهة والجزع فالتجأ إلى الله تعالى في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء، أو بالتوفيق لدفعه ورده بالصبر الجميل وليس هذا تمام دعائه عليه الصلاة والسلام بل من جملته قوله : وأنت أرحم الراحمين فاكتفى ههنا عن ذكره بما في سورة الأنبياء، كما ترك هناك ذكر الشيطان ثقة بما ذكر ههنا . وقوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية