nindex.php?page=treesubj&link=18648_18651_29044nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4أو زد عليه عطف كما سبق وكذا الكلام في الضمير ولا يختلف المعنى على القولين فيه وهو تخييره صلى الله عليه وسلم بين أن يقوم نصف الليل أو أقل من النصف أو أكثر بيد أنه رجح الأول بأن فيه جعل معيار النقص والزيادة النصف المقارن للقيام وهو أولى من جعله للنصف العاري منه بالكلية وإن تساويا كمية وجهل بعضهم الإبدال من الليل الباقي بعد الثنيا والضميرين له وقال في الإبدال من قليل ليس بسديد لهذا ولأن الحقيقي بالاعتناء الذي ينبئ عنه الإبدال هو الجزء الباقي بعد الثنيا المقارن للقيام لا للجزء المخرج العاري عنه ولا يخفى أنه على طرف التمام .
وكذا اعترض
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان ذلك الإبدال بقوله: إن ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نصفه حينئذ إما أن يعود على المبدل منه أو على المستثنى منه وهو ( الليل ) لا جائز أن يعود على المبدل منه لأنه يكون استثناء مجهول من مجهول إذ التقدير إلا قليلا نصف القليل، وهذا لا يصح له معنى البتة ولا جائز أن يعود على المستثنى منه لأنه يلغو فيه الاستثناء إذ لو قيل قم الليل نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه أفاد معناه على وجه أخصر وأوضح وأبعد عن الإلباس وفيه أنا نختار الثاني وما زعمه من اللغوية قد أشرنا إلى دفعه وأوضحه بعض الأجلة بقوله: إن فيه تنبيها على تخفيف القيام وتسهيله لأن قلة أحد النصفين تلازم قلة الآخر وتنبيها على تفاوت ما شغل بالطاعة وما خلا منها الإشعار بأن البعض المشغول بمنزلة الكل مع ما في ذلك من البيان بعد الإبهام الداعي للتمكن في الذهب وزيادة التشويق وتعقب
nindex.php?page=showalam&ids=14529السمين الشق الأول أيضا بأن قوله استثناء مجهول من مجهول غير صحيح لأن ( الليل ) معلوم وكذا بعضه من النصف وما دونه وما فوقه ولا ضير في استثناء المجهول من المعلوم نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249فشربوا منه إلا قليلا [البقرة: 249] بل لا ضمير في إبدال مجهول من مجهول كجاءني جماعة بعضهم مشاة ومع هذا المعول عليه ما سلف .
وجوز أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نصفه بدلا من
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2الليل بدل بعض من كل والاستثناء منه والكلام على نية التقديم والتأخير والأصل ثم نصف الليل إلا قليلا وضمير منه وعليه للأقل من النصف المفهوم من مجموع المستثنى منه فكأنه قيل قم أقل من نصف الليل بأن تقوم ثلث الليل أو انقص من ذلك الأقل قليلا بأن تقوم ربع الليل أو زد على ذلك الأقل بأن تقوم النصف فالتخيير على هذا بين الأقل من النصف والأقل من الأقل وإلا زيد منه وهو النصف
[ ص: 103 ] بعينه ومآله إلى التخيير بين النصف والثلث والربع، فالفرق بين هذا الوجه وما ذكر قيل مثل الصبح ظاهر وفي الكشاف ما يفهم منه على ما قيل إن التخيير فيما وراء النصف أي فيما يقل عن النصف ويزيد على الثلث فلا يبلغ بالزيادة النصف ولا بالنقصان الثلث . قال في الكشف وإنما جعل الزيادة دون النصف والنقصان فوق الثلث لأنهما لو بلغا إلى الكسر الصحيح لكان الأشبه أن يذكر بصريح اسميهما وأيضا إيثار القلة ثانيا دليل على التقريب من ذلك الأقل وما انتهى إلى كسر صحيح فليس بناقص قليل في ذوق هذا المقام وذا القول في جانب الزيادة كيف وقد بنى الأمر على كونه أقل من النصف انتهى وهو وجه متكلف ونحوه فيما أرى ما سمعت قبيله وظاهر كلام بعضهم أن ذكر الثلث والربع والنصف فيه على سبيل التمثيل لا أن الأقل والأنقص والأزيد محصورات فيما ذكر .
وجوز أيضا كون الكلام على نية التقديم والتأخير كما مر آنفا لكن مع جعل الضميرين للنصف لا للأقل منه كما في ذلك والمعنى التخيير بين أمرين بين أن يقوم عليه الصلاة والسلام أقل من نصف الليل على البت وبين أن يختار أحد الأمرين وهما النقصان من النصف والزيادة عليه فكأنه قيل قم أقل من نصف الليل على البت أو انقص من النصف أو زد عليه تخييرا قيل وللاعتناء بشأن الأقل لأنه الأصل الواجب كرر على نحو أكرم إما زيدا وإما زيدا أو عمرا وتعقب بأن فيه تكلفا لأن تقديم الاستثناء على البدل ظاهر في أن البدل من الحاصل بعد الاستثناء لأن في تقدير تأخير الاستثناء عدولا عن الأصل من غير دليل .
ولأن الظاهر على هذا رجوع الضميرين إلى النصف بعد الاستثناء لأنه السابق لا النصف المطلق وأيضا الظاهر أن النقصان رخصة لأن الزيادة نفل والاعتناء بشأن العزيمة أولى ثم فيه أنه لا يجوز قيام النصف ويرده القراءة الثابتة في السبعة:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه [المزمل: 20] بالجر فإن استدل من جواز الأقل على جوازه لمفهوم الموافقة لزم أن يلغوا التعرض للزيادة على النصف لذلك أيضا ولا يخفى أن بعض هذا يرد على الوجه المار آنفا واعترض قوله الظاهر أن النقصان رخصة بأنه محل نظر إذ الظاهر أنه من قبيل
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=27فإن أتممت عشرا فمن عندك [القصص: 27] فالتخيير ليس على حقيقته وفيه بحث .
وجوز أيضا كون الإبدال من
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قليلا الثاني بمعنى نصف النصف وهو الربع وضمير عليه لهذا القليل وجعل المزيد على هذا القليل أعني الربع نصف الربع كأنه قيل قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلا نصفه أو زد على هذا القليل قليلا نصفه ومآله قم نصف الليل أو نصف أو زد على نصف النصف نصف نصف النصف فيكون التخيير فيما إذا كان الليل ست عشرة ساعة مثلا بين قيام ثماني ساعات وأربع وست ولا يخفى أن الإطلاق في أو زد عليه ظاهر الإشعار بأنه غير مقيد بقليلا إذ لو كان للاستغناء لاكتفى في أو انقص إلخ بالأول أيضا ومن هنا قيل يجوز أن تجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة للثلث فيكون التخيير بين النصف والثلث والربع وفيه أن جعلها تتمة الثلث لا دليل عليه سوى موافقة القراءة بالجر في نصفه وثلثه بعد . وجوز الإمام أن يراد بقليلا في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2إلا قليلا الثلث وقال إن
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نصفه على حذف حرف العطف فكأنه قيل ثلثي الليل أو قم نصفه أو انقص من النصف أو زد عليه وأطال في بيان ذلك والذب عنه ومع ذلك لا يخفى حاله وذكر أيضا وجها ثانيا لا يخفى أمره على من أحاط بما تقدم خبرا نعم تفسيره القليل بالثلث مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي nindex.php?page=showalam&ids=17131ومقاتل وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه تفسيره بما دون المعشار والسدس وهو على ما قدمنا نصف .
واستدل به من قال بجواز استثناء النصف وما فوقه على ما فصل في الأصول وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13938التبريزي الأمر بالقيام والتخيير في الزيادة والنقصان وقع على الثلثين من آخر الليل لأن الثلث الأول وقت العتمة والاستثناء وارد على المأمور به فكأنه قيل قم ثلثي الليل ( إلا ) قليلا ثم جعل نصفه
[ ص: 104 ] بدلا من قليلا فصار القليل مفسرا بالنصف من الثلثين وهو قليل على ما تقدم أو انقص منه أي من المأمور به وهو قيام الثلثين قليلا أي ما دون نصفه أو زد عليه فكان التخيير في الزيادة والنقصان واقعا على الثلثين انتهى .
وهو كما ترى وقيل الاستثناء من أعداد الليل لا من أجزائه فإن تعريفه للاستغراق إذ لا عهد فيه والضمير راجع إليه باعتبار الأجزاء على أن هناك استخداما أو شبهه والتخيير بين قيام النصف والناقص عنه والزائد عليه وهو بمكان من البعد وبالجملة قد أكثر المفسرون الكلام في هذه الآية حتى ذكروا ما لا ينبغي تخريج كلام الله تعالى العزيز عليه وأظهر الوجوه عندي وأبعدها عن التكلف وأليقها بجزالة التنزيل هو ما ذكرناه أولا والله تعالى أعلم بما في كتابه الجليل الجزيل وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلق بالأمر في قوله سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قم الليل إلخ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4ورتل القرآن أي في أثناء ما ذكر من القيام أي اقرأه على تؤدة وتمهل وتبيين حروف
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4ترتيلا بليغا بحيث يتمكن السامع من عدها من قولهم ثغر رتل بسكون التاء ورتل بكسرها إذا كان مفلجا لم تتصل أسنانه بعضها ببعض
وأخرج
العسكري في المواعظ
عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال: بينه تبيينا ولا تنثره نثر الدقل ولا تهذه هذا الشعر قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة .
nindex.php?page=treesubj&link=18648_18651_29044nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4أَوْ زِدْ عَلَيْهِ عَطْفٌ كَمَا سَبَقَ وَكَذَا الْكَلَامُ فِي الضَّمِيرِ وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيهِ وَهُوَ تَخْيِيرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَنْ يَقُومَ نِصْفَ اللَّيْلِ أَوْ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ أَوْ أَكْثَرَ بَيْدَ أَنَّهُ رَجَّحَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ فِيهِ جَعْلَ مِعْيَارِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ النِّصْفَ الْمُقَارِنَ لِلْقِيَامِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ لِلنِّصْفِ الْعَارِي مِنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ تَسَاوَيَا كَمِّيَّةً وَجَهِلَ بَعْضُهُمِ الْإِبْدَالَ مِنَ اللَّيْلِ الْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا وَالضَّمِيرَيْنِ لَهُ وَقَالَ فِي الْإِبْدَالِ مِنْ قَلِيلٍ لَيْسَ بِسَدِيدٍ لِهَذَا وَلِأَنَّ الْحَقِيقِيَّ بِالِاعْتِنَاءِ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْهُ الْإِبْدَالُ هُوَ الْجُزْءُ الْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا الْمُقَارِنِ لِلْقِيَامِ لَا لِلْجُزْءِ الْمُخْرَجِ الْعَارِي عَنْهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى طَرَفِ التَّمَامِ .
وَكَذَا اعْتَرَضَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانٍ ذَلِكَ الْإِبْدَالَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ ضَمِيرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نِصْفَهُ حِينَئِذٍ إِمَّا أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ أَوْ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ ( اللَّيْلَ ) لَا جَائِزَ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَكُونُ اسْتِثْنَاءَ مَجْهُولٍ مِنْ مَجْهُولٍ إِذِ التَّقْدِيرُ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَ الْقَلِيلِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ لَهُ مَعْنَى الْبَتَّةَ وَلَا جَائِزَ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّهُ يَلْغُو فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ إِذْ لَوْ قِيلَ قُمِ اللَّيْلَ نَصِفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ أَفَادَ مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهٍ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَأَبْعَدَ عَنِ الْإِلْبَاسِ وَفِيهِ أَنَّا نَخْتَارُ الثَّانِي وَمَا زَعَمَهُ مِنَ اللُّغَوِيَّةِ قَدْ أَشَرْنَا إِلَى دَفْعِهِ وَأَوْضَحَهُ بَعْضُ الْأَجِلَّةِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى تَخْفِيفِ الْقِيَامِ وَتَسْهِيلِهِ لِأَنَّ قِلَّةَ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ تُلَازِمُ قِلَّةَ الْآخَرِ وَتَنْبِيهًا عَلَى تَفَاوُتِ مَا شُغِلَ بِالطَّاعَةِ وَمَا خَلَا مِنْهَا الْإِشْعَارُ بِأَنَّ الْبَعْضَ الْمَشْغُولَ بِمَنْزِلَةِ الْكُلِّ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْبَيَانِ بَعْدَ الْإِبْهَامِ الدَّاعِي لِلتَّمَكُّنِ فِي الذَّهَبِ وَزِيَادَةِ التَّشْوِيقِ وَتَعَقَّبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14529السَّمِينُ الشِّقَّ الْأَوَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ اسْتِثْنَاءُ مَجْهُولٍ مِنْ مَجْهُولٍ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ ( اللَّيْلَ ) مَعْلُومٌ وَكَذَا بَعْضُهُ مِنَ النِّصْفِ وَمَا دُونَهُ وَمَا فَوْقَهُ وَلَا ضَيْرَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْمَعْلُومِ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=249فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا [اَلْبَقَرَةِ: 249] بَلْ لَا ضَمِيرَ فِي إِبْدَالِ مَجْهُولٍ مِنْ مَجْهُولٍ كَجَاءَنِي جَمَاعَةٌ بَعْضُهُمْ مُشَاةٌ وَمَعَ هَذَا الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا سَلَفَ .
وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نِصْفَهُ بَدَلًا مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2اللَّيْلَ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ وَالْكَلَامُ عَلَى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالْأَصْلُ ثُمَّ نِصْفَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا وَضَمِيرُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ لِلْأَقَلِّ مِنَ النِّصْفِ الْمَفْهُومِ مِنْ مَجْمُوعِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَكَأَنَّهُ قِيلَ قُمْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ بِأَنْ تَقُومَ ثُلْثَ اللَّيْلِ أَوِ انْقُصْ مِنْ ذَلِكَ الْأَقَلِّ قَلِيلًا بِأَنْ تَقُومَ رُبْعَ اللَّيْلِ أَوْ زِدْ عَلَى ذَلِكَ الْأَقَلِّ بِأَنْ تَقُومَ النِّصْفَ فَالتَّخْيِيرُ عَلَى هَذَا بَيْنَ الْأَقَلِّ مِنَ النِّصْفِ وَالْأَقَلِّ مِنَ الْأَقَلِّ وَإِلَّا زِيدَ مِنْهُ وَهُوَ النِّصْفُ
[ ص: 103 ] بِعَيْنِهِ وَمَآلُهُ إِلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ النِّصْفِ وَالثُّلْثِ وَالرُّبْعِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْوَجْهِ وَمَا ذَكَرَ قِيلَ مِثْلَ الصُّبْحِ ظَاهِرٌ وَفِي الْكَشَّافِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَلَى مَا قِيلَ إِنَّ التَّخْيِيرَ فِيمَا وَرَاءَ النِّصْفِ أَيْ فِيمَا يَقِلُّ عَنِ النِّصْفِ وَيَزِيدُ عَلَى الثُّلْثِ فَلَا يَبْلُغُ بِالزِّيَادَةِ النِّصْفَ وَلَا بِالنُّقْصَانِ الثُّلْثَ . قَالَ فِي الْكَشْفِ وَإِنَّمَا جَعَلَ الزِّيَادَةَ دُونَ النِّصْفِ وَالنُّقْصَانَ فَوْقَ الثُّلْثِ لِأَنَّهُمَا لَوْ بَلَغَا إِلَى الْكَسْرِ الصَّحِيحِ لَكَانَ الْأَشْبَهُ أَنْ يُذْكَرَ بِصَرِيحِ اسْمَيْهِمَا وَأَيْضًا إِيثَارُ الْقِلَّةِ ثَانِيًا دَلِيلٌ عَلَى التَّقْرِيبِ مِنْ ذَلِكَ الْأَقَلِّ وَمَا انْتَهَى إِلَى كَسْرٍ صَحِيحٍ فَلَيْسَ بِنَاقِصٍ قَلِيلٍ فِي ذَوْقِ هَذَا الْمَقَامِ وَذَا الْقَوْلُ فِي جَانِبِ الزِّيَادَةِ كَيْفَ وَقَدْ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى كَوْنِهِ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ انْتَهَى وَهُوَ وَجْهٌ مُتَكَلَّفٌ وَنَحْوَهُ فِيمَا أَرَى مَا سَمِعْتُ قَبِيلَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ ذِكْرَ الثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَالنِّصْفِ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ لَا أَنَّ الْأَقَلَّ وَالْأَنْقَصَ وَالْأَزْيَدَ مَحْصُورَاتٌ فِيمَا ذَكَرَ .
وَجَوَّزَ أَيْضًا كَوْنَ الْكَلَامِ عَلَى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ كَمَا مَرَّ آنِفًا لَكِنْ مَعَ جَعْلِ الضَّمِيرَيْنِ لِلنِّصْفِ لَا لِلْأَقَلِّ مِنْهُ كَمَا فِي ذَلِكَ وَالْمَعْنَى التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ عَلَى الْبَتِّ وَبَيْنَ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا النُّقْصَانُ مِنَ النِّصْفِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ قُمْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ عَلَى الْبَتِّ أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ تَخْيِيرًا قِيلَ وَلِلِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِ الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْوَاجِبُ كُرِّرَ عَلَى نَحْوِ أَكْرِمْ إِمَّا زَيْدًا وَإِمَّا زَيْدًا أَوْ عَمْرًا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا لِأَنَّ تَقْدِيمَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْبَدَلِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْبَدَلَ مِنَ الْحَاصِلِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ فِي تَقْدِيرِ تَأْخِيرِ الِاسْتِثْنَاءِ عُدُولًا عَنِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ .
وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عَلَى هَذَا رُجُوعُ الضَّمِيرَيْنِ إِلَى النِّصْفِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ السَّابِقُ لَا النِّصْفُ الْمُطْلَقُ وَأَيْضًا الظَّاهِرَ أَنَّ النُّقْصَانَ رُخْصَةٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ نَفْلٌ وَالِاعْتِنَاءَ بِشَأْنِ الْعَزِيمَةِ أَوْلَى ثُمَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِيَامُ النِّصْفِ وَيَرُدُّهُ الْقِرَاءَةُ الثَّابِتَةُ فِي السَّبْعَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ [اَلْمُزَّمِّلِ: 20] بِالْجَرِّ فَإِنِ اسْتَدَلَّ مِنْ جَوَازِ الْأَقَلِّ عَلَى جَوَازِهِ لِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ لَزِمَ أَنَّ يُلْغُوا التَّعَرُّضَ لِلزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ لِذَلِكَ أَيْضًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَعْضَ هَذَا يُرَدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ آنِفًا وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ النُّقْصَانَ رُخْصَةٌ بِأَنَّهُ مَحَلُّ نَظَرٍ إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=27فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ [اَلْقَصَصِ: 27] فَالتَّخْيِيرُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ .
وَجَوَّزَ أَيْضًا كَوْنَ الْإِبْدَالِ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قَلِيلا الثَّانِي بِمَعْنَى نِصْفِ النِّصْفِ وَهُوَ الرُّبْعُ وَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِهَذَا الْقَلِيلِ وَجَعَلَ الْمَزِيدَ عَلَى هَذَا الْقَلِيلِ أَعْنِي الرُّبْعَ نِصْفَ الرُّبْعِ كَأَنَّهُ قِيلَ قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوْ زِدْ عَلَى هَذَا الْقَلِيلِ قَلِيلًا نِصْفَهُ وَمَآلُهُ قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفَ أَوْ زِدْ عَلَى نِصْفِ النِّصْفِ نِصْفَ نِصْفِ النِّصْفِ فَيَكُونُ التَّخْيِيرُ فِيمَا إِذَا كَانَ اللَّيْلُ سِتَّ عَشْرَةَ سَاعَةً مَثَلًا بَيْنَ قِيَامِ ثَمَانِي سَاعَاتٍ وَأَرْبَعٍ وَسِتٍّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِقَلِيلًا إِذْ لَوْ كَانَ لِلِاسْتِغْنَاءِ لَاكْتَفَى فِي أَوِ انْقُصْ إِلَخِ بِالْأَوَّلِ أَيْضًا وَمِنْ هُنَا قِيلَ يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الزِّيَادَةُ لِكَوْنِهَا مُطْلَقَةً تَتِمَّةً لِلثُّلْثِ فَيَكُونُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ النِّصْفِ وَالثُّلْثِ وَالرُّبْعِ وَفِيهِ أَنَّ جَعْلَهَا تَتِمَّةَ الثُّلْثِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ سِوَى مُوَافَقَةِ الْقِرَاءَةِ بِالْجَرِّ فِي نِصْفِهِ وَثُلْثِهِ بَعْدُ . وَجَوَّزَ الْإِمَامُ أَنْ يُرَادَ بِقَلِيلًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2إِلا قَلِيلا الثُّلُثَ وَقَالَ إِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=3نِصْفَهُ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ ثُلْثَيِ اللَّيْلِ أَوْ قُمْ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ وَالذَّبِّ عَنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَخْفَى حَالُهُ وَذَكَرَ أَيْضًا وَجْهًا ثَانِيًا لَا يَخْفَى أَمْرُهُ عَلَى مَنْ أَحَاطَ بِمَا تَقَدَّمَ خَبَرًا نَعَمْ تَفْسِيرُهُ الْقَلِيلَ بِالثُّلْثِ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِي nindex.php?page=showalam&ids=17131وَمُقَاتِلٍ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهَبِ بْنِ مُنَبِّهٍ تَفْسِيرُهُ بِمَا دُونَ الْمِعْشَارِ وَالسُّدْسِ وَهُوَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا نِصْفٌ .
وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ وَمَا فَوْقَهُ عَلَى مَا فُصِّلَ فِي الْأُصُولِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13938التَّبْرِيزِيُّ الْأَمْرُ بِالْقِيَامِ وَالتَّخْيِيرِ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَقَعَ عَلَى الثُّلْثَيْنِ مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الثُّلْثَ الْأَوَّلَ وَقْتُ الْعَتَمَةِ وَالِاسْتِثْنَاءَ وَارِدٌ عَلَى الْمَأْمُورِ بِهِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ قُمْ ثُلْثَيِ اللَّيْلِ ( إِلَّا ) قَلِيلًا ثُمَّ جَعَلَ نِصْفَهُ
[ ص: 104 ] بَدَلًا مِنْ قَلِيلًا فَصَارَ الْقَلِيلُ مُفَسَّرًا بِالنِّصْفِ مِنَ الثُّلْثَيْنِ وَهُوَ قَلِيلٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوِ انْقَصْ مِنْهُ أَيْ مِنَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهُوَ قِيَامُ الثُّلْثَيْنِ قَلِيلًا أَيْ مَا دُونَ نِصْفِهِ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ فَكَانَ التَّخْيِيرُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَاقِعًا عَلَى الثُّلْثَيْنِ انْتَهَى .
وَهُوَ كَمَا تَرَى وَقِيلَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ أَعْدَادِ اللَّيْلِ لَا مِنْ أَجْزَائِهِ فَإِنَّ تَعْرِيفَهُ لِلِاسْتِغْرَاقِ إِذْ لَا عَهْدَ فِيهِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ عَلَى أَنَّ هُنَاكَ اسْتِخْدَامًا أَوْ شِبْهَهُ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ قِيَامِ النِّصْفِ وَالنَّاقِصِ عَنْهُ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَكَانٍ مِنَ الْبُعْدِ وَبِالْجُمْلَةِ قَدْ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرُونَ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى ذَكَرُوا مَا لَا يَنْبَغِي تَخْرِيجُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْعَزِيزِ عَلَيْهِ وَأَظْهَرُ الْوُجُوهِ عِنْدِي وَأَبْعَدُهَا عَنِ التَّكَلُّفِ وَأَلْيَقُهَا بِجَزَالَةِ التَّنْزِيلِ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا فِي كِتَابِهِ الْجَلِيلِ الْجَزِيلِ وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=2قُمِ اللَّيْلَ إِلَخِ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ أَيْ فِي أَثْنَاءِ مَا ذَكَرَ مِنَ الْقِيَامِ أَيِ اقْرَأْهُ عَلَى تُؤَدَةٍ وَتَمَهُّلٍ وَتَبْيِينِ حُرُوفٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=4تَرْتِيلا بَلِيغًا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ السَّامِعُ مِنْ عَدِّهَا مِنْ قَوْلِهِمْ ثَغْرٌ رَتْلٌ بِسُكُونِ التَّاءِ وَرَتِلٌ بِكَسْرِهَا إِذَا كَانَ مُفَلَّجًا لَمْ تَتَّصِلْ أَسْنَانُهُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ
وَأَخْرَجَ
الْعَسْكَرِيُّ فِي الْمَوَاعِظِ
عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِينًا وَلَا تَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقْلِ وَلَا تَهُذَّهُ هَذَا الشِّعْرِ قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ وَلَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخَرَ السُّورَةِ .