الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: الخلاف فيمن أكرى داره خمس سنين بمائة دينار ومضى الحول

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن أكرى داره خمس سنين بمائة دينار نقدا، ثم مضى الحول.

                                                                                                                                                                                        فقال ابن القاسم: يزكي عما ينوب السنة الماضية، ثم ينظر إلى الباقي، فيزكي منه ما يقابل قيمة الدار مهدومة. وقال سحنون: يزكي عن جميع المائة. وهو أحسن; لأن الدار لا تكرى تلك المدة بالنقد إلا وهي مأمونة الانهدام، ولو كان يخاف عليها في تلك المدة لكان الكراء فاسدا.

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا فيمن كانت بيده مائة دينار مضى لها ستة أشهر، فأكرى بها دارا سنة، ثم أكرى تلك السنة بمائتين، ثم تمت السنة من يوم العقد على أصل ذلك المال.

                                                                                                                                                                                        فقيل : يزكي عن مائتين; لأنه لا يراعى الانهدام، أو عن مائة وخمسين; لأنه استوجب عن الستة الأشهر الماضية مائة لا رجوع عليه فيها، مترقبة، إن انهدمت الدار رجع عليه فيها، وله هو مرجع على من كان اكترى منه بخمسين، فيجعل الدين فيها، ويزكي عن خمسين.

                                                                                                                                                                                        وقيل: يزكي مائة. وهو أحسن على القول بمراعاة الانهدام; لأن [ ص: 892 ] المكتري يقول: الانهدام يفسخ العقد في الباقي، وإنما في يدي مال قبضته من ستة أشهر; فلا زكاة فيه، وإنما حال الحول على مالي الذي دفعته إلى المكتري الأول، فإذا قبضته زكيته.

                                                                                                                                                                                        وعلى أصل سحنون يزكي عن الجميع; لأنه لا يراعي الانهدام.

                                                                                                                                                                                        ومن اكترى أرضا ليزرعها لقوته، أو لتجارة، أو كانت له أرض يملكها، فزرعها لقوته، أو لتجارة، فأخرج ذلك الزرع خمسة أوسق- زكاه زكاة الزرع.

                                                                                                                                                                                        ويفترق الجواب فيما باعه بعد ذلك، إذا باع بنصاب من العين بعد حول من يوم زكى زكاة الحرث، فإن زرع ذلك للقنية استأنف بالثمن حولا، وسواء اكترى الأرض أو كانت ملكا له.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا اكترى الأرض للتجارة.

                                                                                                                                                                                        فقال مالك، وابن القاسم: عليه الزكاة في ثمن ما باع.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: لا زكاة عليه، ويستأنف بالثمن حولا. فجعل مالك الحكم للأرض دون الزريعة، وإذا كانت الأرض ملكا له وزرع للتجارة كان غلة.

                                                                                                                                                                                        وهذا موافق لقوله لا تكترى الأرض بطعام............ [ ص: 893 ] ليعمل فيها طعاما، ولأحد قوليه في الشريكين في الزرع إذا كانت الأرض من عند أحدهما أن الزرع له دون صاحب الزريعة; وعلى هذا تجب الزكاة إذا أكريت للتجارة، وإن كانت الزريعة للقنية.

                                                                                                                                                                                        ولا تجب الزكاة إذا اكتريت للقنية، ثم زرعها للتجارة بزريعة كانت عنده للتجارة.

                                                                                                                                                                                        وعلى أحد قوليه في الشريكين في الزرع، أنه لصاحب الزريعة; تجب الزكاة فيه إذا كانت الأرض ملكا له وزرعها للتجارة بزريعة كانت عنده للتجارة، ولا تجب الزكاة إذا اكترى الأرض للتجارة وزرعها بزريعة كانت عنده للقنية.

                                                                                                                                                                                        وتجب الزكاة إذا اكتراها للقنية وزرعها للتجارة بزريعة كانت عنده للتجارة، وإذا أخرجت الأرض دون خمسة أوسق، ثم باع ذلك الحب بنصاب من العين وكان للتجارة- زكى الثمن على أصل حول ذلك المال قبل الحرث، ولا يسقط الحول الأول إذا وجد خمسة أوسق فأكثر. [ ص: 894 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية