الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم )

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 26 ] ثم قال تعالى : ( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أن قوله : ( إن تقرضوا الله قرضا حسنا ) أي إن تنفقوا في طاعة الله متقاربين إليه يجزكم بالضعف لما أنه ( شكور ) يحب المتقربين إلى حضرته ( حليم ) لا يعجل بالعقوبة ( غفور ) يغفر لكم ، والقرض الحسن عند بعضهم هو التصدق من الحلال ، وقيل : هو التصدق بطيبة نفسه ، والقرض هو الذي يرجى مثله وهو الثواب مثل الإنفاق في سبيل الله ، وقال في الكشاف : ذكر القرض تلطف في الاستدعاء وقوله : ( يضاعفه لكم ) أي يكتب لكم بالواحدة عشرة وسبعمائة إلى ما شاء من الزيادة وقرئ ( يضعفه ) شكور ) مجاز أي يفعل بكم ما يفعل المبالغ في الشكر من عظيم الثواب وكذلك ( حليم ) يفعل بكم ما يفعل من يحلم عن المسيء فلا يعاجلكم بالعذاب مع كثرة ذنوبكم ، ثم لقائل أن يقول : هذه الأفعال مفتقرة إلى العلم والقدرة ، والله تعالى ذكر العلم دون القدرة فقال عالم الغيب ، فنقول قوله : ( العزيز ) يدل على القدرة من عز إذا غلب و ( الحكيم ) على الحكمة ، وقيل : العزيز الذي لا يعجزه شيء ، والحكيم الذي لا يلحقه الخطأ في التدبير ، والله تعالى كذلك فيكون عالما قادرا حكيما جل ثناؤه وعظم كبرياؤه ، والله أعلم بالصواب ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وخاتم النبيين سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية