ولما كان هذا إشارة إلى الاستدلال على البعث بما يعلمونه من أنفسهم صرح بعد ما لوح، فقال آتيا بحرف التوقع لأنه مقامه:
nindex.php?page=treesubj&link=32022_32688_33953_34263_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وقد أي والحال أنه قد أحسن إليكم مرة بعد مرة بما لا يقدر عليه غيره، فدل ذلك على تمام قدرته، ثم لم يقطع إحسانه عنكم فاستحق أن تؤمنوا
[ ص: 441 ] به لأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ورجاء لدوام إحسانه وخوفا من قطعه لأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14خلقكم أي أوجدكم من العدم مقدرين
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14أطوارا أي تارات عناصر أولا ثم مركبات تغذي الحيوان ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما وأعصابا ودماء، ثم خلقا آخر تاما ناطقا ذكرانا وإناثا طوالا وقصارا بيضا وسودا وبين ذلك - إلى غير ذلك من الأمور الدالة على قدرته على كل مقدور، [ ومن -] قدر على هذا الابتداء كان على الإعادة أعظم قدرة، وقد ثبتت حكمته وأنه لم يخلق الخلق سدى بما بان من هذا التطوير على هذه الهيئات العجيبة التي لا قدرة لغيره عليها بوجه، وهم يتهارجون في هذه الدار تهارج الحمر، ويموت المظلوم على حاله، والظالم يبلغ آماله، فلا بد أن يعيدهم ليفصل بينهم فيظهر حكمته وعدله وإكرامه وفضله، ولو ترك ذلك لكان نقصا في ملكه، ومن قدر على ذلك كان قادرا على الجزاء بالثواب والعقاب، فهو أهل لأن يخشى ويرجى.
وَلَمَّا كَانَ هَذَا إِشَارَةً إِلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْبَعْثِ بِمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ صَرَّحَ بَعْدَ مَا لَوَّحَ، فَقَالَ آتِيًا بِحَرْفِ التَّوَقُّعِ لِأَنَّهُ مَقَامُهُ:
nindex.php?page=treesubj&link=32022_32688_33953_34263_29042nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14وَقَدْ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَمَامِ قُدْرَتِهِ، ثُمَّ لَمْ يَقْطَعْ إِحْسَانَهُ عَنْكُمْ فَاسْتَحَقَّ أَنْ تُؤْمِنُوا
[ ص: 441 ] بِهِ لِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=60هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ وَرَجَاءً لِدَوَامِ إِحْسَانِهِ وَخَوْفًا مِنْ قَطْعِهِ لِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14خَلَقَكُمْ أَيْ أَوْجَدَكُمْ مِنَ الْعَدَمِ مُقَدِّرِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=14أَطْوَارًا أَيْ تَارَّاتِ عَنَاصِرَ أَوَّلًا ثُمَّ مُرَكَّبَاتٍ تُغَذِّي الْحَيَوَانَ ثُمَّ أَخْلَاطًا ثُمَّ نُطَفًا ثُمَّ عَلَقًا ثُمَّ مُضَغًا ثُمَّ عِظَامًا وَلُحُومًا وَأَعْصَابًا وَدِمَاءً، ثُمَّ خَلْقًا آخَرَ تَامًّا نَاطِقًا ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا طُوَالًا وَقِصَارًا بِيضًا وَسُودًا وَبَيْنَ ذَلِكَ - إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ مَقْدُورٍ، [ وَمَنْ -] قَدَرَ عَلَى هَذَا الِابْتِدَاءِ كَانَ عَلَى الْإِعَادَةِ أَعْظَمَ قُدْرَةً، وَقَدْ ثَبَتَتْ حِكْمَتُهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ سُدًى بِمَا بَانَ مِنْ هَذَا التَّطْوِيرِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَاتِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي لَا قُدْرَةَ لِغَيْرِهِ عَلَيْهَا بِوَجْهٍ، وَهُمْ يَتَهَارَجُونَ فِي هَذِهِ الدَّارِ تَهَارُجَ الْحُمُرِ، وَيَمُوتُ الْمَظْلُومُ عَلَى حَالِهِ، وَالظَّالِمُ يَبْلُغُ آمَالَهُ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُعِيدَهُمْ لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمْ فَيُظْهِرَ حِكْمَتَهُ وَعَدْلَهُ وَإِكْرَامَهُ وَفَضْلَهُ، وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ لَكَانَ نَقْصًا فِي مِلْكِهِ، وَمِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْجَزَاءِ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَهُوَ أَهْلٌ لِأَنْ يُخْشَى وَيُرْجَى.