ولما نهاه صلى الله عليه وسلم عن طاعة المكذبين وحذره إدهانهم وضرب لهم الأمثال، وتوعدهم إلى أن قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم وختم بقصة يونس عليه السلام للتدريب على الصبر وعدم الضعف ولو بالصغو إلى المدهن، فكان التقدير تسبيبا عما فيها من النهي: فإنهم إنما يبالغون في أذاك لتضجر فتترك ما أنت فيه، قال عاطفا على [ هذا -] المقدر مخبرا له بما في صدورهم من الإحن عليه وفي قلوبهم من الضغائن له ليشتد حذره من إدهانهم، مؤكدا لأن من يرى إدهانهم يظن إذعانهم وينكر لمبالغتهم فيه طغيانهم:
[ ص: 334 ] nindex.php?page=treesubj&link=29786_31788_32024_34212_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51وإن أي وإنه
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51يكاد وأظهر موضع الإضمار تعميما وتعليقا للحكم بالوصف فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51الذين كفروا أي ستروا ما قدروا عليه مما جئت به من الدلائل.
ولما كانت [ "ن" -] مخففة، أتى باللام التي هي علمها فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51ليزلقونك أي من شدة عداوتهم وحسدهم وغيظ قلوبهم
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51بأبصارهم أي يوجدون لك التنحية عما أنت فيه والزلل العظيم الذي صاحبه في موضع دحض لا مستمسك فيه بالهلاك فما دونه من الأذى حتى يرموك من قامتك إلى الأرض كما يزلق الإنسان فينطرح لما يتراءى في عيونهم حين تصويب [ النظر -] للفطن من الحنق والسخط الدال على أن صدورهم تغلي، وهو من قولهم: نظر إلي نظرا كاد يصرعني، [ يعني -] لو أمكنه أن يصرعني به لصرعني كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا وقيل: يهلكونك بإصابة العين، قال
القشيري: كانوا إذا أرادوا أن يصيبوا شيئا بأعينهم جاعوا ثلاثة أيام ثم نظروا إلى ذلك الشيء وقال: ما أحسنه من شيء، فيسقط المنظور إليه في الوقت، ففعلوا ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما أنصحه من رجل، فحفظه الله منهم، وللشيخين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة [ ص: 335 ] رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661065 "العين حق" وفي رواية عند
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=842315 "يحضر بها الشيطان وحسد ابن آدم" nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما رفعه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661066 "العين حق ولو أن شيئا سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا" nindex.php?page=showalam&ids=12181ولأبي نعيم في الحلية من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه رفعه:
"العين حق تدخل الجمل القدر والرجل القبر" nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10382أسماء بنت يزيد رضي الله عنها:
nindex.php?page=hadith&LINKID=707148 "وإنها لتدرك الفارس فتدعثره" .
ولما ذكر هذا الإزلاق العظيم، ذكر ظرفه معبرا بالماضي تذكيرا بالحال الماضية فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51لما سمعوا الذكر أي القرآن الذي [ غلب -] عليه التذكير بأمور يعليها كل أحد من نفسه، ومن الآفاق كان هواياه أول ما سمعوه حسدا على ما أوتيت من الشرف فكان سماعهم له باعثا لما عندهم من البغض والحسد على أنه لم يزدهم تمادي الزمان إلا حنقا بدلالة
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51ويقولون أي قولا لا يزالون يجددونه.
ولما كان صلى الله عليه وسلم في غاية البعد عما يشين، أكدوا قولهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51إنه لمجنون حيرة في أمرك وتنفيرا عنك لما يعلمون من أنه لا يسمعه أحد لا غرض له إلا كذبهم ومال بكليته إليك وكان
[ ص: 336 ] معك وارتبط بك واغتبط بما جئت به، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أن قراءة هذه الآية دواء للإصابة بالعين.
وَلَمَّا نَهَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ طَاعَةِ الْمُكَذِّبِينَ وَحَذَّرَهُ إِدْهَانَهُمْ وَضَرَبَ لَهُمُ الْأَمْثَالَ، وَتَوَعَّدَهُمْ إِلَى أَنْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=44فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ وَخَتَمَ بِقِصَّةِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلتَّدْرِيبِ عَلَى الصَّبْرِ وَعَدَمِ الضَّعْفِ وَلَوْ بِالصَّغْوِ إِلَى الْمُدَّهِنِ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ تَسْبِيبًا عَمَّا فِيهَا مِنَ النَّهْيِ: فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يُبَالِغُونَ فِي أَذَاكَ لِتَضْجَرَ فَتَتْرُكَ مَا أَنْتَ فِيهِ، قَالَ عَاطِفًا عَلَى [ هَذَا -] الْمُقَدَّرِ مُخْبِرًا لَهُ بِمَا فِي صُدُورِهِمْ مِنَ الْإِحَنِ عَلَيْهِ وَفِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الضَّغَائِنِ لَهُ لِيَشْتَدَّ حَذَرُهُ مِنْ إِدْهَانِهِمْ، مُؤَكِّدًا لِأَنَّ مَنْ يَرَى إِدْهَانَهُمْ يَظُنُّ إِذْعَانَهُمْ وَيُنْكِرُ لِمُبَالَغَتِهِمْ فِيهِ طُغْيَانُهُمْ:
[ ص: 334 ] nindex.php?page=treesubj&link=29786_31788_32024_34212_29039nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51وَإِنْ أَيْ وَإِنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51يَكَادُ وَأَظْهَرَ مَوْضِعُ الْإِضْمَارِ تَعْمِيمًا وَتَعْلِيقًا لِلْحُكْمِ بِالْوَصْفِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ سَتَرُوا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِمَّا جِئْتَ بِهِ مِنَ الدَّلَائِلِ.
وَلَمَّا كَانَتْ [ "ن" -] مُخَفَّفَةً، أَتَى بِاللَّامِ الَّتِي هِيَ عِلْمُهَا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51لَيُزْلِقُونَكَ أَيْ مِنْ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ وَحَسَدِهِمْ وَغَيْظِ قُلُوبِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51بِأَبْصَارِهِمْ أَيْ يُوجِدُونَ لَكَ التَّنْحِيَةَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ وَالزَّلَلُ الْعَظِيمُ الَّذِي صَاحَبَهُ فِي مَوْضِعِ دَحْضٍ لَا مُسْتَمْسِكَ فِيهِ بِالْهَلَاكِ فَمَا دُونَهُ مِنَ الْأَذَى حَتَّى يَرْمُوكَ مِنْ قَامَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ كَمَا يَزْلَقُ الْإِنْسَانُ فَيَنْطَرِحُ لِمَا يَتَرَاءَى فِي عُيُونِهِمْ حِينَ تَصْوِيبِ [ النَّظَرِ -] لِلْفِطَنِ مِنَ الْحَنَقِ وَالسُّخْطِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ صُدُورَهُمْ تَغْلِي، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَظَرَ إِلَيَّ نَظَرًا كَادَ يَصْرَعُنِي، [ يَعْنِي -] لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَصْرَعَنِي بِهِ لَصَرَعَنِي كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَقِيلَ: يُهْلِكُونَكَ بِإِصَابَةِ الْعَيْنِ، قَالَ
الْقُشَيْرِيُّ: كَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُصِيبُوا شَيْئًا بِأَعْيُنِهِمْ جَاعُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقَالَ: مَا أَحْسَنَهُ مِنْ شَيْءٍ، فَيَسْقُطُ الْمَنْظُورُ إِلَيْهِ فِي الْوَقْتِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: مَا أَنْصَحَهُ مِنْ رَجُلٍ، فَحَفِظَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، وَلِلشَّيْخَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ [ ص: 335 ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661065 "الْعَيْنُ حَقٌّ" وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَّةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=842315 "يَحْضُرُ بِهَا الشَّيْطَانُ وَحَسَدَ ابْنَ آدَمَ" nindex.php?page=showalam&ids=12251وَلِأَحْمَدَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَفَعَهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661066 "الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ أَنَّ شَيْئًا سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتَغْسَلْتُمْ فَاغْسِلُوا" nindex.php?page=showalam&ids=12181وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَفَعَهُ:
"الْعَيْنُ حَقٌّ تُدْخِلُ الْجُمَلَ الْقِدْرَ وَالرَّجُلَ الْقَبْرَ" nindex.php?page=showalam&ids=11998وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10382أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=707148 "وَإِنَّهَا لِتُدْرِكُ الْفَارِسَ فَتُدَعْثِرُهُ" .
وَلَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْإِزْلَاقَ الْعَظِيمَ، ذَكَرَ ظَرْفَهُ مُعَبِّرًا بِالْمَاضِي تَذْكِيرًا بِالْحَالِ الْمَاضِيَةِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ أَيِ الْقُرْآنِ الَّذِي [ غُلِبَ -] عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ بِأُمُورٍ يُعْلِيهَا كُلُّ أَحَدٍ مِنْ نَفْسِهِ، وَمِنَ الْآفَاقِ كَانَ هَوَايَاهُ أَوَّلُ مَا سَمِعُوهُ حَسَدًا عَلَى مَا أُوتِيَتْ مِنَ الشَّرَفِ فَكَانَ سَمَاعُهُمْ لَهُ بَاعِثًا لِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْبُغْضِ وَالْحَسَدِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزِدْهُمْ تَمَادِي الزَّمَانِ إِلَّا حَنَقًا بِدَلَالَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51وَيَقُولُونَ أَيْ قَوْلًا لَا يَزَالُونَ يُجَدِّدُونَهُ.
وَلَمَّا كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَمَّا يَشِينُ، أَكَّدُوا قَوْلَهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ حَيْرَةٌ فِي أَمْرِكَ وَتَنْفِيرًا عَنْكَ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ لَا غَرَضَ لَهُ إِلَّا كَذِبُهُمْ وَمَالَ بِكُلِّيَّتِهِ إِلَيْكَ وَكَانَ
[ ص: 336 ] مَعَكَ وَارْتَبَطَ بِكَ وَاغْتَبَطَ بِمَا جِئْتَ بِهِ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّ قِرَاءَةَ هَذِهِ الْآيَةِ دَوَاءٌ لِلْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ.