الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3032 حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا الحجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عبد الكريم سمع مقسما مولى عبد الله بن الحارث يحدث عن ابن عباس أنه قال لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر عن بدر والخارجون إلى بدر لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة فنزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر و فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس ومقسم يقال هو مولى عبد الله بن الحارث ويقال هو مولى ابن عباس وكنيته أبو القاسم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرني عبد الكريم ) هو ابن مالك الجزري ، بينه أبو نعيم في المستخرج من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج ، قال حدثني عبد الكريم الجزري كذا في الفتح ( سمع مقسما مولى عبد الله بن الحارث ) بكسر الميم ، ويقال له مولى ابن عباس للزومه له .

                                                                                                          قوله : ( عن بدر والخارجون إلى بدر ) هذا تفسير من ابن عباس رضي الله عنه ، يعني أن المراد من قوله القاعدون ، القاعدون عن غزوة بدر ومن قوله المجاهدون الخارجون إلى غزوة بدر ولكن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ( قال عبد الله بن جحش ) قال العيني في شرح البخاري : قوله عبد الله بن جحش : قيل أبو أحمد بن جحش كما ذكره الطبري في روايته من طريق الحجاج نحو ما أخرجه الترمذي ، وذلك لأن عبد الله بن جحش هو أخو أبي أحمد بن جحش واسم أبي أحمد عبد بدون إضافة وهو مشهور بكنيته ، وأيضا أن عبد الله بن جحش لم ينقل أن له عذرا إنما المعذور أخوه أبو أحمد بن جحش . وذكر الثعلبي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه ابن جحش وليس بالأسدي ، وكان أعمى ، وأنه جاء هو وابن أم مكتوم فذكرا [ ص: 309 ] رغبتهما في الجهاد مع ضررهما فنزلت غير أولي الضرر ، فجعل لهما من الأجر ما للمجاهدين . انتهى .

                                                                                                          اعلم أن الحافظ قد نقل في الفتح حديث ابن عباس هذا عن الترمذي بتمامه من أوله إلى آخره ثم قال : هكذا أورده الترمذي سياقا واحدا ، ومن قوله درجة إلخ ، مدرج في الخبر من كلام ابن جريج بينه الطبري ، فأخرج من طريق حجاج نحو ما أخرجه الترمذي إلى قوله درجة ووقع عنده ، فقال عبد الله بن أم مكتوم وأبو أحمد بن جحش وهو الصواب في ابن جحش ، فإن عبد الله أخوه ، وأما هو فاسمه عبد بغير إضافة وهو مشهور بكنيته ثم أخرجه بالسند المذكور عن ابن جريج قال وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه قال علي : القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر . وحاصل تفسير ابن جريج أن المفضل عليه غير أولي الضرر ، أما أولو الضرر فملحقون في الفضل بأهل الجهاد إذا صدقت نياتهم كما تقدم في المغازي من حديث أنس : إن بالمدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم حبسهم العذر .

                                                                                                          ويحتمل أن يكون المراد بقوله : وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة أي من أولي الضرر وغيرهم .

                                                                                                          : وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه أي على القاعدين من غير أولي الضرر ، ولا ينافي ذلك الحديث المذكور عن أنس ولا ما دلت عليه الآية من استواء أولي الضرر مع المجاهدين لأنها استثنت أولي الضرر من عدم الاستواء فأفهمت إدخالهم في الاستواء إذا لا واسطة بين الاستواء وعدمه ; لأن المراد منه استواؤهم في أصل الثواب لا في المضاعفة لأنها تتعلق بالفعل . انتهى كلام الحافظ . وفي تفسير الجلالين : لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن الجهاد غير أولي الضرر بالرفع صفة والنصب استثناء من زمانة أو عمى ونحوه ، والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين لضرر ، درجة فضيلة لاستوائهما في النية وزيادة المجاهد بالمباشرة وكلا من الفريقين وعد الله الحسنى الجنة وفضل الله المجاهدين على القاعدين لغير ضرر أجرا عظيما ويبدل منه درجات منه منازل بعضها [ ص: 310 ] فوق بعض من الكرامة ومغفرة ورحمة منصوبتان بفعلهما المقدر وكان الله غفورا لأوليائه رحيما بأهل طاعته . انتهى . قال في الكمالين : فعلى هذا قوله تعالى فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما إلخ فيمن قعد بغير عذر والذي قبله فيمن قعد بعذر ، والأكثرون على أن القولين كليهما فيمن قعد بغير عذر وإنما كرر وأوجب في الأول درجة ، وفي الثاني درجات ; لأن المراد بالدرجة الظفر والغنيمة والذكر الجميل في الدنيا ، وبالدرجات ثواب الآخرة . بينت بالإفراد في الأول والجمع في الثاني لأن ثواب الدنيا في جنب ثواب الآخرة يسير . انتهى ملخصا .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه البخاري في صحيحه إلى قوله والخارجون إلى بدر .




                                                                                                          الخدمات العلمية