nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29040_30539_19051سال سائل بعذاب واقع nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=2للكافرين ليس له دافع nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=3من الله ذي المعارج
كان كفار
قريش يستهزئون فيسألون النبيء - صلى الله عليه وسلم - : متى هذا العذاب الذي تتوعدنا به ، ويسألونه تعجيله قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=25ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53ويستعجلونك بالعذاب ) وكانوا أيضا يسألون الله أن يوقع عليهم عذابا إن كان القرآن حقا من عنده قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم .
وقيل : إن السائل شخص معين هو
النضر بن الحارث قال : إن كان هذا - أي القرآن - هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم .
وكان النبيء - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله أن يعينه على المشركين بالقحط فأشارت الآية إلى ذلك كله ، ولذلك فالمراد ب ( سائل ) فريق أو شخص .
[ ص: 154 ] والسؤال مستعمل في معنيي الاستفهام عن شيء والدعاء ، على أن استفهامهم مستعمل في التهكم والتعجيز . ويجوز أن يكون ( سأل سائل ) بمعنى استعجل وألح .
وقرأ الجمهور ( سأل ) بإظهار الهمزة . وقرأ
نافع وابن عامر وأبو جعفر ( سال ) بتخفيف الهمزة ألفا . قال في الكشاف : وهي لغة
قريش وهو يريد أن
قريشا قد يخففون المهموز في مقام الثقل وليس ذلك قياسا في لغتهم بل لغتهم تحقيق الهمز ولذلك قال سيبويه : وليس ذا بقياس متلئب أي مطرد مستقيم وإنما يحفظ عن العرب ، قال : ويكون قياسا متلئبا إذا اضطر الشاعر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14899الفرزدق :
راحت بمسلمة البغال عـشـية فارعي فزارة لا هناك المرتع
يريد لا هنأك بالهمز .
وقال
حسان :
سالت هذيل رسول الله فاحـشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب
يريد سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إباحة الزنى .
وقال القرشي
زيد بن عمرو بن نفيل يذكر زوجيه :
سألتاني الطلاق أن رأتاني قل مالي قد جيتماني بنكر
فهؤلاء ليس لغتهم سال ولا يسال وبلغنا أن سلت تسال لغة اهـ . فجعل إبدال الهمز ألفا للضرورة مطردا ولغير الضرورة يسمع ولا يقاس عليه فتكون قراءة التخفيف سماعا . وذكر
الطيبي عن
أبي علي في الحجة : أن من قرأ ( سال ) غير مهموز جعل الألف منقلبة عن الواو التي هي عين الكلمة مثل : قال وخاف . وحكى
أبو عثمان عن
أبي زيد أنه سمع من يقول : هما متساولان . وقال في الكشاف : يقولون - أي
أهل الحجاز - سلت تسال وهما يتسايلان . أي فهو أجوف يائي مثل هاب يهاب . وكل هذه تلتقي في أن نطق
أهل الحجاز ( سال ) غير مهموز سماعي ، وليس بقياس عندهم وأنه إما تخفيف للهمزة على غير قياس مطرد وهو رأي
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وإما لغة لهم في هذا الفعل وأفعال أخرى جاء هذا الفعل أجوف واويا كما هو رأي
أبي علي أو أجوف يائيا كما هو رأي
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . وبذلك يندحض تردد
أبي حيان جعل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري قراءة ( سال ) لغة
أهل الحجاز إذ قد يكون لبعض القبائل لغتان في فعل واحد .
[ ص: 155 ] وإنما اجتلب هنا لغة المخفف لثقل الهمز المفتوح بتوالي حركات قبله وبعده وهي أربع فتحات ، ولذلك لم يرد في القرآن مخففا في بعض القراءات إلا في هذا الموضع ؛ إذ لا نظير له في توالي حركات ، وإلا فإنه لم يقرأ أحد بالتخفيف في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي ) وهو يساوي (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سال سائل بعذاب ) بله قوله : سالتهم وتسالهم ولا يسالون .
وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سال سائل ) بمنزلة سئل ؛ لأن مجيء فاعل الفعل اسم فاعل من لفظ فعله لا يفيد زيادة علم بفاعل الفعل ما هو ، فالعدول عن أن يقول : سئل بعذاب ، إلى قوله ( سال سائل بعذاب ) ؛ لزيادة تصوير هذا السؤال العجيب ، ومثله قول
يزيد بن عمرو بن خويلد يهاجي
النابغة :
وإن الغدر قد علمت معد بناه في بني ذبيان باني
ومن بلاغة القرآن تعدية ( سال ) بالباء ليصلح الفعل لمعنى الاستفهام والدعاء والاستعجال ؛ لأن الباء تأتي بمعنى ( عن ) وهو من معاني الباء الواقعة بعد فعل السؤال نحو ( فاسال به خبيرا ) ، وقول
علقمة :
فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواء النساء طبيب
أي إن تسألوني عن النساء ، وقال
الجوهري عن
الأخفش : يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان . وجعل في الكشاف تعدية فعل ( سأل ) بالباء لتضمينه معنى عني واهتم . وقد علمت احتمال أن يكون ( سال ) بمعنى استعجل ، فتكون تعديته بالباء كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53ويستعجلونك بالعذاب وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=18يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها .
وقوله ( للكافرين ) يجوز أن يكون ظرفا لغوا متعلقا ب ( واقع ) ، ويجوز أن يكون ظرفا مستقرا خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هو للكافرين .
واللام لشبه الملك ، أي عذاب من خصائصهم كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين .
ووصف العذاب بأنه واقع ، وما بعده من أوصافه إلى قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=6إنهم يرونه بعيدا ) إدماج معترض ليفيد تعجيل الإجابة عما سأل عنه سائل بكلا معنيي
[ ص: 156 ] السؤال ؛ لأن السؤال لم يحك فيه عذاب معين وإنما كان مجملا ؛ لأن السائل سأل عن عذاب غير موصوف ، أو الداعي دعا بعذاب غير موصوف ، فحكي السؤال مجملا ليرتب عليه وصفه بهذه الأوصاف والتعلقات ، فينتقل إلى ذكر أحوال هذا العذاب وما يحف به من الأهوال .
وقد طويت في مطاوي هذه التعلقات جمل كثيرة كان الكلام بذلك إيجازا ؛ إذ حصل خلالها ما يفهم منه جواب السائل ، واستجابة الداعي ، والإنباء بأنه عذاب واقع عليهم من الله لا يدفعه عنهم دافع ، ولا يغرهم تأخره .
وهذه الأوصاف من قبيل الأسلوب الحكيم ؛ لأن ما عدد فيه من أوصاف العذاب وهوله ووقته هو الأولى لهم أن يعلموه ليحذروه ، دون أن يخوضوا في تعيين وقته ، فحصل من هذا كله معنى : أنهم سألوا عن العذاب الذي هددوا به عن وقته ووصفه سؤال استهزاء ، ودعوا الله أن يرسل عليهم عذابا إن كان القرآن حقا ؛ إظهارا لقلة اكتراثهم بالإنذار بالعذاب . فأعلمهم أن العذاب الذي استهزءوا به واقع لا يدفعه عنهم تأخر وقته ، فإن أرادوا النجاة فليحذروه .
وقوله ( من الله ) يتنازع تعلقه وصفا ( واقع ) و ( دافع ) . و ( من ) للابتداء المجازي على كلا التعلقين مع اختلاف العلاقة بحسب ما يقتضيه الوصف المتعلق به .
فابتداء الواقع استعارة لإذن الله بتسليط العذاب على الكافرين وهي استعارة شائعة تساوي الحقيقة . وأما ابتداء الدافع فاستعارة لتجاوزه مع المدفوع عنه من مكان مجازي تتناوله قدرة القادر مثل ( من ) في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=108يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله .
وبهذا يكون حرف ( من ) مستعملا في معنيين مجازيين متقاربين .
وإجراء وصف ( ذي المعارج ) على اسم الجلالة لاستحضار عظمة جلاله ولإدماج الإشعار بكثرة مراتب القرب من رضاه وثوابه ، فإن المعارج من خصائص منازل العظماء قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون . ولكل درجة المعارج قوم عملوا لنوالها قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ، وليكون من هذا الوصف تخلص إلى ذكر يوم الجزاء الذي يكون فيه العذاب الحق للكافرين .
[ ص: 157 ] والمعارج : جمع معرج بكسر الميم وفتح الراء وهو ما يعرج به ، أي يصعد من سلم ومدرج .
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29040_30539_19051سَالَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=2لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=3مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ
كَانَ كُفَّارُ
قُرَيْشٍ يَسْتَهْزِئُونَ فَيَسْأَلُونَ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَتَى هَذَا الْعَذَابُ الَّذِي تَتَوَعَّدُنَا بِهِ ، وَيَسْأَلُونَهُ تَعْجِيلَهُ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=25وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ ) وَكَانُوا أَيْضًا يَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهِمْ عَذَابًا إِنْ كَانَ الْقُرْآنُ حَقًّا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ .
وَقِيلَ : إِنَّ السَّائِلَ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ هُوَ
النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ : إِنْ كَانَ هَذَا - أَيِ الْقُرْآنُ - هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ .
وَكَانَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُعِينَهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِالْقَحْطِ فَأَشَارَتِ الْآيَةُ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَلِذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِ ( سَائِلٌ ) فَرِيقٌ أَوْ شَخْصٌ .
[ ص: 154 ] وَالسُّؤَالُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَيَيِ الْاسْتِفْهَامِ عَنْ شَيْءٍ وَالدُّعَاءِ ، عَلَى أَنَّ اسْتِفْهَامَهُمْ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّهَكُّمِ وَالتَّعْجِيزِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( سَأَلَ سَائِلٌ ) بِمَعْنَى اسْتَعْجَلَ وَأَلَحَّ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( سَأَلَ ) بِإِظْهَارِ الْهَمْزَةِ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ ( سَالَ ) بِتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا . قَالَ فِي الْكَشَّافِ : وَهِيَ لُغَةُ
قُرَيْشٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنَّ
قُرَيْشًا قَدْ يُخَفِّفُونَ الْمَهْمُوزَ فِي مَقَامِ الثِّقَلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ قِيَاسًا فِي لُغَتِهِمْ بَلْ لُغَتُهُمْ تَحْقِيقُ الْهَمْزِ وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ : وَلَيْسَ ذَا بِقِيَاسٍ مُتْلَئِبٍّ أَيْ مُطَّرِدٍ مُسْتَقِيمٍ وَإِنَّمَا يُحْفَظُ عَنِ الْعَرَبِ ، قَالَ : وَيَكُونُ قِيَاسًا مُتْلَئِبًّا إِذَا اضْطُرَّ الشَّاعِرُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14899الْفَرَزْدَقُ :
رَاحَتْ بِمَسْلَمَةَ الْبِغَالُ عَـشِـيَّةً فَارْعَيْ فَزَارَةُ لَا هَنَاكِ الْمَرْتَعُ
يُرِيدُ لَا هَنَأَكِ بِالْهَمْزِ .
وَقَالَ
حَسَّانُ :
سَالَتْ هُذَيْلٌ رَسُولَ اللَّهِ فَاحِـشَةً ضَلَّتْ هُذَيْلٌ بِمَا سَالَتْ وَلَمْ تُصِبِ
يُرِيدُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِبَاحَةَ الزِّنَى .
وَقَالَ الْقُرَشِيُّ
زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو بْنُ نُفَيْلٍ يَذْكُرُ زَوْجَيْهِ :
سَأَلَتَانِي الطَّلَاقَ أَنْ رَأَتَانِي قَلَّ مَالِي قَدْ جِيتُمَانِي بِنُكْرِ
فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ لُغَتُهُمْ سَالَ وَلَا يَسَالُ وَبَلَغَنَا أَنَّ سَلْتَ تَسَالُ لُغَةٌ اهـ . فَجُعِلَ إِبْدَالُ الْهَمْزِ أَلِفًا لِلضَّرُورَةِ مُطَّرِدًا وَلِغَيْرِ الضَّرُورَةِ يُسْمَعُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ فَتَكُونُ قِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ سَمَاعًا . وَذَكَرَ
الطِّيبِيُّ عَنْ
أَبِي عَلِيٍّ فِي الْحُجَّةِ : أَنَّ مَنْ قَرَأَ ( سَالَ ) غَيْرَ مَهْمُوزٍ جَعَلَ الْأَلِفَ مُنْقَلِبَةً عَنِ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْكَلِمَةِ مِثْلُ : قَالَ وَخَافَ . وَحَكَى
أَبُو عُثْمَانَ عَنْ
أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ : هُمَا مُتَسَاوِلَانِ . وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ : يَقُولُونَ - أَيْ
أَهْلُ الْحِجَازِ - سَلْتَ تَسَالُ وَهُمَا يَتَسَايَلَانِ . أَيْ فَهُوَ أَجْوَفُ يَائِيٌّ مِثْلُ هَابَ يَهَابُ . وَكُلُّ هَذِهِ تَلْتَقِي فِي أَنَّ نُطْقَ
أَهْلِ الْحِجَازِ ( سَالَ ) غَيْرَ مَهْمُوزٍ سَمَاعِيٍّ ، وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ عِنْدَهُمْ وَأَنَّهُ إِمَّا تَخْفِيفٌ لِلْهَمْزَةِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ مُطَّرِدٍ وَهُوَ رَأْيُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَإِمَّا لُغَةٌ لَهُمْ فِي هَذَا الْفِعْلِ وَأَفْعَالٍ أُخْرَى جَاءَ هَذَا الْفِعْلُ أَجْوَفَ وَاوِيًّا كَمَا هُوَ رَأْيُ
أَبِي عَلِيٍّ أَوْ أَجْوَفَ يَائِيًّا كَمَا هُوَ رَأْيُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ . وَبِذَلِكَ يَنْدَحِضُ تَرَدُّدُ
أَبِي حَيَّانَ جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ قِرَاءَةَ ( سَالَ ) لُغَةَ
أَهْلِ الْحِجَازِ إِذْ قَدْ يَكُونُ لِبَعْضِ الْقَبَائِلِ لُغَتَانِ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ .
[ ص: 155 ] وَإِنَّمَا اجْتَلَبَ هُنَا لُغَةَ الْمُخَفَّفِ لِثِقْلِ الْهَمْزِ الْمَفْتُوحِ بِتَوَالِي حَرَكَاتٍ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَهِيَ أَرْبَعُ فَتَحَاتٍ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ مُخَفَّفًا فِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ؛ إِذْ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي تَوَالِي حَرَكَاتٍ ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ أَحَدٌ بِالتَّخْفِيفِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي ) وَهُوَ يُسَاوِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سَالَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ ) بَلْهَ قَوْلَهُ : سَالْتُهُمْ وَتَسْالُهُمْ وَلَا يَسَالُونَ .
وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سَالَ سَائِلٌ ) بِمَنْزِلَةِ سُئِلَ ؛ لِأَنَّ مَجِيءَ فَاعِلِ الْفِعْلِ اسْمَ فَاعِلٍ مِنْ لَفْظِ فِعْلِهِ لَا يُفِيدُ زِيَادَةَ عَلْمٍ بِفَاعِلِ الْفِعْلِ مَا هُوَ ، فَالْعُدُولُ عَنْ أَنْ يَقُولَ : سُئِلَ بِعَذَابٍ ، إِلَى قَوْلِهِ ( سَالَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ ) ؛ لِزِيَادَةِ تَصْوِيرِ هَذَا السُّؤَالِ الْعَجِيبِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ
يَزِيدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ خُوَيْلِدٍ يُهَاجِي
النَّابِغَةَ :
وَإِنَّ الْغَدْرَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ بَنَاهُ فِي بَنِي ذُبْيَانَ بَانِي
وَمِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ تَعْدِيَةُ ( سَالَ ) بِالْبَاءِ لِيَصْلُحَ الْفِعْلُ لِمَعْنَى الْاسْتِفْهَامِ وَالدُّعَاءِ وَالْاسْتِعْجَالِ ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ تَأْتِي بِمَعْنَى ( عَنْ ) وَهُوَ مِنْ مَعَانِي الْبَاءِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ فِعْلِ السُّؤَالِ نَحْوُ ( فَاسْالْ بِهِ خَبِيرًا ) ، وَقَوْلِ
عَلْقَمَةَ :
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
أَيْ إِنْ تَسْأَلُونِي عَنِ النِّسَاءِ ، وَقَالَ
الْجَوْهَرِيُّ عَنِ
الْأَخْفَشِ : يُقَالُ خَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْ فُلَانٍ وَبِفُلَانٍ . وَجَعَلَ فِي الْكَشَّافِ تَعْدِيَةَ فِعْلِ ( سَأَلَ ) بِالْبَاءِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى عُنِيَ وَاهْتَمَّ . وَقَدْ عَلِمْتَ احْتِمَالَ أَنْ يَكُونَ ( سَالَ ) بِمَعْنَى اسْتَعْجَلَ ، فَتَكُونُ تَعْدِيَتُهُ بِالْبَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=53وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=18يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا .
وَقَوْلُهُ ( لِلْكَافِرِينَ ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِ ( وَاقِعٍ ) ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا مُسْتَقِرًّا خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : هُوَ لِلْكَافِرِينَ .
وَالْلَّامُ لِشِبْهِ الْمِلْكِ ، أَيْ عَذَابٍ مِنْ خَصَائِصِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ .
وَوَصْفُ الْعَذَابِ بِأَنَّهُ وَاقِعٌ ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَوْصَافِهِ إِلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=6إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ) إِدْمَاجٌ مُعْتَرِضٌ لِيُفِيدَ تَعْجِيلَ الْإِجَابَةِ عَمَّا سَأَلَ عَنْهُ سَائِلٌ بِكِلَا مَعْنَيَيِ
[ ص: 156 ] السُّؤَالِ ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يُحْكَ فِيهِ عَذَابٌ مُعَيَّنٌ وَإِنَّمَا كَانَ مُجْمَلًا ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ سَأَلَ عَنْ عَذَابٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ ، أَوِ الدَّاعِي دَعَا بِعَذَابٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ ، فَحُكِيَ السُّؤَالُ مُجْمَلًا لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ وَصْفُهُ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ وَالتَّعْلِقَاتِ ، فَيَنْتَقِلَ إِلَى ذِكْرِ أَحْوَالِ هَذَا الْعَذَابِ وَمَا يَحُفُّ بِهِ مِنَ الْأَهْوَالِ .
وَقَدْ طُوِيَتْ فِي مَطَاوِي هَذِهِ التَّعَلُّقَاتِ جُمَلٌ كَثِيرَةٌ كَانَ الْكَلَامُ بِذَلِكَ إِيجَازًا ؛ إِذْ حَصَلَ خِلَالَهَا مَا يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَابُ السَّائِلِ ، وَاسْتِجَابَةُ الدَّاعِي ، وَالْإِنْبَاءُ بِأَنَّهُ عَذَابٌ وَاقِعٌ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ لَا يَدْفَعُهُ عَنْهُمْ دَافِعٌ ، وَلَا يَغْرُّهُمْ تَأَخُّرُهُ .
وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ مِنْ قَبِيلِ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ ؛ لِأَنَّ مَا عُدِّدَ فِيهِ مِنْ أَوْصَافِ الْعَذَابِ وَهَوْلِهِ وَوَقْتِهِ هُوَ الْأَوْلَى لَهُمْ أَنْ يَعْلَمُوهُ لِيَحْذَرُوهُ ، دُونَ أَنْ يَخُوضُوا فِي تَعْيِينِ وَقَتِهِ ، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَعْنَى : أَنَّهُمْ سَأَلُوا عَنِ الْعَذَابِ الَّذِي هُدِّدُوا بِهِ عَنْ وَقْتِهِ وَوَصْفِهِ سُؤَالَ اسْتِهْزَاءٍ ، وَدَعَوُا اللَّهَ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْهِمْ عَذَابًا إِنْ كَانَ الْقُرْآنُ حَقًّا ؛ إِظْهَارًا لِقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِمْ بِالْإِنْذَارِ بِالْعَذَابِ . فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ الَّذِي اسْتَهْزَءُوا بِهِ وَاقِعٌ لَا يَدْفَعُهُ عَنْهُمْ تَأَخُّرُ وَقْتِهِ ، فَإِنْ أَرَادُوا النَّجَاةَ فَلْيَحْذَرُوهُ .
وَقَوْلُهُ ( مِنَ اللَّهِ ) يَتَنَازَعُ تَعَلُّقَهُ وَصْفَا ( وَاقِعٍ ) وَ ( دَافِعٌ ) . وَ ( مِنَ ) لِلْابْتِدَاءِ الْمَجَازِيِّ عَلَى كِلَا التَّعَلُّقَيْنِ مَعَ اخْتِلَافِ الْعَلَاقَةِ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الْوَصْفُ الْمُتَعَلَّقُ بِهِ .
فَابْتِدَاءُ الْوَاقِعِ اسْتِعَارَةٌ لِإِذْنِ اللَّهِ بِتَسْلِيطِ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ وَهِيَ اسْتِعَارَةٌ شَائِعَةٌ تُسَاوِي الْحَقِيقَةَ . وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الدَّافِعِ فَاسْتِعَارَةٌ لِتَجَاوُزِهِ مَعَ الْمَدْفُوعِ عَنْهُ مِنْ مَكَانٍ مَجَازِيٍّ تَتَنَاوَلُهُ قُدْرَةُ الْقَادِرِ مِثْلُ ( مِنَ ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=108يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ .
وَبِهَذَا يَكُونُ حَرْفُ ( مِنْ ) مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَيَيْنِ مَجَازِيَّيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ .
وَإِجْرَاءُ وَصْفِ ( ذِي الْمَعَارِجِ ) عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ لِاسْتِحْضَارِ عَظَمَةِ جَلَالِهِ وَلِإِدْمَاجِ الْإِشْعَارِ بِكَثْرَةِ مَرَاتِبِ الْقُرْبِ مِنْ رِضَاهُ وَثَوَابِهِ ، فَإِنَّ الْمَعَارِجَ مِنْ خَصَائِصِ مَنَازِلِ الْعُظَمَاءِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ . وَلِكُلِّ دَرَجَةِ الْمَعَارِجِ قَوْمٌ عَمِلُوا لِنَوَالِهَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=11يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، وَلِيَكُونَ مِنْ هَذَا الْوَصْفِ تَخَلُّصٌ إِلَى ذِكْرِ يَوْمِ الْجَزَاءِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْعَذَابُ الْحَقُّ لِلْكَافِرِينَ .
[ ص: 157 ] وَالْمَعَارِجُ : جَمْعُ مِعْرَجٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ مَا يُعْرَجُ بِهِ ، أَيْ يُصْعَدُ مِنْ سُلَّمٍ وَمَدْرَجٍ .