nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29045_30434_30428_30539سأصليه سقر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وما أدراك ما سقر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=28لا تبقي ولا تذر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=29لواحة للبشر nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عليها تسعة عشر
جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سأصليه سقر مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئا عن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=18إنه فكر وقدر إلى آخر الآيات فذكر وعيده بعذاب الآخرة .
[ ص: 311 ] ويجوز أن تكون بدلا من جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سأصليه سقر . والإصلاء : جعل الشيء صاليا ، أي : مباشرا حر النار . وفعل صلي يطلق على إحساس حرارة النار ، فيكون لأجل التدفئ كقول
الحارث بن حلزة :
فتنورت نارها من بعيد بخزازى أيان منك الصلاء
أي : أنت بعيد من التدفئ بها وكما قال
حميد بن ثور :
لا تصطلي النار إلا مجمرا أرجا قد كسرت من يلنجوج له وقصا
ويطلق على الاحتراق بالنار قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سيصلى نارا ذات لهب في سورة
أبي لهب وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فأنذرتكم نارا تلظى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لا يصلاها إلا الأشقى في سورة الليل ، وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10وسيصلون سعيرا في سورة النساء ، والأكثر إذا ذكر لفعل هذه المادة مفعول ثان من أسماء النار أن يكون الفعل بمعنى الإحراق كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فسوف نصليه نارا في سورة النساء . ومنه قوله هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سأصليه سقر .
وسقر : علم لطبقة من جهنم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه الطبق السادس من جهنم . قال
ابن عطية : سقر هو الدرك السادس من جهنم على ما روي ، اهـ . واقتصر عليه
ابن عطية . وجرى كلام جمهور المفسرين بما يقتضي أنهم يفسرون سقر بما يرادف جهنم .
وسقر : ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث ؛ لأنه اسم بقعة من جهنم أو اسم جهنم وقد جرى ضمير ( سقر ) على التأنيث في قوله تعالى لا تبقي إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عليها تسعة عشر . وقيل سقر معرب نقله في الإتقان عن
الجواليقي ولم يذكر الكلمة المعربة ولا من أية لغة هو .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وما أدراك ما سقر جملة حالية من ( سقر ) ، أي : سقر التي حالها لا ينبئك به منبئ وهذا تهويل لحالها .
و ( ما سقر ) في محل مبتدأ ، وأصله سقر ما ، أي : ما هي ، فقدم ( ما ) ؛ لأنه اسم استفهام وله الصدارة .
فإن ( ما ) الأولى استفهامية . والمعنى : أي شيء يدريك ، أي : يعلمك .
[ ص: 312 ] و ( ما ) الثانية استفهامية في محل رفع خبر عن ( سقر ) .
وجملة ( لا تبقي ) بدل اشتمال من التهويل الذي أفادته جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وما أدراك ما سقر ، فإن من أهوالها أنها تهلك كل من يصلاها . والجملة خبر ثان عن ( سقر ) .
وحذف مفعول ( تبقي ) لقصد العموم ، أي : لا تبقي منهم أحدا أو لا تبقي من أجزائهم شيئا .
وجملة ( ولا تذر ) عطف على ( لا تبقي ) فهي في معنى الحال . ومعنى لا تذر ، أي : لا تترك من يلقى فيها ، أي : لا تتركه غير مصلي بعذابها . وهذه كناية عن إعادة حياته بعد إهلاكه كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب .
ولواحة : خبر ثالث عن ( سقر ) . و ( لواحة ) فعالة ، من اللوح وهو تغيير الذات من ألم ونحوه ، وقال الشاعر ، وهو من شواهد الكشاف ولم أقف على قائله :
تقول ما لاحك يا مسافر يا ابنة عمي لاحني الهواجر
والبشر : يكون جمع بشرة ، وهي جلد الإنسان ، أي : تغير ألوان الجلود فتجعلها سودا ، ويكون اسم جمع للناس لا واحد له من لفظه .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عليها تسعة عشر خبر رابع عن ( سقر ) من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وما أدراك ما سقر .
ومعنى ( عليها ) على حراستها ، فـ ( على ) للاستعلاء المجازي بتشبيه التصرف والولاية بالاستعلاء كما يقال : فلان على الشرطة ، أو على بيت المال ، أي : يلي ذلك ، والمعنى : أن خزنة سقر تسعة عشر ملكا .
وقال جمع : إن عدد تسعة عشر : هم نقباء الملائكة الموكلين بجهنم .
وقيل : تسعة عشر صنفا من الملائكة وقيل تسعة عشر صفا . وفي تفسير
الفخر : ذكر أرباب المعاني في تقدير هذا العدد وجوها : أحدها قول أهل الحكمة : إن سبب فساد النفس هو القوى الحيوانية والطبيعية ، أما الحيوانية فهي الخمس الظاهرة والخمس الباطنة ، والشهوة والغضب ، فمجموعها اثنتا عشرة . وأما القوى الطبيعية فهي الجاذبة ، والماسكة ، والهاضمة ، والدافعة ، والغاذية ، والنامية ،
[ ص: 313 ] والمولدة ، فهذه سبعة ، فتلك تسع عشرة . فلما كان منشأ الآفات هو هذه التسع عشرة كان عدد الزبانية كذلك ، اهـ .
والذي أراه أن الملائكة التسعة عشر موزعون على دركات سقر أو جهنم لكل درك ملك فلعل هذه الدركات معين كل درك منها لأهل شعبة من شعب الكفر ، ومنها الدرك الأسفل الذي ذكره الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار في سورة النساء ، فإن الكفر أصناف منها إنكار وجود الله ، ومنها الوثنية ، ومنها الشرك بتعدد الإله ، ومنها عبادة الكواكب ، ومنها عبادة الشياطين والجن ، ومنها عبادة الحيوان ، ومنها إنكار رسالة الرسل ، ومنها
المجوسية المانوية والمزدكية والزندقة ، وعبادة البشر مثل الملوك ، والإباحية ولو مع إثبات الإله الواحد .
وفي ذكر هذا العدد تحد لأهل الكتابين يبعثهم على تصديق القرآن إذ كان ذلك مما استأثر به علماؤهم كما سيأتي قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31ليستيقن الذين أوتوا الكتاب .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30تسعة عشر بفتح العين من ( عشر ) . وقرأ
أبو جعفر ( تسعة عشر ) بسكون العين من ( عشر ) تخفيفا لتوالي الحركات فيما هو كالاسم الواحد . ولا التفات إلى إنكار
أبي حاتم هذه القراءة فإنها متواترة .
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29045_30434_30428_30539سَأُصْلِيهِ سَقَرَ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=28لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=29لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ
جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سَأُصْلِيهِ سَقَرَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=18إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ فَذَكَرَ وَعِيدَهُ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ .
[ ص: 311 ] وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنْ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سَأُصْلِيهِ سَقَرَ . وَالْإِصْلَاءُ : جَعْلُ الشَّيْءِ صَالِيًا ، أَيْ : مُبَاشِرًا حَرَّ النَّارِ . وَفِعْلُ صَلِيَ يُطْلَقُ عَلَى إِحْسَاسِ حَرَارَةِ النَّارِ ، فَيَكُونُ لِأَجْلِ التَّدَفُّئِ كَقَوْلِ
الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ :
فَتَنَوَّرْتَ نَارَهَا مِنْ بَعِيدٍ بِخَزَازَى أَيَّانَ مِنْكَ الصِّلَاءُ
أَيْ : أَنْتَ بَعِيدٌ مِنَ التَّدَفُّئِ بِهَا وَكَمَا قَالَ
حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ :
لَا تَصْطَلِي النَّارَ إِلَّا مِجْمَرًا أَرِجَا قَدْ كَسَّرْتَ مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَهُ وَقَصَا
وَيُطْلَقُ عَلَى الِاحْتِرَاقِ بِالنَّارِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=3سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ فِي سُورَةِ
أَبِي لَهَبٍ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=14فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=15لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى فِي سُورَةِ اللَّيْلِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، وَالْأَكْثَرُ إِذَا ذُكِرَ لِفِعْلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَفْعُولٌ ثَانٍ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ بِمَعْنَى الْإِحْرَاقِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=30فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سَأُصْلِيهِ سَقَرَ .
وَسَقَرُ : عَلَمٌ لِطَبَقَةٍ مِنْ جَهَنَّمَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهُ الطَّبَقُ السَّادِسُ مِنْ جَهَنَّمَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : سَقَرُ هُوَ الدَّرْكُ السَّادِسُ مِنْ جَهَنَّمَ عَلَى مَا رُوِيَ ، اهـ . وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ
ابْنُ عَطِيَّةَ . وَجَرَى كَلَامُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ سَقَرَ بِمَا يُرَادِفُ جَهَنَّمَ .
وَسَقَرُ : مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ بُقْعَةٍ مِنْ جَهَنَّمَ أَوِ اسْمُ جَهَنَّمَ وَقَدْ جَرَى ضَمِيرُ ( سَقَرَ ) عَلَى التَّأْنِيثِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا تُبْقِي إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ . وَقِيلَ سَقَرُ مُعَرَّبٌ نَقَلَهُ فِي الْإِتْقَانِ عَنِ
الْجَوَالِيقِيِّ وَلَمْ يَذْكُرِ الْكَلِمَةَ الْمُعَرَّبَةَ وَلَا مِنْ أَيَّةِ لُغَةٍ هُوَ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ جُمْلَةٌ حَالِيَةٌ مِنْ ( سَقَرَ ) ، أَيْ : سَقَرُ الَّتِي حَالُهَا لَا يُنْبِئُكَ بِهِ مُنْبِئٌ وَهَذَا تَهْوِيلٌ لِحَالِهَا .
وَ ( مَا سَقَرُ ) فِي مَحَلِّ مُبْتَدَأٍ ، وَأَصْلُهُ سَقَرُ مَا ، أَيْ : مَا هِيَ ، فَقَدَّمَ ( مَا ) ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ اسْتِفْهَامٍ وَلَهُ الصَّدَارَةُ .
فَإِنَّ ( مَا ) الْأُولَى اسْتِفْهَامِيَّةٌ . وَالْمَعْنَى : أَيُّ شَيْءٍ يُدْرِيكَ ، أَيْ : يُعْلِمُكَ .
[ ص: 312 ] وَ ( مَا ) الثَّانِيَةُ اسْتِفْهَامِيَّةٌ فِي مَحَلِّ رَفْعِ خَبَرٍ عَنْ ( سَقَرَ ) .
وَجُمْلَةُ ( لَا تُبْقِي ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنَ التَّهْوِيلِ الَّذِي أَفَادَتْهُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ ، فَإِنَّ مِنْ أَهْوَالِهَا أَنَّهَا تُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَصْلَاهَا . وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ ( سَقَرَ ) .
وَحُذِفَ مَفْعُولُ ( تُبْقِي ) لِقَصْدِ الْعُمُومِ ، أَيْ : لَا تُبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا أَوْ لَا تُبْقِي مِنْ أَجْزَائِهِمْ شَيْئًا .
وَجُمْلَةُ ( وَلَا تَذَرُ ) عَطْفٌ عَلَى ( لَا تُبْقِي ) فَهِيَ فِي مَعْنَى الْحَالِ . وَمَعْنَى لَا تَذَرُ ، أَيْ : لَا تَتْرُكُ مَنْ يُلْقَى فِيهَا ، أَيْ : لَا تَتْرُكُهُ غَيْرَ مَصْلِيٍّ بِعَذَابِهَا . وَهَذِهِ كِنَايَةٌ عَنْ إِعَادَةِ حَيَاتِهِ بَعْدَ إِهْلَاكِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=56كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ .
وَلَوَّاحَةٌ : خَبَرٌ ثَالِثٌ عَنْ ( سَقَرَ ) . وَ ( لَوَّاحَةٌ ) فَعَّالَةٌ ، مِنَ اللَّوْحِ وَهُوَ تَغْيِيرُ الذَّاتِ مِنْ أَلَمٍ وَنَحْوِهِ ، وَقَالَ الشَّاعِرُ ، وَهُوَ مِنْ شَوَاهِدِ الْكَشَّافِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى قَائِلِهِ :
تَقُولُ مَا لَاحَكَ يَا مُسَافِرْ يَا ابْنَةَ عَمِّي لَاحَنِي الْهَوَاجِرْ
وَالْبَشَرُ : يَكُونُ جَمْعَ بَشْرَةٍ ، وَهِيَ جِلْدُ الْإِنْسَانِ ، أَيْ : تُغَيِّرُ أَلْوَانَ الْجُلُودِ فَتَجْعَلُهَا سُودًا ، وَيَكُونُ اسْمَ جَمْعٍ لِلنَّاسِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ خَبَرٌ رَابِعٌ عَنْ ( سَقَرَ ) مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=27وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ .
وَمَعْنَى ( عَلَيْهَا ) عَلَى حِرَاسَتِهَا ، فَـ ( عَلَى ) لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ بِتَشْبِيهِ التَّصَرُّفِ وَالْوِلَايَةِ بِالِاسْتِعْلَاءِ كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ عَلَى الشُّرْطَةِ ، أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ، أَيْ : يَلِي ذَلِكَ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّ خَزَنَةَ سَقَرَ تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكًا .
وَقَالَ جَمْعٌ : إِنَّ عَدَدَ تِسْعَةَ عَشَرَ : هُمْ نُقَبَاءُ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِجَهَنَّمَ .
وَقِيلَ : تِسْعَةَ عَشَرَ صِنْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ تِسْعَةَ عَشَرَ صَفًّا . وَفِي تَفْسِيرِ
الْفَخْرِ : ذَكَرَ أَرْبَابُ الْمَعَانِي فِي تَقْدِيرِ هَذَا الْعَدَدِ وُجُوهًا : أَحَدُهَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِكْمَةِ : إِنَّ سَبَبَ فَسَادِ النَّفْسِ هُوَ الْقُوَى الْحَيَوَانِيَّةُ وَالطَّبِيعِيَّةُ ، أَمَّا الْحَيَوَانِيَّةُ فَهِيَ الْخَمْسُ الظَّاهِرَةُ وَالْخَمْسُ الْبَاطِنَةُ ، وَالشَّهْوَةُ وَالْغَضَبُ ، فَمَجْمُوعُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ . وَأَمَّا الْقُوَى الطَّبِيعِيَّةُ فَهِيَ الْجَاذِبَةُ ، وَالْمَاسِكَةُ ، وَالْهَاضِمَةُ ، وَالدَّافِعَةُ ، وَالْغَاذِيَةُ ، وَالنَّامِيَةُ ،
[ ص: 313 ] وَالْمُوَلِّدَةُ ، فَهَذِهِ سَبْعَةٌ ، فَتِلْكَ تِسْعَ عَشْرَةَ . فَلَمَّا كَانَ مَنْشَأُ الْآفَاتِ هُوَ هَذِهِ التِسْعَ عَشْرَةَ كَانَ عَدَدُ الزَّبَانِيَةِ كَذَلِكَ ، اهـ .
وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ التِسْعَةَ عَشَرَ مُوَزَّعُونَ عَلَى دَرَكَاتِ سَقَرَ أَوْ جَهَنَّمَ لِكُلِّ دَرْكٍ مَلَكٌ فَلَعَلَّ هَذِهِ الدَّرَكَاتِ مُعَيَّنٌ كُلُّ دَرْكٍ مِنْهَا لِأَهْلِ شُعْبَةٍ مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ ، وَمِنْهَا الدَّرْكُ الْأَسْفَلُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=145إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْكُفْرَ أَصْنَافٌ مِنْهَا إِنْكَارُ وُجُودِ اللَّهِ ، وَمِنْهَا الْوَثَنِيَّةُ ، وَمِنْهَا الشِّرْكُ بِتَعَدُّدِ الْإِلَهِ ، وَمِنْهَا عِبَادَةُ الْكَوَاكِبِ ، وَمِنْهَا عِبَادَةُ الشَّيَاطِينِ وَالْجِنِّ ، وَمِنْهَا عِبَادَةُ الْحَيَوَانِ ، وَمِنْهَا إِنْكَارُ رِسَالَةِ الرُّسُلِ ، وَمِنْهَا
الْمَجُوسِيَّةُ الْمَانَوِيَّةُ وَالْمَزْدَكِيَّةُ وَالزَّنْدَقَةُ ، وَعِبَادَةُ الْبَشَرِ مِثْلَ الْمُلُوكِ ، وَالْإِبَاحِيَّةُ وَلَوْ مَعَ إِثْبَاتِ الْإِلَهِ الْوَاحِدِ .
وَفِي ذِكْرِ هَذَا الْعَدَدِ تَحَدٍّ لِأَهْلِ الْكِتَابَيْنِ يَبْعَثُهُمْ عَلَى تَصْدِيقِ الْقُرْآنِ إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ بِهِ عُلَمَاؤُهُمْ كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=31لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=30تِسْعَةَ عَشَرَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنْ ( عَشَرَ ) . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ ( تِسْعَةَ عَشْرَ ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ مِنْ ( عَشْرَ ) تَخْفِيفًا لِتَوَالِي الْحَرَكَاتِ فِيمَا هُوَ كَالِاسْمِ الْوَاحِدِ . وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى إِنْكَارِ
أَبِي حَاتِمٍ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ فَإِنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ .