الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2613 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما قال : قدمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة - أغيلمة بني عبد المطلب - على حمرات ، فجعل يلطح أفخاذنا ، ويقول : " أبيني ، لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " . رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه .

التالي السابق


2613 - ( وعن ابن عباس قال : قدمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : أرسلنا قدامه ، أو أمرنا بالتقدم إلى منى ( ليلة المزدلفة ) قال الطيبي - رحمه الله - دل على جواز تقدم النسوان ، والصبيان في الليل بعد الانتصاف اهـ . وكونه بعد الانتصاف في محل الاحتمال فلا يصح الاستدلال . ( أغيلمة بني عبد المطلب ) أي : صبيانهم ، وفيه تغليب الصبيان على النسوان ، وهو تصغير شاذ ؛ لأن قياس غلمة - بكسر الغين - غليمة ، وقيل : هو تصغير أغلمة جمع غلام قياسا ، وإن لم يستعمل ، والمستعمل غلمة في القلة ، والغلمان في الكثرة ، ونصبه على الاختصاص ، أو على إضمار أعني ، أو عطف بيان من ضمير " قدمنا " و ( على حمرات ) بضمتين جمع حمر جمع حمار راكبين عليها ، وهذا يدل على أن الحج على الحمار غير مكروه في السفر القريب ( فجعل ) أي : فشرع النبي - صلى الله عليه وسلم - ( يلطح ) : بفتح الطاء وبالحاء المهملتين أي : يضرب ( أفخاذنا ) : واللطح : الضرب بباطن الكف ليس بالتشديد تلطفا ( ويقول : أبيني ) - بضم الهمزة ، وفتح الموحدة ، وسكون الياء ، وكسر النون ، وفتح الياء المشددة ، ويكسر - تصغير ابن ، مضاف إلى النفس ، أو بعد جمعه جمع السلامة ، إلا أنه خلاف القياس ؛ لأن همزته همزة وصل ، والقاعدة أن التصغير يرد الشيء إلى أصله مثل الجمع ، ومنه قوله - تعالى : المال والبنون فأصل ابن بنو ، فهو من الأسماء المحذوفة العجز ، فالظاهر أن يقال : بني إلا أنه كان يلتبس بالمفرد زيد الهمزة .

قال الطيبي - رحمه الله : تصغير ابنا يعني كان مفرده مقطوع الألف ، فصغر على أبين ، ثم جمع جمع السلامة ، وقيل : ابنى بوزن أعمى ، قلبت ألفه ياء لكسر ما بعد ياء التصغير ، وأضيفت إلى ياء المتكلم ، وهو اسم جمع ، وأغرب ابن حجر في قوله : تصغير ابنى : بفتح ، فسكون ، ففتح ، فتشديد ، كما أن تصغير أعمى أعيمى ، وفي " النهاية " : قيل ابن يجمع على أبناء مقصورا ، وممدودا ، وقيل : تصغير ابن وفيه نظر اهـ .

وجه النظر أن همزته وصلية ، والتصغير يرجع الشيء إلى أصله كما قدمناه ، أو وجه النظر أنه مفرد ، ما بعده جمع ، فيجاب : بأن المراد به الجنس ، أو النداء للأشرف أصالة ، والخطاب للبقية تبعا ، كما أن قوله - تعالى : يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الآية .

والحاصل أن الرواية في لفظة متحدة ، والدراية مختلفة ، فقول الطيبي - رحمه الله : هذه التقديرات على اختلاف الروايات ، وقول ابن حجر : هذا مما اختلف في لفظه ، معناه ليس في تحقيق مقتضاه ، وتدقيق فحواه ، وعلى كل فالمراد : يا وليداتي ، أو يا أبنائي ، أو يا بني ( لا ترموا الجمرة ) أي : جمرة العقبة يوم العيد ( حتى تطلع الشمس ) : وهو دليل على عدم جواز الرمي في الليل ، وعليه أبو حنيفة - رحمه الله - والأكثرون خلافا للشافعي ، والتقييد بطلوع الشمس ؛ لأن الرمي حينئذ سنة ، وما قبله بعد طلوع الفجر جائز اتفاقا . ( رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ) .




الخدمات العلمية