الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وبحصة العرصة إن نقض المشتري البناء ) يعني أخذ الشفيع العرصة بحصتها من الثمن إن نقض المشتري البناء ; لأنه صار مقصودا بالإتلاف ويقابله شيء من الثمن فيقسم الثمن على قيمة الأرض والبناء يوم العقد ونقض الأجنبي البناء كنقض المشتري وفي التتارخانية لو لم يهدم المشتري البناء ولكن باعه من غير إرضاء ثم حضر الشفيع فله أن [ ص: 156 ] ينقض البيع ويأخذ الكل وكذا النبات والنخل قال رحمه الله ( والنقض له ) يعني النقض للمشتري ; لأن الشفيع إنما كان يأخذه بطريق التبعية للعرصة وقد زالت بالانفصال قال رحمه الله ( وبثمرها إن ابتاع أرضا ونخلا وثمرا أو أثمر في يده ) يعني يأخذها الشفيع مع ثمرها إن كان المشتري اشترى الأرض مع الثمر بأن شرطه في البيع أو أثمر عند المشتري بعد الشراء ; لأن الثمر لا يدخل في البيع إلا بالشرط بخلاف النخل .

                                                                                        والقياس أن لا يكون له أخذ الثمر لعدم التبعية كالمتاع الموضوع فيها وجه الاستحسان أن الاتصال خلقة صار تبعا من وجه ولا يتولد من البيع فيسري إليه الحق الثابت في الأصل كالمبيعة إذا ولدت قبل القبض ، فإن المشتري يملك الولد تبعا للأم كذا هنا وفي الخانية لو اشترى قرية فيها أشجار ونخل فقطع المشتري بعض الأشجار وهدم بعض البناء فحضر الشفيع يأخذ الأرض وما لم يقطع من الأشجار وما لم يهدم من البناء وليس له أن يأخذها بالشفعة ويقسم الثمن على قيمة البناء والأرض فما أصاب البناء سقط وما أصاب العرصة يأخذها به وينقص بناء المشتري الذي أحدثه وهذا القول ظاهر الرواية قال رحمه الله ( وإن جذه المشتري سقط حصته من الثمن ) يعني في الفصل الأول وهو ما اشتراها بثمرها بالشرط فكان له فيسقط من الثمن بحصته ، وإن هلك بآفة سماوية فكذلك ; لأنه لما دخل في البيع صار أصلا فسقط حصته من الثمن بفواته ، أما في الأصل الثاني فيأخذ الأرض والنخل بجميع الثمن ; لأن الثمن لم يكن موجودا عند العقد فلا يقابله شيء من الثمن وكان أبو يوسف يقول أولا أنه يحط من الثمن في الفصل الثاني ; لأن حال المشتري مع الشفيع كحال البائع مع المشتري قبل القبض .

                                                                                        ولو أكل البائع الثمر الحادث بعد القبض سقط حصته من الثمن فكذا هنا ثم رجع إلى ما ذكر في الكتاب من أنه لا يسقط شيء من الثمن ; لأن الشفيع يأخذ بما قام على المشتري وهو قائم عليه المبيع بدون الثمن بجميع الثمن بخلاف ما إذا كانت موجودة عند العقد ; لأنه دخل في البيع قصدا وبخلاف الحادث عند البائع قبل القبض ; لأنه حدث على ملك المشتري فيكون له حصة من الثمن بالاستهلاك وليس للشفيع أن يأخذ الثمن بعد الجذاذ في الفصلين لزوال التبعية بالانفصال قبل الأخذ والله تعالى أعلم

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية