الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2492 [ ص: 454 ] 36 - باب: إذا قال: أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس، فهو جائز وقال بعض الناس: هذه عارية. وإن قال: كسوتك هذا الثوب، فهو هبة.

                                                                                                                                                                                                                              2635 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هاجر إبراهيم بسارة، فأعطوها آجر، فرجعت فقالت: أشعرت أن الله كبت الكافر وأخدم وليدة؟ ". وقال ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فأخدمها هاجر". [انظر: 2217 - مسلم: 2371 - فتح: 5 \ 246]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق قصة هاجر من حديث الأعرج، عن أبي هريرة.

                                                                                                                                                                                                                              ثم قال: وقال ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فأخدمها هاجر".

                                                                                                                                                                                                                              وهذا التعليق أسنده في النكاح وغيره، كما ستعلمه.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن بطال: ولا خلاف بين العلماء -فيما علمت- أنه إذا قال له: أخدمتك هذه الجارية أو هذا العبد؟ أنه قد وهب له خدمته، لا رقبته، وأن الإخدام لا يقتضي تمليك الرقبة عند العرب، كما أن الإسكان لا يقتضي تمليك رقبة الدار، وليس ما استدل به البخاري من قوله: فأخدمها هاجر بدليل على الهبة، وإنما تصح الهبة في الحديث من قوله: "فأعطوها هاجر"، فكانت عطية تامة.

                                                                                                                                                                                                                              واختلف ابن القاسم وأشهب فيمن قال: وهبت خدمة عبدي لفلان، فقال ابن القاسم: يخدمه حياة العبد، فإن مات فلان فلورثته خدمة العبد [ ص: 455 ] ما بقي العبد، إلا أن يستدل من قوله أنما أراد حياة المخدوم، ولا تكون هبة لرقبة العبد.

                                                                                                                                                                                                                              وقال أشهب: يحمل على أنه أراد حياة فلان ولو كانت حياة العبد كانت هبة لرقبته. والأول أصح; لأنه لا يفهم من هبة الخدمة هبة الرقبة، والأموال لا تستباح إلا بيقين، ولم يختلف العلماء أنه إذا قال: كسوتك هذا الثوب مدة يسميها فله شرطه، فإن لم يذكر أجلا فهو هبة; لأن لفظ الكسوة يقتضي الهبة للثوب; لقوله تعالى: فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم [المائدة: 89]، ولم تختلف الأمة أن ذلك تمليكا للطعام والثياب.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية