الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 604 ) مسألة : قال أبو القاسم ( وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ، ابتدأ الصلاة إلى القبلة ، وصلى إلى غيرها راجلا وراكبا ، يومئ إيماء على قدر الطاقة ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه ) وجملة ذلك أنه إذا اشتد الخوف ، بحيث لا يتمكن من الصلاة إلى القبلة ، أو احتاج إلى المشي ، أو عجز عن بعض أركان الصلاة ; إما لهرب مباح من عدو ، أو سيل ، أو سبع ، أو حريق ، أو نحو ذلك ، مما لا يمكنه التخلص منه إلا بالهرب ، أو المسابقة ، أو التحام الحرب ، والحاجة إلى الكر والفر والطعن والضرب والمطاردة ، فله أن يصلي على حسب حاله ، راجلا وراكبا إلى القبلة - إن أمكن - ، أو إلى غيرها إن لم يمكن .

                                                                                                                                            وإذا عجز عن الركوع والسجود ، أومأ بهما ، وينحني إلى السجود أكثر من الركوع على قدر طاقته ، وإن عجز عن الإيماء ، سقط ، وإن عجز عن القيام أو القعود أو غيرهما ، سقط ، وإن احتاج إلى الطعن والضرب والكر والفر ، فعل ذلك . ولا يؤخر الصلاة عن وقتها ; لقول الله تعالى : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } . وروى مالك ، عن نافع ، عن { ابن عمر ، قال : فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا ، قياما على أقدامهم ، أو ركبانا ، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها } . قال نافع : لا أرى ابن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            وإذا أمكن افتتاح الصلاة إلى القبلة ، فهل يجب ذلك ؟ قال أبو بكر : فيه روايتان : إحداهما ، لا يجب ; لأنه جزء من أجزاء الصلاة ، فلم يجب الاستقبال فيه ، كبقية أجزائها . قال : وبه أقول [ ص: 259 ]

                                                                                                                                            والثانية ، يجب ; لما روى أنس بن مالك { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في السفر ، فأراد أن يصلي على راحلته ، استقبل القبلة ، ثم كبر ، ثم صلى حيث توجهت به } . رواه الدارقطني . ولأنه أمكنه ابتداء الصلاة مستقبلا فلم يجز بدونه ، كما لو أمكنه ذلك في ركعة كاملة . وتمام شرح هذه الصلاة نذكره في باب صلاة الخوف ، إن شاء الله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية