الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 1352 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنـزل إليك وما أنـزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [60]

                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنـزل إليك يعني القرآن وما أنـزل من قبلك يعني التوراة، ووصفهم بادعاء الإيمان بالقرآن وبما أنزل من قبله لتأكيد التعجيب من حالهم وتشديد التوبيخ والاستقباح، ببيان كمال المباينة بين دعواهم المقتضية - حتما - للتحاكم إلى الرسول وبين ما صدر عنهم من مخالفة الأمر المحتوم.

                                                                                                                                                                                                                                      يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الداعي إلى الطغيان بالحكم على خلاف المنزل إليك والمنزل على من قبلك، وتقدم قريبا معاني الطاغوت، والمراد به هاهنا ما سوى كتاب الله وسنة رسوله من الباطل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد أمروا في جميع تلك الكتب أن يكفروا به أي: يتبرؤوا منه؛ لأنه تحاكم على خلاف ما أنزل الله في كتبه فيعصونه ويطيعون الشيطان ويريد الشيطان أي: من الجن والإنس أن يضلهم ضلالا بعيدا عن الحق والهدى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويريد إلخ عطف على (يريدون) داخل في حكم التعجيب، فإن اتباعهم لمن يريد إضلالهم وإعراضهم عمن يريد هدايتهم أعجب من كل عجيب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية