الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين ( 68 ) إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 69 ) لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ( 70 ) وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون ( 71 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله عز وجل : ) ( قل ياأهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم ) [ ص: 81 ] أي : تقيموا أحكامهما وما يجب عليكم فيهما ، ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس ) فلا تحزن ، ( على القوم الكافرين )

                                                                                                                                                                                                                                      ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى ) وكان حقه : ) ( والصابئين ) وقد ذكرنا في سورة البقرة وجه ارتفاعه . وقال سيبويه : فيه تقديم وتأخير تقديره : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن بالله إلى آخر الآية ، والصابئون كذلك ، وقوله : ( إن الذين آمنوا ) أي : باللسان ، وقوله : ( من آمن بالله ) أي : بالقلب ، وقيل : الذين آمنوا على حقيقة الإيمان ( من آمن بالله ) أي : ثبت على الإيمان ، ( واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ( لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل ) في التوحيد والنبوة ، ( وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا ) عيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهما ، ( وفريقا يقتلون ) يحيى وزكريا . [ ص: 82 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ) ( وحسبوا ) ظنوا ( ألا تكون فتنة ) أي : عذاب وقتل ، وقيل : ابتلاء واختبار ، أي : ظنوا أن لا يبتلوا ولا يعذبهم الله ، قرأ أهل البصرة وحمزة والكسائي " تكون " برفع النون على معنى أنها لا تكون ، ونصبها الآخرون كما لو لم يكن قبله لا ) ( فعموا ) عن الحق فلم يبصروه ، ) ( وصموا ) عنه فلم يسمعوه ، يعني عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه ، ( ثم تاب الله عليهم ) ببعث عيسى عليه السلام ، ( ثم عموا وصموا كثير منهم ) بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ( والله بصير بما يعملون ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية