الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

2770 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإن أولادكم من كسبكم " رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه . وفي رواية أبي داود والدارمي " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه " .

التالي السابق


الفصل الثاني

2770 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " إن أطيب ما أكلتم ) أي : أحله ، وما موصولة أو موصوفة أو مصدرية ، والمصدر بمعنى المفعول ( من كسبكم ) : أي : الحاصل من وجهة الواصل من جهة صناعة ، أو تجارة ، أو زراعة ( وإن أولادكم من كسبكم ) : أي : من جملته لأنهم حصلوا بواسطة تزوجكم ، فيجوز لكم أن تأكلوا من كسب أولادكم إذا كنتم محتاجين وإلا فلا ، إلا أن طابت به أنفسهم - هكذا قرره علماؤنا - وقال الطيبي - رحمه الله : نفقة الوالدين على الولد واجبة إذا كانا محتاجين عاجزين عن السعي ، عند الشافعي وغيره لا يشترط ذلك ، ( رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه ) : وكذا البخاري في تاريخه ( وفي رواية أبي داود والدارمي : ( إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه ) : قال الطيبي - رحمه الله : تسمية الولد بالكسب مجاز قال ابن الهمام : روى ابن ماجه عن جابر بسند صحيح ، نص عليه ابن القطان [ ص: 1898 ] والمنذري ، أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي مالا وولدا ، وأبي يريد أن يجتاح مالي قال : أنت ومالك لأبيك " وأخرج الطبراني في الأصغر ، والبيهقي في دلائل النبوة ، وعن جابر : جاء رجل إليه - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إن أبي يريد أن يأخذ مالي ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : " ادعه لي " ، فلما جاء قال - عليه الصلاة والسلام - " إن ابنك يزعم أنك تأخذ ماله " فقال " سله هل لعمته وقراباته أو لما أنفقه على نفسي وعيالي ؟ قال : فهبط جبريل - عليه الصلاة والسلام - قال : يا رسول الله إن الشيخ قال في نفسه شعرا لم تسمعه أذناه ; فقال - عليه الصلاة والسلام : ( قلت في نفسك شعرا لم تسمعه أذناك ; فهاته " فقال : لا نزال يزيدنا الله بك بصيرة ويقينا ثم أنشأ يقول :


غذوتك مولودا ومنتك يافعا تعل بما أجني عليك وتنهل




إذا ليلة ضاقتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا سامرا أتململ




تخاف الورى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت حتم موكل




كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيناك تهمل




كأني أنا المطروق دونك بالذي إليك مراما فيك قد كنت آمل




جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل




فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما جار المجاور يفعل



قال : فبكى - عليه الصلاة والسلام - ثم أخذ بتلابيب ابنه وقال : " اذهب أنت ومالك لأبيك
" وروي حديث جابر الأول في طرق كثيرة .




الخدمات العلمية