الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وقال محمد إذا قطع الرجل أصبع رجل من المفصل ثم قطع يد آخر وبدأ باليد ثم قطع الأصبع وذلك كله في يد واحد بأن كان في اليمنى وفي اليسرى وحضر صاحب الأصبع والمقطوعة يده وطلبا من القاضي القصاص ، فإن القاضي يقطع أولا لصاحب الأصبع ثم يخير صاحب اليد ، فإن شاء قطع الثاني لجهته ولا شيء له من أرش الأصبع ،

                                                                                        وإن شاء لم يقطع يده ، وكان له دية اليد في ماله فرق بين هذا وبين ما إذا قطع يمنى رجلين ثم جاءا أو طلبا حقهما من القاضي ، فإن القاضي لا يبدأ بأحدهما بل يقضي لهما بالقصاص في يمينه ودية في ماله هذا الذي ذكرنا إذا كان صاحب الأصبع ، وصاحب اليد حاضرين ، فأما إذا كان أحدهما حاضرا ، والآخر غائبا ، فإن كان الحاضر صاحب الأصبع فلا يقطع الأصبع له ، وإن كان الحاضر صاحب اليد ، فإنه يقطع له ، وإذا جاء صاحب الأصبع بعد ذلك ، فإنه يأخذ أرش الأصبع من ماله ، ولو قطع رجل أصبع رجل من المفصل الأعلى ثم آخر قطع من المفصل الأوسط ثم آخر قطع أصبعا أخرى من المفصل السفلى ، وذلك كله في أصبع واحد هذا على وجهين إما أن يكون صاحب الأصابع حضورا أو بعضهم غائبا ، فإن كان الكل حضورا وطلبوا من القاضي حقهم ، فإن القاضي يقطع من المفصل الأعلى لصاحب المفصل الأعلى ، وإن كان صاحب الأسفل والأوسط ثابتا في الأعلى ; لأنهما لا حق لهما في قطع المفصل الأعلى إلا على سبيل الشركة ; لأن القاطع لم يضع السكين على المفصل من أصابعهما ، وإنما وضع على صاحب المفصل إلا على حق صاحب الأعلى من كل وجه ثم خير صاحب المفصل الأوسط ، وإنما وضع على صاحب المفصل الأوسط من كل وجه ; لأن حقه كان في مفصلين ; لأن الفائت منفصلان فبفوات أحدهما يتخير كما خير صاحب اليد بعدما قطعنا الأصبع لصاحب الأصبع .

                                                                                        فإن شاء قطع من القاطع مفصله الوسطى ولا شيء له من دية الأصبع ، وإن شاء لم يقطع وضمنه ثلث دية الأصبع ; لأنه فوت عليه من أصبع مفصلين فيضمن ثلث دية الأصبع ، وإن حضر أحدهم وغاب الآخران ، فإن كان الحاضر صاحب المفصل الأعلى يقطع ، فإن قطع المفصل الأعلى له ثم حضر الآخران ، فإنهما يخيران على الوجه الذي ذكرنا ، فإن اختار القطع لم يضمن لأحد منهما شيئا ، وإن قطع كف رجل من مفصل ثم قطع الآخر مرفقه ، وكانا حاضرين ، فإنه يبدأ بحق صاحب الكف وفي الكافي قطع يمين رجلين فقطع أحدهما إبهامه وقطع الآخر كفه فعلى قاطع اليدين خمسة آلاف درهم لقاطع الإبهام أربعة آلاف ولقاطع الكف ألف درهم ، وإن بدأ الأجنبي فقطع أصبعا من أصابع القاطع ثم قطع أحد صاحبي القصاص بعد ذلك أصبعا من أصابع اليدين ثم عاد الأجنبي فقطع أصبعا من أصابع القاطع ثم إن الذي لم يقطع شيئا من أصابع القاطع قطع الكف وعليها أصبع ، فإن القاضي يقضي على القاطع بدية يديه وأخذ ربعها للذي أخذ الكف وثلاثة أرباع للذي قطع الأصبع ولا يجعل [ ص: 353 ] الأصبع الذي قطعه الأجنبي قبل قطع صاحبي القصاص قائما حكما ، فإن اجتمع صاحب القصاص على قطع الكف مع الأصبعين فالدية المأخوذة تقسم بينهم لقاطع الأصبع ، والآخر الخمسة إتمامها وفي الجامع الصغير رجل قطع يد رجل من المفصل وليس في الكف إلا أصبع واحد ففيه عشر الدية .

                                                                                        فإن كان فيه أصبعان فالخمس ولا شيء في الكف وقالا ينظر إلى أرش الأصبع بالكف ، فيكون عليه الأكثر ، ويدخل القليل في الكثير سئل أبو يوسف ومحمد عن رجل قطع يد رجل خطأ ثم قطع رجله من خلاف خطأ ماذا يجب عليه فقالا يجب عليه دية كاملة لكل عضو نصفها وفي الجامع الصغير الحسامي رجل قطعت يده فاقتص له من اليد ثم مات يقتل المقتص منه وعن أبي يوسف أنه لا يقتص .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية