الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 359 ] ( ولو نوى ) التيمم لم يكف جزما أو ( فرض التيمم ) أو فرض الطهارة ( لم يكف في الأصح ) ؛ لأنه طهارة ضرورة غير مقصود في نفسه فلم يصلح لأن يجعل مقصودا بخلاف الوضوء ، ومن ثم لا يسن تجديده فإن قلت كيف لا يصح هذا مع أنه إنما نوى الواقع قلت ممنوع بإطلاقه ؛ لأنه وإن نواه من وجه نوى خلافه من وجه آخر ؛ لأن تركه نية الاستباحة وعدوله إلى نية التيمم أو نية فرضيته ظاهر في أنه عبادة مقصودة في نفسها من غير تقييد بالضرورة وهذا خلاف الواقع ، ومن ثم لما لم يكن في تيمم نحو غسل الجمعة استباحة جاز له نية تيمم الجمعة وسنة تيممها لانحصار الأمر فيها ويؤخذ مما قررته أنه لو نوى فرضية الإبدالي لا الأصلي صح ويوجه بأنه الآن نوى الواقع من كل وجه فلم يكن للإبطال وجه ( ويجب قرنها ) أي النية ( بالنقل ) السابق أي بأوله ؛ لأنه أول الأركان ( وكذا ) يجب ( استدامتها ) ذكرا ( إلى مسح شيء من الوجه على الصحيح ) حتى لو عزبت قبل مسح شيء منه بطلت ؛ لأنه المقصود وما قبله وسيلة وإن كان ركنا فعلم من كلامهم بطلانه بعزوبها فيما بين النقل المعتد به والمسح وهو كذلك وإن نقل جمع عن أبي خلف الطبري الصحة [ ص: 360 ] واعتمدوه وليس من محل الخلاف كما هو ظاهر ما إذا عزبت قبل وصول يده لوجهه ، ثم قرنها بنقلها إليه لما علم مما مر أنه حيث بطل نقله قبل وصول يديه لوجهه فنوى ورفعهما إليه أو مرغه عليهما كفى .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لم يكف ) ظاهره وإن ضم إلى نية فرض التيمم كونه للصلاة بأن نوى فرض التيمم للصلاة قال في شرح العباب ما نصه تنبيه قال الإسنوي لو كانت يده عليلة فإن نوى عند غسل وجهه رفع الحدث احتاج لنية أخرى عند التيمم ؛ لأنه لم يندرج في النية الأولى أو نية الاستباحة فلا وإن عمت الجراحة وجهه لم يحتج عند غسل غيره إلى نية أخرى غير نية التيمم وله احتمال بخلاف ذلك فيهما والأوجه الأول وتقديم الجنب الغسل أو التيمم يأتي فيه هذا التفصيل ا هـ وقضية ذلك أنه لو احتاج لأربع تيممات بأن كان في كل عضو من أعضائه الأربعة علة غير عامة لغير الرأس وعامة له كفى نية الاستباحة عند تيمم الوجه فلا يحتاج بقية التيممات لنية وإن نوى عند غسل صحيحه رفع الحدث فليتأمل ويبقى الكلام فيما لو احتاج لتيمم خامس لعلة بنحو ظهره بأن كان جنبا وغسل ما عدا محل تلك العلة عن الجناية ، ثم حصلت العلة في أعضائه الأربعة على الوجه المذكور واحتاج للوضوء فهل يكفي نية استباحة فرض الصلاة عند تيمم الوجه عن النية عند التيمم لعلة ظهره كما يكفي عن نية تيممات الوضوء على ما تقرر أو يفرق فيه نظر . ( قوله ظاهر في أنه عبادة مقصودة ) هذا لا ينتج أنه نوى خلاف الواقع من وجه وذلك ؛ لأنه إن أراد أن ما ذكر ظاهر في أنه أراد أنه عبادة مقصودة إلخ أي في قصده ذلك في نيته فهو ممنوع بل هو خلاف الفرض قطعا ضرورة أن الفرض أنه لم ينو ذلك وإن أراد أن ما ذكر يدل ظاهرا على ذلك من غير أن يكون هو مريدا لذلك ناويا له فلم يثبت أنه خلاف الواقع من وجه فتأمل ذلك فإنه ظاهر صحيح . ( قوله أي بأوله ) لا يخفى ما فيه مع ما تحصل من أنه لو قرنها قبل مماسة وجهه كفى وإن خلا عنه أول النقل وما بعده .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله التيمم ) إلى قوله فإن قلت في المغني وإلى قول المتن ويجب في النهاية قول المتن ( فرض التيمم ) أي أو التيمم المفروض نهاية ومغني قول المتن ( لم يكف إلخ ) محله ما لم يضفه لنحو صلاة حلبي وشيخنا عبارة ع ش والبجيرمي على الإقناع فرع صمم ابن الرملي على أن محل عدم الاكتفاء بنية التيمم أو فرض التيمم إذا لم يضفها لنحو الصلاة فإن أضافها كنويت التيمم للصلاة أو فرض التيمم للصلاة جاز أخذا من العلة لأنه إنما بطل هناك لأن التيمم لا يصلح مقصدا ولما أضافه لم يبق مقصدا سم على المنهج أقول ويستبيح النوافل فقط تنزيلا له على أقل الدرجات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنه طهارة ضرورة إلخ ) هذا التعليل يقتضي أن صاحب الضرورة لا ينوي فرض الوضوء لأن طهره طهر ضرورة وليس مرادا ع ش . ( قوله : ومن ثم ) أي لأجل أنه غير مقصود في نفسه . ( قوله لا يسن تجديده ) وقضية عدم سنه أنه إذا جدد لا يصح لكن نقل عن الشارح م ر كراهته فقط وهو صريح في الصحة ع ش . ( قوله كيف يصح هذا ) أي عدم كفاية نية التيمم أو فرضه نهاية . ( قوله بإطلاقه ) أي الصادق لكل وجه . ( قوله أو نية فرضيته ) الأولى فرضه .

                                                                                                                              ( قوله ظاهر في أنه عبادة إلخ ) هذا لا ينتج أنه نوى خلاف الواقع من وجه وذلك لأنه إن أراد أن ما ذكر ظاهر في أنه أراد أنه عبادة مقصودة إلخ أي في قصده ذلك في نيته فهو ممنوع بل هو خوف الفرض قطعا ضرورة أن الفرض أنه إن لم ينو ذلك وإن أراد أن ما ذكر يدل ظاهرا على ذلك من غير أن يكون هو مريدا لذلك ناويا له فلم يثبت أنه خلاف الواقع من وجه فتأمل ذلك فإنه ظاهر صحيح سم أي والمدرك مع المقابل إلا أن المذهب نقل لا يسعنا خلافه . ( قوله : ومن ثم إلخ ) المشار إليه قوله لأن تركه إلخ . ( قوله جاز إلخ ) عبارة النهاية والمغني نعم إن تيمم ندبا كأن تيمم للجمعة عند تعذر غسله أجزأته نية التيمم بدل الغسل ا هـ قال ع ش قوله م ر أجزأته إلخ ظاهره وإن لم يضفه إلى الجمعة أو غسلها وعبارة حج من ثم لما لم يكن إلخ ا هـ يعني تقتضي اشتراط الإضافة وفيه أن قوله بدل الغسل يغني عن الإضافة كما يأتي ( قوله لانحصار الأمر فيها ) أي في تلك النية .

                                                                                                                              ( قوله فرضية الإبدالي ) بأن نوى فرض التيمم قاصدا أنه بدل عن الغسل أو الوضوء لا أنه فرض أصلي ع ش . ( قوله أي بأوله ) أسقطه النهاية والمغني وقال سم قوله أي بأوله لا يخفى ما فيه مع ما تحصل من أنه لو قرنها قبل مماسة وجهه كفى وإن خلا عنه أول النقل وما بعده ا هـ . ( قوله حتى لو عزبت إلخ ) أي ولم يجددها قبيل المسح . ( قوله بطلانه بعزوبها إلخ ) أي ولم يستحضرها قبيل مسح الوجه أخذا من قوله .

                                                                                                                              [ ص: 360 ] الآتي وليس من محل الخلاف إلخ . ( قوله واعتمدوه ) وكذا اعتمده النهاية والمغني لكنهما حملا وفاقا للمهمات ما نقل عن أبي خلف على ما إذا استحضر النية عند مسح الوجه فالنزاع لفظي عبارتهما واللفظ للأول قال في المهمات والمتجه الاكتفاء بإحضارها عندهما وإن عزبت بينهما واستشهد له بكلام لأبي خلف الطبري وهو المعتمد والتعبير بالاستدامة كما قاله الوالد رحمه الله تعالى جرى على الغالب لأن الزمن يسير لا تعزب النية فيه غالبا حتى أنه لو لم ينو إلا عند إرادة المسح للوجه أجزأ ومقابل الأصح لا تجب الاستدامة كما لو قارنت نية الوضوء أول غسل الوجه ، ثم انقطعت ا هـ قال ع ش قوله م ر غالبا كون التعبير بالاستدامة جريا على الغالب وأن عزوبها بين النقل والمسح لا يضر يبعده فرض الخلاف بين الصحيح ومقابله في اعتبار الاستدامة ا هـ وقال الرشيدي قوله م ر ومقابل الصحيح لا تجب الاستدامة أي بل يكفي قرنها بالنقل وإن لم يستحضر عند مسح الوجه ا هـ . ( قوله مما مر ) أي في شرح نقل التراب . ( قوله وليس ) إلى قوله وسيعلم في النهاية والمغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية