الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله : ( وهي كالمزارعة ) يعني لا يجوز عند الإمام ويجوز عندهما ، وشرطها عندهما شروط المزارعة في جميع ما ذكرنا إلا في أربعة أشياء أحدها إذا امتنع أحدهما يجبر لأنه لا ضرر عليه في المضي بخلاف المزارعة على ما تقدم الثاني إذا انقضت المدة تترك بلا أجرة على ما تبين بخلاف المزارعة الثالث إذا استحق النخل [ ص: 187 ] يرجع العامل بأجرة مثله والزارع بقيمة الزرع والرابع في بيان المدة فإذا لم يبين المدة فيها فيجوز استحسانا لأن التيقن وقت إدراك الثمرة معلوم وقل ما يتفاوت فيه فيدخل ما هو المتيقن به ، وإدراك البذر في أصول الرطبة في هذا بمنزلة إدراك الثمار لأن لها نهاية معلومة فلا يشترط فيها بيان المدة بخلاف الزرع لأن ابتداءه يختلف ، والانتهاء ينبني عليه فتدخله الجهالة الفاحشة وبخلاف ما إذا دفع إليه غرسا قد نبت ولم يثمر بعد معاملة حيث لا يجوز إلا ببيان المدة لأنه يتفاوت بقوة الأرض وضعفها تفاوتا فاحشا فلا يمكن صرفه إلى أول ثمر يخرج منه وبخلاف ما إذا دفع نخلا ، أو أصول رطبة على أن يقيم عليها حتى يذهب أصولها ونبتها لأنه لا يعلم متى ينقطع النخل .

                                                                                        أو الرطب لأن الرطب ثمر ما دامت أصولها فتكون مجهولة فتفسد المساقاة وكذا إذا أطلق في الرطبة ولم يرد في قوله حتى يذهب بخلاف ما إذا أطلق في النخل حيث يجوز وينصرف إلى أول ثمرة تخرج منه والفرق أن ثمر النخل لإدراكه وقت معلوم فينصرف إليه ولا يعرف في الرطبة أول جزء منه حتى لو عرف جاز لعدم الجهالة ولو أطلق في النخل ولم يثمر في تلك السنة انقطعت المعاملة فيها لانتهاء مدتها فإن سمى فيها مدة يعلم أن الثمرة لا تخرج في المدة فسدت المساقاة لفوات المقصود وهو الشركة في الثمار ، وإن ذكرا مدة يحتمل الطلوع فيها جازت لعدم التيقن بفوات المقصود ، ثم إن خرج في الوقت المسمى فهو على الشركة لصحة العقد ، وإن تأخر فللعامل أجر مثله لفساد العقد لأنه تبين الخطأ في المدة فصار كما لو علم ذلك ابتداء بخلاف ما إذا لم يخرج أصلا لأن الذهاب بآفة سماوية فلا يتبين أن العقد كان فاسدا فبقي العقد صحيحا ولا شيء لكل واحد منهما على صاحبه وفي الخلاصة ، وإن ذكرا مدة قد يخرج وقد لا يخرج فهي موقوفة إن أخرجت في المدة صحت ، وإن لم تخرج فسدت وهذا إذا خرجت في المدة المضروبة ما يرغب في مثله فإن أخرجت في شيء لا يرغب في مثله فهي فاسدة . ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط ولو دفع إليه رطبة ثابتة في الأرض وقد انتهى جوازها لكن بذرها لم يخرج ليقوم ليخرج البذر على أن البذر بينهما نصفان ولم يسميا وقتا جاز لأنه جعل الأجرة بعض ما يخرج من عمله ولو شرطا أن الرطبة بينهما نصفان لم تجز لأنه استأجره ببعض ما أوجد قبل عمله مقصودا ، وفي جامع الفتاوى ولو دفع أرضا معاملة خمسمائة سنة لم يجز ، وإن شرط مائة سنة وهو ابن عشرين سنة جاز ، وإن كان أكثر من عشرين سنة لم يجز ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية