الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء

                                                                                                          309 حدثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي البصري حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الآخرة بالشمس وضحاها ونحوها من السور قال وفي الباب عن البراء بن عازب وأنس قال أبو عيسى حديث بريدة حديث حسن وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في العشاء الآخرة بالتين والزيتون وروي عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها وروي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين أنهم قرءوا بأكثر من هذا وأقل فكأن الأمر عندهم واسع في هذا وأحسن شيء في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالشمس وضحاها والتين والزيتون

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا ابن واقد ) هو الحسين بن واقد مولى عبد الله بن عامر المروزي قاضيها ، وثقه ابن معين مات سنة 159 تسع وخمسين ومائة ( عن عبد الله بن بريدة ) بن الحصيب الأسلمي [ ص: 191 ] المروزي قاضيها ثقة ( عن أبيه ) بريدة بن الحصيب بمهملتين مصغرا صحابي أسلم قبل بدر مات سنة 63 ثلاث وستين .

                                                                                                          قوله : ( يقرأ في العشاء الآخرة بـ الشمس وضحاها ونحوها من السور ) هذا فعله صلى الله عليه وسلم . وقال لمعاذ رضي الله عنه : أتريد أن تكون يا معاذ فتانا ، إذا أممت الناس فاقرأ بـ الشمس وضحاها ، و سبح اسم ربك الأعلى ، والليل إذا يغشى . قاله له حين أخبر أنه صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم ورواه الشيخان . وهذان الحديثان يدلان على أنه يقرأ في العشاء الآخرة هذه السور ونحوها .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن البراء بن عازب ) قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء والتين والزيتون ، الحديث أخرجه الأئمة الستة . . وفي رواية للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون ، وفي الباب عن أبي هريرة رواه البخاري وغيره عن أبي رافع قال : صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت : ما هذه ؟ قال : سجدت فيها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه .

                                                                                                          واعلم أن سورة والتين والزيتون من قصار المفصل ، وسورة إذا السماء انشقت من أوساط المفصل . قال الحافظ في الفتح : وإنما قرأ في العشاء بقصار المفصل لكونه كان مسافرا والسفر يطلب فيه التخفيف ، وحديث أبي هريرة محمول على الحضر فلذلك قرأ فيها بأوساط المفصل ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( حديث بريدة حديث حسن ) وأخرجه أحمد والنسائي ( وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في العشاء الآخرة بسورة والتين والزيتون أخرجه الترمذي في هذا الباب وأخرجه أيضا غيره من الأئمة الستة كما عرفت ( وروي عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط [ ص: 192 ] المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها ) وقد تقدم حديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة وفيه : ويقرأ في الأوليين من العشاء من وسط المفصل ( كأن الأمر عندهم واسع ) كأن بشدة النون من الحروف المشبهة بالفعل يعني كأن أمر القراء في صلاة العشاء عندهم لا تضييق فيه ، ولأجل ذلك قرءوا فيها بأكثر من المذكور وأقل ( وأحسن شيء في ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بـ الشمس وضحاها ، والتين والزيتون بل أحسن شيء في ذلك ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذا رضي الله عنه بقراءته من السور وأمثالها والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية