الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إنا نخاف من ربنا يوما أي عذاب يوم فهو على تقدير مضاف أو أن خوفه كناية عن خوف ما فيه عبوسا تعبس فيه الوجوه على أنه من الإسناد المجازي كما في نهاره صائم فقد روي عن ابن عباس أن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران أو يشبه الأسد العبوس على أنه من الاستعارة المكنية التخييلية لكن لا يخفى أن العبوس ليس من لوازم الأسد وإنما اشتهر وصفه به ففي التخييلية ضعف ما وقيل إنه من التشبيه البليغ قمطريرا شديد العبوس ويقال شديدا صعبا كأنه التف شره بعضه ببعض وقيل طويلا وهو رواية عن ابن عباس وجاء قماطر وأنشدوا لأسد بن ناغصة :


                                                                                                                                                                                                                                      واصطليت الحروب في كل يوم باسل الشر قمطرير الصباح     بني عمنا هل تذكرون بلاءنا
                                                                                                                                                                                                                                      عليكم إذا ما كان يوم قماطر

                                                                                                                                                                                                                                      وقول آخر:

                                                                                                                                                                                                                                      وإلى الأول ذهب الزجاج فقال: القمطرير الذي يعبس حتى يجتمع ما بين عينيه، ويقال: اقمطرت الناقة إذا رفعت ذنبها وزمت بأنفها وجمعت قطريها أي جانبيها كأنها تفعل ذلك إذا لحقت كبرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لتضع حملها فاشتقاقه عنده على ما قيل من قطر بالاشتقاق الكبير والميم زائدة وهذا لا يلزم الزجاج فيجوز أن يكون مشتقا كذلك من القمط، ويقال: قمطه إذا شده وجمع أطرافه وفي البحر يقال: اقمطر فهو مقمطر وقمطرير وقماطر إذا صعب واشتد واختلف في هذا الوزن وأكثر النحاة لا يثبتون افمعل في أوزان الأفعال وهذه الجملة جوز أن تكون علة لإحسانهم وفعلهم المذكور كأنه قيل نفعل بكم ما نفعل لأنا نخاف يوما صفته كيت وكيت، فنحن نرجو بذلك أن يقينا ربنا جل وعلا شره، وأن تكون علة لعدم إرادة الجزاء والشكور أي إنا لا نريد منكم المكافأة لخوف عقاب الله تعالى على طلب المكافأة بالصدقة وإلى الوجهين أشار في الكشاف وقال في الكشف: الثاني أوجه ليبقى قوله لوجه الله خالصا غير مشوب بحظ النفس من جلب نفع أو دفع ضر ولو جعل علة للإطعام المعلل على المعنى إنما خصصنا الإحسان لوجهه تعالى لأنا نخاف يوم جزائه ومن خافه لازم الإخلاص لكان وجها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية