الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2502 - وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلا من المسلمين قد خفت ، فصار مثل الفرخ ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله إياه ) ؟ ! . قال نعم ، كنت أقول : ( اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا ) . فقال رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - ( سبحان الله ! لا تطيقه ولا تستطيعه : أفلا قلت : اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ؟ ) قال : فدعا الله به فشفاه الله . رواه مسلم .

التالي السابق


2502 - ( وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد ) : من العيادة أي : زار ( رجلا ) : أي مريضا ( من المسلمين قد خفت ) : بفتح الفاء أي ضعف من خفت إذا ضعف وسكن ( فصار ) : أي : بسبب الضعف ( مثل الفرخ ! ) : وهو ولد الطير أي مثله في كثرة النحافة ، وقلة القوة . [ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( هل كنت تدعو الله بشيء أو تسأله إياه ؟ ) : قيل : شك من الراوي ، وقال الطيبي : والظاهر أنه من كلامه - عليه الصلاة والسلام - أي : هل كنت تدعو بشيء من الأدعية التي يسأل فيها مكروه ، أو هل سألت الله البلاء الذي أنت فيه ؟ وعلى هذا فالضمير المنصوب عائد إلى البلاء الذي دل عليه الحال ، وينبئ عنه خفت ، فيكون قد عم أولا وخص ثانيا ، وجعل ابن حجر : ( أو ) للتنويع ، وجعل الدعاء مختصا بالتلويح ، والسؤال بالتصريح وهو وجه وجيه ، لكن قوله : واندفع به ما للشارح هنا من التكلف البعيد ، والتأويل الغريب فمدفوع ، فإن الشارح أيضا جعل ( أو ) للتنويع ، غايته أنه حمل الدعاء والسؤال بمعنى واحد ، كما هو الظاهر ، وفرق في مفعوليهما بأن جعل المفعول الأول عاما والمفعول الثاني خاصا ، فتقرب ولا تبعد فتستبعد ، ثم من الغريب أنه ذكر ورقتين من الكلام في تصحيح قوله : وانتقل انتقالات عجيبة لا دخل للمقصود فيها أبدا .

( قال : نعم ) : فيه دلالة على أن ( أو ) للشك من الراوي لا للترديد منه - صلى الله عليه وسلم - . ( كنت أقول : اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة ) : [ ص: 1739 ] شرطية أو موصولة [ فعجله لي في الدنيا . قال رسول الله : - صلى الله عليه وسلم - ( سبحان الله ! ) : تنزيه له تعالى عن الظلم وعن العجز ، أو تعجب من الداعي في هذا المطلب وهو أقرب . ( لا تطيقه ) : أي في الدنيا ( ولا تستطيعه ) : في العقبى أو كرر للتأكيد ، فبطل قول ابن حجر ، فمآل الجملتين واحد ، إذ يحتمل اختلافهما بخلاف تعلقها . وقال الطيبي : قوله : ( لا تطيقه ) بعد ما صار الرجل كالفرخ ، وبعد قوله : كنت أقول لحكاية الحال الماضية المستمرة الحال والاستقبال ، وأغرب ابن حجر فقال : أي لا تطيق هذا العذاب الذي سألته لا في هذه الحالة التي أنت فيها ، ولا فيما سواها ، كما دل عليه عموم النفي ، فاندفع قول الطيبي إلخ فتأمل . فإن العاقل يكفيه الإشارة ، والغافل لا تنفعه كثرة العبارة .

( أفلا قلت ) : أي بدل ما قلت : ( اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) : أي عافية ( وفي الآخرة حسنة ) : أي معافاة ( وقنا عذاب النار ؟ ) قال ، : أي : أنس ( فدعا ) : أي الرجل ( الله به ) : أي بهذا الدعاء الجامع .

وقال ابن حجر : أي حال كونه ملتبسا بقوله هذا الدعاء ، أو مستغنى عنه نشأ عن الغفلة عن قوله : - صلى الله عليه وسلم - ( هل دعوت الله بشيء ؟ ) فإن الباء للتعدية أي المفعول الثاني ( فشفاه الله ) : أي : بالدواء النافع . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية