الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2647 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما ، قال : قال لي معاوية : إني قصرت من رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص . متفق عليه .

التالي السابق


2647 - ( وعن ابن عباس قال : قال لي معاوية ) : أي : ابن أبي سفيان ( إني قصرت من رأس النبي ) : أي : شعر رأسه - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص ) : بكسر الميم ، وفتح القاف ، أي : نصل طويل عريض ، أو غير عريض له حدة ، وقيل : المراد به المقص ، وهو الأشبه في هذا المحل ، وقد صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقصر في حجته ، بل حلق ، فيكون التقصير الذي رواه معاوية في عمرته ، والذي يدل عليه أنه قال عند المروة ، فلو كان - صلى الله عليه وسلم - حاجا لقال بمنى .

قال الطيبي - رحمه الله : كان ذلك في عمرة الجعرانة ، اعتمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة ، وأراد الرجوع منها في السنة الثامنة من الهجرة ، أو عمرة القضاء إن صح ما روي عنه أنه قال : أسلمت عام القضية ، والأصح أنه أسلم عام الفتح .

قال ابن الهمام : وأما ما استدل به القائلون بأنه - عليه الصلاة والسلام - كان متمتعا ، وأنه أحل من حديث معاوية ، قصرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقص ، قالوا : ومعاوية أسلم بعد الفتح ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن محرما في الفتح ، فلزم كونه في حجة الوداع ، وكونه عن إحرام العمرة ، لما رواه أبو داود ، وفي رواية من قوله : " عند المروة " والتقصير في الحج إنما يكون في منى ، فدفعه أن الأحاديث الدالة على عدم إحلاله جاءت مجيئا متظافرا يقرب القدر المشترك من [ ص: 1829 ] الشهرة التي هي قريبة من التواتر ، كحديث ابن عمر السابق ، وما تقدم في الفتح من الأحاديث ، وحديث جابر الطويل الثابت في مسلم ، وغيره ، ولو انفرد حديث ابن عمر كان مقدما على حديث معاوية ، فكيف والحال ما أعلمناك ، فلزم في حديث معاوية الشذوذ عن الجم الغفير ، فإما هو خطأ ، أو محمول على عمرة الجعرانة ، فإنه قد كان أسلم إذ ذاك ، وهي عمرة خفيت على بعض الناس ، لأنها كانت ليلا على ما في الترمذي ، والنسائي ، أنه - عليه الصلاة والسلام - خرج إلى الجعرانة ليلا معتمرا ، فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ، ثم خرج من ليلته ؛ الحديث : قال : فمن أجل ذلك خفيت على الناس ، وعلى هذا فيجب الحكم على الزيادة التي في سنن النسائي ، وهو قوله : في أيام العشر ، بالخطأ ، ولو كانت بسند صحيح إما للنسيان من معاوية ، أو من بعض الرواة عنه . ( متفق عليه ) : وأنت علمت ما سبق من كلام المحقق ، قوله : " عند المروة " ليس في الصحيحين ، بل في رواية أبي داود .




الخدمات العلمية