الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
199 - وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - والمغيرة بن شعبة قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " من حدث بحديث يرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين " رواه مسلم .

التالي السابق


199 - ( وعن سمرة ) : بفتح السين وضم الميم ( ابن جندب ) : بضم الجيم ويفتح ، الفزاري ، حليف الأنصار ، كان من الحفاظ المكثرين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روى عنه جماعة ، مات بالبصرة آخر سنة تسع وخمسين ( والمغيرة بن شعبة ) : بضم الميم وكسرها والضم أشهر قيل : إنه أحصن ثلاثمائة امرأة في الإسلام ، كذا في التهذيب ، ثقفي ، أسلم عام الخندق وقدم مهاجرا ، نزل الكوفة ومات بها سنة خمسين ، وهو ابن سبعين سنة . وهو أميرها لمعاوية بن أبي سفيان روى عنه نفر . ( قالا ) : رضي الله عنهما ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حدث عني بحديث ) أي : ولو بواحد ( يرى ) : روي بضم الياء من الإراءة . أي : يظن . وبفتحها من الرأي أي يعلم ( أنه ) : أي : الحديث ( كذب ) : بفتح الكاف وكسر الذال ، وجوز كسر الكاف وسكون الذال يعني ولم يبين كذبه ( فهو ) : بضم الهاء وسكونها ( أحد الكاذبين ) : جمع باعتبار كثرة النقلة . قال الأشرف : سماه كاذبا لأنه يعين المفتري ويشاركه بسبب إشاعته ، فهو كمن أعان ظالما على ظلمه .

[ ص: 283 ] قال الشيخ محيي الدين النووي : يرى ضبطناه بضم الياء ، والكاذبين بكسر الباء وفتح النون على الجمع ، وهذا هو المشهور في اللفظين .

وقال القاضي عياض : الرواية عندنا على الجمع ، ورواه أبو نعيم الأصفهاني في المستخرج من حديث سمرة على التثنية ، واحتج به على أن الراوي له يشارك البادئ بهذا الكذب ، ثم رواه أبو نعيم من رواية المغيرة الكاذبين أو الكاذبين على الشك في التثنية والجمع ، وذكر بعض الأئمة جواز فتح الياء من " يرى " بمعنى يعلم وهو ظاهر حسن ، فأما من ضم الياء فمعناه يظن ، ويجوز أن يكون الفتح بمعنى يظن أيضا ، فقد حكي رأى بمعنى ظن ، وقيل : إنه لا يأثم إلا برواية ما يعلمه أو يظنه كذبا ، وأما ما لا يعلمه ولا يظنه فلا إثم عليه في روايته وإن ظنه غيره كذبا أو علمه ا هـ . كلام الشيخ محيي الدين النووي .

قال السيد جمال الدين في تجويز فتح الياء بمعنى يعلم تأمل ، ولعل وجه التأمل أن الظن يكفي في هذا المقام ، بل أبلغ في إفادة المرام فلا يحتاج إلى العلم التام ، ويمكن دفعه بأن المراد العلم بالمعنى الأعم يقينيا أو ظنيا والله أعلم . ( رواه مسلم ) وأحمد ، وابن ماجه .




الخدمات العلمية