الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر ما يستحب للإمام اتخاذ الكاتب لنفسه لما يقع من الحوادث والأسباب في أمور المسلمين .

                                                                                                                          4506 - أخبرنا الفضل بن الحباب قال : حدثنا أبو الوليد [ ص: 360 ] الطيالسي قال : حدثنا إبراهيم بن سعد قال : حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت ، قال : أرسل إلي أبو بكر الصديق رضوان الله عليه مقتل أهل اليمامة ، فإذا عمر رضوان الله عليه جالس عنده ، فقال أبو بكر : إن عمر جاءني ، فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستحر القتل في المواطن كلها فيذهب من القرآن كثير ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن ، قال : قلت : كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : هو والله خير ، فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر عمر ، ورأيت في ذلك الذي رأى ، فقال لي أبو بكر : إنك شاب عاقل ، لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه .

                                                                                                                          قال زيد : فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ، قلت : فكيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع ، واللخاف ، والعسب ، وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة بن ثابت الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم خاتمة براءة ، قال : فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم [ ص: 361 ] عند عمر حتى توفاه الله ، ثم عند حفصة بنت عمر
                                                                                                                          .

                                                                                                                          قال إبراهيم بن سعد : وحدثني ابن شهاب عن أنس بن مالك : أن حذيفة قدم على عثمان بن عفان وكان يغازي أهل الشام ، وأهل العراق ، وفتح إرمينية ، وأذربيجان ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود ، والنصارى ، فبعث عثمان إلى حفصة : أن أرسلي الصحف لننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك .

                                                                                                                          فبعثت بها إليه ، فدعا زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وأمرهم أن ينسخوا الصحف في المصاحف ، وقال لهم : ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش ، فإنه نزل بلسانهم ، وكتب الصحف في المصاحف ، وبعث إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر مما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يمحى أو يحرق .

                                                                                                                          قال ابن شهاب : فأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت ، أنه سمع زيد بن ثابت يقول : فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسخت المصحف ، كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ، فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فألحقتها في سورتها في المصحف .

                                                                                                                          [ ص: 362 ] قال ابن شهاب : اختلفوا يومئذ في التابوت ، فقال زيد : " التابوه " ، وقال ابن الزبير وسعيد بن العاص : " التابوت " ، فرفع اختلافهم إلى عثمان رضوان الله عليه ، فقال : اكتبوه " التابوت " ، فإنه لسان قريش .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية