الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب منه

                                                                                                          2173 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر فأصاب بعضهم أعلاها وأصاب بعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها يصعدون فيستقون الماء فيصبون على الذين في أعلاها فقال الذين في أعلاها لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا فقال الذين في أسفلها فإنا ننقبها من أسفلها فنستقي فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا وإن تركوهم غرقوا جميعا قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( مثل القائم على حدود الله ) أي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ( والمدهن فيها ) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر الهاء وبالنون ، والمراد به من يرائي ويضيع الحقوق ولا يغير [ ص: 329 ] المنكر ، والمدهن والمداهن واحد ( كمثل قوم استهموا على سفينة ) أي اقتسموا محالها ومنازلها بالقرعة ( فأصاب بعضهم أعلاها ) أي أعلى السفينة ، وفي رواية للبخاري : فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها ( أسفلها ) أي في أسفل السفينة بيان للبحر ( لا ندعكم ) بفتح الدال أي لا نترككم ( فإنا ننقبها ) أي نثقبها ( فإن أخذوا على أيديهم ) أي أمسكوا أيديهم ( نجوا جميعا إلخ ) المعنى أنه كذلك إن منع الناس الفاسق عن الفسق نجا ونجوا من عذاب الله تعالى ، وإن تركوه على فعل المعصية ولم يقيموا عليه الحد ، حل بهم العذاب وهلكوا بشؤمه ، وهذا معنى قوله تعالى : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة أي بل تصيبكم عامة بسبب مداهنتكم ، والفرق بين المداهنة المنهية والمداراة المأمورة أن المداهنة في الشريعة أن يرى منكرا ويقدر على دفعه ولم يدفعه حفظا لجانب مرتكبه أو جانب غيره لخوف أو طمع أو لاستحياء منه أو قلة مبالاة في الدين ، والمداراة موافقته بترك حظ نفسه وحق يتعلق بماله وعرضه فيسكت عنه دفعا للشر ووقوع الضرر .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري في الشركة وفي الشهادات .




                                                                                                          الخدمات العلمية