الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 207 ] ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر - تسعة أحاديث

منها ثلاثة مرسلة ، وغيرها متصلة مسندة ومنها ، حديث واحد ، شرك سالما فيه أخوه حمزة بن عبد الله بن عمر ، وسالم يكنى أبا عمرو ، كان أشبه ولد عبد الله بن عمر بعبد الله بن عمر ، وذكر مالك عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كان أشبه ولد عمر بن الخطاب به عبد الله بن عمر ، وكان أشبه ولد عبد الله بن عمر به سالم .

قال أبو عمر :

كان عبد الله بن عمر محبا في سالم فيما ذكروا ، وكان يفرط في حبه فيلام أحيانا في ذلك ، فكان يقول :

يلومونني في سالم وألومهم وجلدة بين العين والأنف سالم ويروى :

    يديرونني في سالم وأديرهم
وجلدة بين العين والأنف سالم

وكان سالم ناسكا يلبس الصوف ، وكان فقيها جليلا ، أحد الفقهاء العشرة من التابعين بالمدينة ، وكان حسن الخلق مداعبا ، له أخبار ظريفة مع أشعب الطماع ، وكان أسمر شديد السمرة ، يخضب بالحناء ، [ ص: 208 ] أمه أم ولد ، روى عنه القاسم بن محمد ، ذكر الحسن الحلواني قال : حدثنا عثمان بن الهيثم ، قال : حدثنا حنظلة ، عن القاسم أن سالم بن عبد الله قال : لو فاتني من الجمعة ركعة ، ما زدت على أن أركع إليها ركعة أخرى ، وكان سالم سريع الكلام ، وذكر الحلواني عن سليمان بن حرب ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب قال : سمعت سالما يسئل ، عن التيمم فقال : ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين ، وكان سريع الكلام .

قال الحلواني : وحدثنا المعلى بن أسد ، قال : حدثنا عبد العزيز بن مختار ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال لي عبد الله بن عمر : هل تدري لما سميت ابني سالما ؟ قلت : لا ، قال : باسم سالم مولى أبي حذيفة ، وهل تدري لم سميت ابني واقدا ؟ قلت : لا ، قال : باسم واقد بن عبد الله اليربوعي ، وهل تدري لم سميت ابني عبد الله ؟ قلت : لا ، قال : باسم عبد الله بن رواحة .

حدثنا عبد الرحمن بن يحيى ، حدثنا أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا ابن الأعرابي ، حدثنا أبو داود ، قال : قرأ علي الحرث بن مسكين [ ص: 209 ] - وأنا شاهد - أخبركم ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، قال : إن فتيا ابن شهاب ووجه ما كان يأخذ به إلى قول سالم ، وسعيد بن المسيب .

وتوفي سالم سنة ست ومائة بالمدينة ، لم ينتقل عنها حتى مات فيها ، وصلى عليه هشام بن عبد الملك ، كان حج تلك السنة ، ثم قدم المدينة ، زائرا فوافق موت سالم ، فصلى عليه . واختلف في موضع صلاته عليه ، فقال قوم صلى عليه بالبقيع . ذكر ذلك الواقدي ، عن أفلح بن حميد ، وخالد بن القاسم ، وقال آخرون : صلى عليه في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك ابن أبي خيثمة ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، قال : صلينا على سالم بن عبد الله عند مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يختلفوا في سائر ما ذكرت لك ، والله أعلم .

إلا أن وهب بن جرير ، قال : توفي سالم سنة ثمان ومائة ، وقال غيره : توفي : سنة ست ومائة ، وكذلك قال ضمرة ، عن ابن شوذب : شهدت جنازة سالم بن عبد الله سنة ست ومائة ، قال حمزة ، عن ابن شوذب : حج هشام بن عبد الملك سنة ست ومائة ، فمر بالمدينة ، فعاد سالم بن عبد الله ، وكان مريضا ، ثم انصرف ، فوجده قد مات ، فصلى عليه وذلك سنة ست ومائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية