الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( ويجب رد عينه في مكان غصبه ) لقوله عليه الصلاة والسلام { على اليد ما أخذت حتى ترد } أي على صاحب اليد ولقوله عليه الصلاة والسلام { لا يحل لأحد أن يأخذ مال أخيه لاعبا ولا جادا وإن أخذه فليرده عليه } والمعنى أنه لا يريد أن يأخذه سرقة ولكن يريد إدخال الغيظ عليه و ; لأنه بالأخذ فوت عليه اليد وهي مقصودة ; لأن المالك يتوصل بها إلى تحصيل ثمرات الملك من الانتفاع والتصرف ولهذا شرعت الكتابة والإذن مع أنها لا تفيد سوى اليد فيجب عليه نسخ فعله دفعا للضرر عنه وأتم وجوهه رد عينه في مكان غصبه ; لأن المال يختلف باختلاف الأماكن ورد العين هو الموجب الأصلي ; لأنه أعدل ورد القيمة أو المثل مخلص فيصار إليه عند تعذر رد العين ولهذا لو أتى بالمثل أو القيمة عند القدرة على العين لا يعتد به ولو رد العين من غير علم المالك برئ منها ولو لم يكن هو الموجب الأصلي لما برئ إلا إذا علم وقبضه كما في قبض المثل أو القيمة وقبل الموجب الأصلي وهو المثل أو القيمة ورد العين مخلص ولهذا لو أبرأه عن الضمان حين قيام العين يصح حتى لا يجب عليه الضمان بالهلاك .

                                                                                        والإبراء عن العين لا يصح ولو كان للغاصب نصاب ينتقص به كما ينتقص بالدين فدل على أن الواجب المثل أو القيمة ووجوب رده في مكان غصبه مقيد بما إذا لم يتعين بزيادة أو نقصان كما سيأتي وكذلك يجب أداء القيمة في مكان غصبه ففي الخانية رجل غصب عبدا حسن الصوت فتغير صوته عند الغاصب كان له النقصان ولو كان العبد مغنيا فنسي ذلك عند الغاصب لا يضمن الغاصب وفي المنتقى غصب من آخر دواب بالكوفة فالمغصوب منه بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء قيمتها بالكوفة قال وكذا الخادم وكذا ما له حمل ومؤنة إلا الدراهم والدنانير ، فإنه يأخذها حيث وجدها وإن اختلف السعر ; لأنه أثمان وليس له أن يأخذ القيمة وإن كان المغصوب مثليا وقد هلك في يد الغاصب ، فإن كان السعر في المكان الذي التقيا فيه مثل السعر في مكان الغصب أو أكثر برئ برد المثل ، وإن كان في المكان الذي التقيا فيه أقل فهو بالخيار إن شاء أخذ قيمة العين حيث غصبه ، وإن شاء انتظر وفي الخانية ، فإن كانت القيمة في المكانين سواء كان للمغصوب منه أن يطالبه بالثمن وفيها عن أبي يوسف رجل غصب حنطة بمكة وحملها إلى بغداد قال عليه قيمتها بمكة ولو غصب غلاما بمكة فجاء به إلى بغداد ، فإن كان صاحبه من أهل مكة عليه قيمته ، وإن كان من غير أهل مكة أخذ غلامه وفي الينابيع قال ابن سماعة سمعت أبا يوسف في رجل غصب عبدا فذهب به إلى قرية فلقيه المغصوب منه فخاصمه فهو بالخيار إن شاء أخذ عبده بعينه ، وإن شاء أخذ قيمته يوم غصبه ا هـ .

                                                                                        فلو زاد المؤلف ومكان غصبه حيث لا يتغير ولا يقل لكان [ ص: 125 ] أولى

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية