الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وحيض ونفاس ) إجماعا لكن مع انقطاعهما وإرادة نحو صلاة فالموجب مركب هنا وفيما يأتي ( وكذا ولادة بلا بلل ) ولو لعلقة ومضغة قال القوابل [ ص: 259 ] إنهما أصل آدمي ( في الأصح ) لأن ذلك مني منعقد ومن ثم صح الغسل عقبها وإنما لم يجب بخروج بعض الولد على ما بحثه بعضهم ؛ لأنه لا يتحقق خروج منيها إلا بخروج كله ولو علل بانتفاء اسم الولادة لكان أظهر إذ الذي دلت عليه الأخبار أن كل جزء مخلوق من منيهما .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وإرادة نحو صلاة ) قد يشكل لأن قضيته عدم الوجوب إذا دخل الوقت ولم يرد الصلاة أو أراد عدمها مع أنه بدخول الوقت يخاطب بالصلاة وخطابه بها خطاب بشروطها إلا أن يقال لما أمر بدخول الوقت بإرادة الفعل كان في حكم المريد له فيكون المراد إرادة الصلاة ولو حكما أو يقال المراد بإرادة نحو الصلاة دخول الوقت ( قوله قال القوابل إنهما أصل آدمي ) كذا قاله في الخادم لكن فيما إذا لم تر دما ولا بللا فإنه في قولهم يجب الغسل بوضع العلقة والمضغة وإن لم تر دما ولا بللا قال كذا أطلقوه ويجب تقييده فيما إذا لم ترهما بما إذا قال القوابل إنهما أصل آدمي . ا هـ . ويجب بالولادة وإن خرج الولد متقطعا في دفعات وفي شرح العباب ولا يشترط انفصال الولد ؛ لأنه ليس مظنة لشيء كما هو ظاهر بل لو خرج منه شيء إلى ما يجب غسله من الفرج ثم رجع وجب الغسل ويتكرر الغسل بتكرار الولد الجاف لما تقرر من أنه مني وسيأتي تكرره بتكرر خروج المني . ا هـ . فليراجع فإنه يتبادر من كلامهم [ ص: 259 ] أنه لا يجب الغسل قبل انفصال الولد ( قوله وإنما لم يجب إلخ ) أي بل ينتقض الوضوء ( فرع )

                                                                                                                              الوجه أن ولادة أحد توأمين يجب به الغسل ؛ لأنه ولادة تامة ويصح الغسل حيث لا دم مؤثر ( قوله إذ الذي دلت عليه الأخبار ) هذا يرد ما وقع لبعضهم من أنها تتخير بخروج البعض بين الغسل لاحتمال أن فيه من منيها وبين الوضوء لاحتمال كونه من مني الرجل فقط ومما يرده أيضا قولهم فيمن قضت شهوتها أنه لو خرج منها مني بعد الغسل وجب الغسل أيضا ولم يخيروها لاحتمال كون الخارج مني الرجل فقط أو منيها فقط ومما يرده أيضا نقض الإسنوي تعليلهم وجوب الغسل بالولادة بأن الولد مني منعقد بخروج بعضه فإنه يفيد أنه لا يوجب لا عينا ولا تخييرا فتأمل وإذا اندفع التخيير فالوجه تعين النقض به لأنه خرج عن حقيقة المني إلى حقيقة أخرى ولم يوجد مسمى الولادة حتى يوجب الغسل ( فرع )

                                                                                                                              سئل عما لو عض كلب رجلا أو امرأة فخرج من فرجه حيوان صغير على صورة الكلب كما يقع كثيرا فهل هذا الحيوان نجس كالكلب المتولد من وطء الكلب لحيوان طاهر حتى يجب تسبيع المخرج منه وهل يجب الغسل بخروجه ؛ لأنه ولادة والذي يظهر أنه غير نجس ؛ لأنه لم يتولد من ماء الكلب وأنه لا غسل لأن الولادة المقتضية للغسل هي الولادة المعتادة بدليل أنه لو خرج دود من الجوف لم يجب الغسل بسببه مع أنه حيوان تولد في الجوف وخرج منه فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لكن ) إلى قوله قال القوابل في النهاية والمغني ( قوله وإرادة نحو صلاة ) أي مما يتوقف على الغسل كالطواف وقضيته عدم الوجوب لمن لم يرد الصلاة أو أراد عدمها مع أنه بدخول الوقت مخاطب بالصلاة وخطابه بها خطاب بشروطها إلا أن يقال لما أمر بدخول الوقت بإرادة الفعل كان في حكم المريد له فيكون المراد إرادة نحو الصلاة ولو حكما أو يقال المراد بإرادة نحو الصلاة دخول الوقت سم قول المتن ( وكذا ولادة ) أي انفصال جميع الولد ولو لأحد التوأمين فيجب الغسل بولادة أحدهما ويصح قبل ولادة الآخر ثم إذا ولدته وجب الغسل أيضا ولو عض كلب رجلا أو امرأة فخرج منه حيوان على صورة الكلب كما يقع كثيرا في بلاد الشام فلا غسل ؛ لأن هذا لا يسمى ولدا عرفا كما لو خرج نحو دود من جوفه وذلك الحيوان طاهر ؛ لأنه لم يتولد من ماء الكلب سم زاد شيخنا وميتته نجسة وزاد ع ش ومنه يعلم أنه متى وطئت المرأة وولدت ولو على صورة حيوان وجب الغسل ا هـ قول المتن ( بلا بلل ) أي بأن كان الولد جافا وتفطر بها المرأة الصائمة على الأصح ويجوز لزوجها وطؤها بعدها ؛ لأنها بمنزلة الجنابة وهي لا تمنع الوطء أما المصحوبة بالبلل فلا يجوز وطؤها بعدها حتى تغتسل شيخنا و ع ش ( قوله ولو لعلقة ومضغة ) ولهما حكم الولد في ثلاثة أشياء الفطر بكل منهما ووجوب الغسل وأن الدم الخارج بعد كل يسمى نفاسا وتزيد المضغة على العلقة بكونها تنقضي بها العدة ويحصل بها الاستبراء ويزيد الولد عليهما بأنه يثبت به أمية الولد ووجوب الغرة برماوي وقوله ويزيد الولد إلخ قال القليوبي أي ما لم يقولوا فيها أي في المضغة صورة فإن قالوا فيها صورة ولو خفية وجب فيها مع ذلك غرة ويثبت بها أمية الولد ا هـ .

                                                                                                                              بجيرمي ( قوله قال القوابل إلخ ) قال في الإيعاب أي أربع منهن كما هو ظاهر كردي وقال الحفني وشيخنا والمعتمد أنه يكفي واحدة منهن ا هـ واستقر به ع ش عبارته قضية اشتراط هذا القول عدم الوجوب إذا لم تقل القوابل ذلك لعدمهن أو غيره تأمل سم على المنهج وهو ظاهر وبقي ما لو اختلفت القوابل فينبغي أن يأتي فيه ما قيل في الإخبار بتنجس الماء من تقديم الأوثق فالأكثر عددا إلخ وقوله القوابل [ ص: 259 ] أي أربع منهن إن قلنا إنه شهادة ويحتمل الاكتفاء بواحدة لحصول الظن بخبرها وهو الأقرب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إنهما أصل آدمي ) لعل المراد أن تقول القوابل إنهما متولدتان من المني وإن فسدتا بحيث لا يحتمل تولد الآدمي منهما ليخرج ما لو وجد صورة علقة أو مضغة وعلم تولدها من المني أو شك فيه بصري ( قوله لأن ذلك ) أي الولد ولو مضغة أو علقة ( قوله وإنما لم يجب إلخ ) أي بل ينتقض الوضوء فلو ألقت بعض الولد وجب عليها الوضوء دون الغسل وكذا لو خرج بعضه ثم رجع فيجب الوضوء دون الغسل ولو خرج الولد متقطعا في دفعات وكانت تتوضأ في كل مرة وتصلي ثم تم خروجه وجب الغسل ولا تقضي الصلوات السابقة ؛ لأنها وقعت قبل وجوب الغسل شيخنا وسم زاد الأول ولو ولدت من غير الطريق المعتاد فالذي يظهر وجوب الغسل أخذا مما بحثه الرملي فيما لو قال إن ولدت فأنت طالق فولدت من غير طريقه المعتاد ، وقال بعضهم قد يتجه عدم الوجوب ؛ لأن علته أن الولد مني منعقد ولا عبرة بخروجه من غير طريقه المعتاد مع انفتاح الأصلي ورد بأن الولادة نفسها صارت موجبة للغسل فهي غير خروج المني ا هـ .

                                                                                                                              وقوله فالذي يظهر إلخ أي وفاقا للشوبري والمدابغي وقوله ، وقال بعضهم إلخ وهو القليوبي ويوافقه قول الشبراملسي والإطفيحي وينبغي أن يأتي فيه ما تقدم من التفصيل في انسداد الفرج بين الأصلي والعارض فإن كان الانسداد أصليا قيل لها ولادة وكانت موجبة للغسل وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              وهو الموافق لتعليلهم بأن ذلك مني منعقد ( قوله بخروج بعض الولد إلخ ) أي متصلا بالبعض الذي لم يخرج أو منفصلا عنه وعليه اقتصر النهاية والمغني عبارة الأول ، ولو ألقت بعض ولد كيد أو رجل لم يجب عليها الغسل كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى كما مر وقد يستفاد من قوله ولادة ا هـ قال البجيرمي وبقي ما لو خرج بعضه والبعض الآخر داخل هل تصح الصلاة معه نظرا إلى أنه لم يتحقق اتصاله بنجس مع قولهم بطهارة رطوبة الفرج أو لا تصح محل نظر أجهوري والظاهر الثاني لاتصاله بنجس ا هـ .

                                                                                                                              ومال سم والشوبري إلى الأول كما مر في أسباب الحدث




                                                                                                                              الخدمات العلمية