[ ص: 6253 ] بسم الله الرحمن الرحيم
104- سورة الهمزة
مكية، وآيها تسع.
[ ص: 6254 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[ 1 - 3 ]
nindex.php?page=treesubj&link=28861_30532_32534_29075nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=1ويل لكل همزة لمزة nindex.php?page=treesubj&link=28861_32944_34310_29075nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2الذي جمع مالا وعدده nindex.php?page=treesubj&link=28861_32944_34310_29075nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=3يحسب أن ماله أخلده nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=1ويل لكل همزة لمزة أي: لكل من يطعن في أعراض الناس ويغتابهم. أصله من الهمز بمعنى الكسر، ومن اللمز بمعنى الطعن الحقيقيين، ثم استعير لذلك ثم صار حقيقة عرفية فيه. قال
زياد الأعجم :
تدلى بود إذا لاقيتني كذبا وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه
وبناء (فعلة) يدل على أن ذلك عادة منه قد ضري بها، لأنه من صيغ المبالغة، والآية عني بها من كان من المشركين
بمكة، همازا لمازا. كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=29إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=30وإذا مروا بهم يتغامزون وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هماز مشاء بنميم الآيات; فالسبب وإن يكن خاصا، إلا أن الوعيد عام يتناول كل من باشر ذلك القبيح. وسر وروده عاما ليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه.
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2الذي جمع مالا وعدده أي: أحصى عدده ولم ينفقه في وجوه البر.
قال
الإمام: أي: أن الذي يحمله على الحط من أقدار الناس، هو جمعه المال وتعديده. أي: عده مرة بعد أخرى، شغفا به وتلذذا بإحصائه; لأنه لا يرى عزا ولا شرفا ولا مجدا في سواه،
[ ص: 6255 ] فكلما نظر إلى كثرة ما عنده منه، انتفخ وظن أنه من رفعة المكانة، بحيث يكون كل ذي فضل ومزية دونه، فهو يهزأ به ويهمزه ويلمزه، ثم لا يخشى أن تصيبه عقوبة على
nindex.php?page=treesubj&link=32534الهمز واللمز وتمزيق العرض; لأن غروره بالمال أنساه الموت وصرف عنه ذكر المآل فهو
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=3يحسب أن ماله أخلده أي: يظن أن ماله الذي جمعه وأحصاه وبخل بإنفاقه، مخلده في الدنيا، فمزيل عنه الموت.
[ ص: 6253 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
104- سُورَةُ الْهُمَزَةِ
مَكِّيَّةٌ، وَآيُهَا تِسْعٌ.
[ ص: 6254 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 1 - 3 ]
nindex.php?page=treesubj&link=28861_30532_32534_29075nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=1وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ nindex.php?page=treesubj&link=28861_32944_34310_29075nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ nindex.php?page=treesubj&link=28861_32944_34310_29075nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=3يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=1وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ أَيْ: لِكُلِّ مَنْ يَطْعَنُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ وَيَغْتَابُهُمْ. أَصْلُهُ مِنَ الْهَمْزِ بِمَعْنَى الْكَسْرِ، وَمِنَ اللَّمْزِ بِمَعْنَى الطَّعْنِ الْحَقِيقِيَّيْنِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِذَلِكَ ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهِ. قَالَ
زِيَادٌ الْأَعْجَمُ :
تُدْلَى بِوُدٍّ إِذَا لَاقَيْتَنِي كَذِبًا وَإِنْ أُغَيَّبْ فَأَنْتَ الْهَامِزُ اللُّمَزَهْ
وَبِنَاءُ (فُعَلَةٍ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَادَةٌ مِنْهُ قَدْ ضَرِيَ بِهَا، لِأَنَّهُ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ، وَالْآيَةُ عُنِيَ بِهَا مَنْ كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
بِمَكَّةَ، هَمَّازًا لَمَّازًا. كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=29إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=30وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ الْآيَاتِ; فَالسَّبَبُ وَإِنْ يَكُنْ خَاصًّا، إِلَّا أَنَّ الْوَعِيدَ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ بَاشَرَ ذَلِكَ الْقَبِيحَ. وَسِرُّ وُرُودِهِ عَامًّا لِيَكُونَ جَارِيًا مَجْرَى التَّعْرِيضِ بِالْوَارِدِ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَزْجَرُ لَهُ وَأَنْكَى فِيهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=2الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ أَيْ: أَحْصَى عَدَدَهُ وَلَمْ يُنْفِقْهُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ.
قَالَ
الْإِمَامُ: أَيْ: أَنَّ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى الْحَطِّ مِنْ أَقْدَارِ النَّاسِ، هُوَ جَمْعُهُ الْمَالَ وَتَعْدِيدُهُ. أَيْ: عَدُّهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، شَغَفًا بِهِ وَتَلَذُّذًا بِإِحْصَائِهِ; لِأَنَّهُ لَا يَرَى عِزًّا وَلَا شَرَفًا وَلَا مَجْدًا فِي سِوَاهُ،
[ ص: 6255 ] فَكُلَّمَا نَظَرَ إِلَى كَثْرَةِ مَا عِنْدَهُ مِنْهُ، انْتَفَخَ وَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ رِفْعَةِ الْمَكَانَةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ كُلُّ ذِي فَضْلٍ وَمَزِيَّةٍ دُونَهُ، فَهُوَ يَهْزَأُ بِهِ وَيَهْمِزُهُ وَيَلْمِزُهُ، ثُمَّ لَا يَخْشَى أَنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَةٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=32534الْهَمْزِ وَاللَّمْزِ وَتَمْزِيقِ الْعِرْضِ; لِأَنَّ غُرُورَهُ بِالْمَالِ أَنْسَاهُ الْمَوْتَ وَصَرَفَ عَنْهُ ذِكْرَ الْمَآلِ فَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=104&ayano=3يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ أَيْ: يَظُنُّ أَنَّ مَالَهُ الَّذِي جَمَعَهُ وَأَحْصَاهُ وَبَخِلَ بِإِنْفَاقِهِ، مُخَلِّدُهُ فِي الدُّنْيَا، فَمُزِيلٌ عَنْهُ الْمَوْتَ.