الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2737 [ ص: 602 ] 75 - باب: ركوب البحر

                                                                                                                                                                                                                              2894 ، 2895 - حدثنا أبو النعمان ، حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : حدثتني أم حرام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوما في بيتها ، فاستيقظ وهو يضحك ، قالت : يا رسول الله ، ما يضحكك ؟ قال : " عجبت من قوم من أمتي يركبون البحر ، كالملوك على الأسرة " . فقلت يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال : "أنت معهم " . ثم نام ، فاستيقظ وهو يضحك فقال مثل ذلك مرتين أو ثلاثا . قلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فيقول : "أنت من الأولين " فتزوج بها عبادة بن الصامت ، فخرج بها إلى الغزو ، فلما رجعت قربت دابة لتركبها ، فوقعت فاندقت عنقها . [انظر : 2788 ، 2789 ،

                                                                                                                                                                                                                              مسلم: 1912 - فتح: 6 \ 87]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أنس في قصة أم حرام ، وقد سلف .

                                                                                                                                                                                                                              وقدمنا أن فيه جواز ركوب البحر للجهاد ، وإذا جاز للجهاد فالحج أجوز ، لا جرم أن الأظهر عند الشافعي وجوب ركوبه له إن غلبت السلامة .

                                                                                                                                                                                                                              وبه قال مالك وأبو حنيفة ; وكره مالك للمرأة الحج في البحر ، وهو للجهاد أكره ، وسببه أن المرأة لا تكاد تستر عن الرجال ولا يستترون عنها ، ونظرها إلى عورات الرجال ونظرهم إليها حرام ، فلم (ير لها ) استباحة فضيلة ولا أداء فريضة بمواقعة محرم .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر مالك أن عمر بن الخطاب كان يمنع الناس من ركوب البحر فلم يركبه أحد طول حياته ، فلما مات استأذن معاوية عثمان بن عفان في ركوبه فأذن له ، فلم يزل يركب حتى كان عمر بن عبد العزيز فمنع من

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 603 ] ركوبه ، ثم ركب بعده إلى الآن .

                                                                                                                                                                                                                              ولا حجة لمن منع ركوبه ; لأن السنة أباحته (للجهاد ) للرجال والنساء في حديث الباب وغيره ، وهي الحجة وفيها الأسوة ، وقد ذكر أبو عبيد أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ركوبه في وقت ارتجاجه وصعوبته ، ساقه من حديث أبي عمران الجوني عن زهير بن عبد الله يرفعه : "من ركب البحر إذ التج " أو قال : "ارتج فقد برئت منه الذمة " أو قال : "فلا يلومن إلا نفسه " ، قال أبو عبيد : وأكثر ظني أنه قال التج باللام ، فدل على أن ركوبه مباح في غير هذا الوقت في كل شيء في التجارة وغيرها وقد سبق في باب التجارة في البحر من البيوع واضحا .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية