الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              3230 [ ص: 490 ] 32 - باب: قول الله تعالى: وضرب الله مثلا.. إلى قوله: وكانت من القانتين [التحريم: 11 - 12]

                                                                                                                                                                                                                              3411 - حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمداني، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ". [3433، 3769، 5418 - مسلم: 2431 - فتح: 6 \ 449]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أبي موسى - رضي الله عنه -: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث يأتي قريبا. وأخرجه أيضا في فضل عائشة - رضي الله عنها - في موضعين، وفي الأطعمة، وأخرجه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( وضرب الله مثلا ) أي: وصف المؤمنين بما وصف به امرأة فرعون، وذلك أنها اختارت القتل على ذهاب دينها ورفضت الملك، [ ص: 491 ] وكانت لها فراسة حين قالت: قرت عين لي ولك [القصص: 9]. و(آسية): هي ابنة مزاحم ابنة عمة فرعون. وقيل: إنها من العماليق. وقيل: من بني إسرائيل من سبط موسى. قال السهيلي: وقيل هي عمة موسى.

                                                                                                                                                                                                                              وأما (مريم) فكل مولود يطعن الشيطان في جنبه إلا هي وابنها; لقول أمها: وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم [آل عمران: 36] وقوله: فنفخنا فيه من روحنا [التحريم: 12] قال قتادة: نفخنا في جيبها. قال الفراء: كل خرق في درع أو غيره فهو فرج. ورد بأن العرب إنما تقول: أحصنت فرجها من الفرج بعينه.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى فنفخنا فيه جعلنا فيه الروح التي لنا، على أن أبا صالح قال: جاءها الملك فنفخ في جيبها فدخل الفرج فحملت بعيسى.

                                                                                                                                                                                                                              وما ذكر في عائشة - رضي الله عنها - يحتمل أن يريد نساء عصرها أو سائرهن أو أمهات المؤمنين. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة" والعرب تعم الخصوص وتخص العموم. والله أعلم أي ذلك أراد أنهن أفضل.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 492 ]



                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية