الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن تيمم ) ، لمرض لم يبطل تيممه إلا بالبرء ، وقد يشمله المتن بجعل الفقد شاملا للشرعي ، وكذا وجده بأن يزول مانعه ولم يقترن بمانع آخر أو ( لفقد ماء فوجده ) أو ثمنه مع إمكان شرائه وإن قل ( إن لم يكن في صلاة ) بأن كان [ ص: 366 ] قبل الراء من تكبيرة الإحرام ( بطل ) تيممه وإن ضاق الوقت عن الوضوء إجماعا ، وكذا لو توهمه وإن زال توهمه سريعا كأن رأى ركبا أو تخيل سرابا ماء أو سمع من يقول عندي ماء لفلان أو نجس أو مستعمل أو ماء ورد ؛ لأنه لم يأت بالمانع إلا بعد توهمه الماء بمجرد سماعه للفظه بخلاف أودعني فلان ماء وهو يعلم غيبته وعدم رضاه بأخذه أما لو لم يعلم ذلك فيبطل ؛ لأنه يلزمه البحث عنه ولأنه إذا شك في الرضا صار آخذه متوهم الحل ، وإنما يبطل فيما إذا رآه مثلا أو توهمه ( إن لم يقترن ) وجوده أو توهمه ( بمانع كعطش ) وسع وتعذر استقاء ؛ لأنه حينئذ كالعدم ويؤخذ منه أن كل ما منع وجوب الطلب كذلك ومنه أن يخشى من لا تلزمه الإعادة خروج الوقت لو طلبه فقولهم هنا وإن ضاق الوقت محله فيمن يلزمه طلبه وإن خاف خروج الوقت وهو من تلزمه الإعادة وهذا معلوم مما قدموه في الطلب فوجب حمل إطلاقهم هنا عليه كما تقرر [ ص: 367 ] وإنما لم يبطل بتوهم سترة أو برء لعدم وجوب طلبها لغلبة الضنة بها وعدم حصوله بالطلب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لم يبطل تيممه ) أي بغير المبطلات المشهورة . ( قوله : وكذا وجده ) أي يجعل شاملا للشرعي . ( قوله بمانع آخر ) [ ص: 366 ] تصريح بأن البرء لا يبطل التيمم مع وجود المانع . ( قوله قبل الراء ) إن أراد قبل تمامها شمل وجدانه في أثنائها وهو متجه موافق لقوله في شرح الإرشاد وقضية قوله قبل إحرام أنه لو رآه في أثناء تكبيرة الإحرام كان كذلك ؛ لأن الإحرام إنما يتحقق بانتهائها ا هـ ويبقى وجدانه مع تمامها ويحتمل أنه كذلك أيضا ؛ لأن الدخول بتمامها وقد قارن المانع ويؤيد ذلك قول الشارح الآتي بأن كان بعد تمام الراء من تكبيرة الإحرام ( قوله : وكذا لو توهمه وإن زال توهمه سريعا إلخ ) ومحل بطلانه بالتوهم إن بقي من الوقت زمن لو سعى فيه إلى ذلك لأمكنه التطهر به والصلاة فيه شرح م ر أقول هذا شامل لمن يلزمه القضاء ومع ذلك لا ينافيه أن من يلزمه القضاء يلزمه طلب الماء وإن خرج الوقت ؛ لأن ذاك عند تحقق وجوده . ( قوله عندي ماء إلخ ) في الخادم ، ولو قال عندي من ثمن خمر ماء بطل التيمم وإن كانت هذه الصيغة غير ملزمة في الإقرار فإنه يجب عليه البحث عن صاحب الماء وطلبه منه ا هـ . ( قوله وعدم رضاه ) بقي الشك في رضاه داخلا في إما إلخ . ( قوله محله فيمن يلزمه طلبه ) قد يقال لا يحتاج لذلك في الوجدان بل هو ممنوع ؛ لأن المراد بوجدان الماء حصوله [ ص: 367 ] وحيث حصل بطل التيمم وإن ضاق الوقت ولم تلزمه الإعادة ، وإنما يتأتى ما ذكره لو كان المراد بالوجدان العلم به بحيث يحتاج في حصوله إلى طلب وليس كذلك فليتأمل إلا أن يلتزم أن المراد بالوجدان أعم من حصوله وكونه بحيث يجب طلبه ( قوله : وإنما لم يبطل بتوهم سترة إلخ ) إن كان فاعل يبطل ضمير التيمم كما هو ظاهر السياق فيه أنه لا موقع لهذا الكلام ؛ لأن التيمم لا يبطل بوجود السترة فلا وجه للاعتذار عن عدم بطلانه بتوهمها وإن كان ضمير الصلاة فقريب ؛ لأن من صلى عاريا فوجد سترة وجب الاستتار فإن استتر فورا استمرت صحتها وإلا بطلت على ما فصلوه في شروط الصلاة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لمرض إلخ ) عبارة النهاية والمغني في شرح بطل واحترز بقوله لفقد ماء عما إذا كان لمرض ونحوه فلا يبطل تيممه إلا بالقدرة على استعماله ولا أثر لوجوده قبلها ا هـ . ( قوله لم يبطل تيممه ) أي بغير المبطلات المشهورة سم . ( قوله إلا بالبرء ) أي لا بوجود الماء أو ثمنه . ( قوله بجعل الفقد ) أي الآتي . ( قوله وكذا وجده ) أي يجعله شاملا للشرعي سم . ( قوله بأن يزول إلخ ) تصوير للوجدان الشامل للشرعي . ( قوله بمانع آخر ) تصريح بأن البرء لا يبطل مع وجود المانع سم . ( قوله أو لفقد ماء ) عطف على لمرض . ( قوله أو ثمنه ) إلى قوله ويؤخذ في المغني إلا قوله عن الوضوء قول المتن ( إن لم يكن في صلاة ) أما بعد شروعه فيها فلا بطلان بتوهم أو شك أو ظن مغني ونهاية ويأتي في الشارح ما يفيده . ( قوله [ ص: 366 ] قبل الراء )

                                                                                                                              أي قبل تمامها بقرينة ما يأتي فيشمل صورة المعية بصري وسم وع ش . ( قوله وإن ضاق الوقت ) سيأتي تقييده بمن تلزمه الإعادة . ( قوله عن الوضوء ) أو الغسل . ( قوله إجماعا ) ولخبر أبي ذر { التراب كافيك ولو لم تجد الماء عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك } نهاية ومغني . ( قوله وكذا لو توهمه ) إلى قوله ويؤخذ في النهاية إلا قوله عن الوضوء . ( قوله لو توهمه ) منه ما لو توهم زوال المانع الحسي كأن توهم زوال السبع فيبطل تيممه لوجوب البحث عن ذلك بخلاف زوال المانع الشرعي كتوهم الشفاء فلا يبطل به التيمم كما تقدم للشارح م ر ومنه كما قال حج في شرح العباب ما لو رأى رجلا لابسا إذا احتمل أن تحت ثيابه ماء ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وإن زال توهمه ) ومحل بطلانه بالتوهم إن بقي من الوقت زمن لو سعى فيه إلى ذلك لأمكنه التطهر به والصلاة فيه نهاية وأقول هذا شامل لمن يلزمه القضاء ومع ذلك لا ينافيه أن من يلزمه القضاء يلزمه طلب الماء وإن خرج الوقت لأن ذلك عند تحقق وجوده سم عبارة السيد البصري ينبغي أن تقيد مسألتا العلم والتوهم بما إذا كان فيهما بمحل يجب طلبه منه أخذا من تعليله وإن لم أر من صرح به حتى لو قال إن بمحل كذا وهو فوق القرب ماء مباحا أو هو فوق حد الغوث ماء نجسا يظهر أنه لا يبطل تيمم سامعه في الحالين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كأن رأى ركبا ) أو غمامة مطبقة بقربه نهاية ومغني . ( قوله سرابا ) وهو ما يرى وسط النهار يشبه الماء وليس بماء كما في القاموس ع ش . ( قوله أو سمع إلخ ) قال في الخادم ولو قال لفلان عندي من ثمن خمر ماء بطل تيممه لوجوب البحث عن صاحب الماء وطلبه منه ولو سمع قائلا يقول عندي للعطش ماء لم يبطل تيممه بخلاف عندي ماء للعطش ونظيره عندي ماء لوضوئي ولوضوئي ماء فيبطل في الأولى دون الثانية نهاية قال ع ش قوله م ر عن صاحب الماء أي الذي اشتراه واضع اليد على الماء منه بثمن الخمر وقوله م ر لم يبطل تيممه معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو نجس أو مستعمل ) عطف على لفلان وقوله أو ماء ورد عطف على ماء . ( قوله بخلاف أودعني إلخ ) وكذا لو قال عندي لغائب ماء لم يبطل تيممه ولو قال عندي لحاضر ماء بطل تيممه مغني . ( قوله وهو يعلم غيبته ) أي يستحضر في ذهنه عند سماع لفظ الماء ما ذكر فيما يظهر بصري فإن كان يعلم حضوره أو لم يعلم من حاله شيئا بطل لوجوب السؤال عنه نهاية . ( قوله أما لو لم يعلم إلخ ) شامل للشك فيبطل بالشك في الصورتين ع ش وسم قال البصري قوله أما لو لم يعلم إلخ صادق بما إذا علم الغيبة والرضا لكن مع العلم بعدم تمكين الوديع منه وهو محل تأمل فينبغي أن يكون حكمه كسابقه ا هـ أي فلا يبطل ( قوله صار أخذه متوهم الحل ) المتوهم إما المرجوح أو الواقع في الوهم أي الذهن فيشمل الراجح وعلى كل فالتعبير بالمشكوك أولى وإن أمكن حمل التوهم على الثاني والشك على مطلق التردد الشامل للطرفين والوسط بصري وفيه تأمل بل تعبير الشارح أنسب بقوله أولا وكذا لو توهمه وبحمل جملة أخذه إلخ على اسم صار .

                                                                                                                              ( قوله ويؤخذ منه أن كل ما منع وجوب الطلب إلخ ) محله كما هو واضح فيما إذا كان الوجدان مع الحاجة إلى الطلب أما لو كان حاضرا عنده فيبطل تيممه مطلقا أخذا مما تقدم ، ثم رأيت المحشي سم قال قوله محله إلخ قد يقال لا يحتاج إليه بل هو ممنوع لأن .

                                                                                                                              [ ص: 367 ] المراد بالوجدان حصوله وحيث حصل بطل التيمم وإن ضاق الوقت ولم تلزمه الإعادة فليتأمل إلا أن يلتزم أن المراد بالوجدان أعم من حصوله وكونه بحيث يجب طلبه ا هـ ا هـ بصري . ( قوله وإنما لم يبطل ) إلى الفرع في المغني إلا مسألة البرء وإلى المتن في النهاية إلا تلك المسألة . ( قوله وإنما لم يبطل إلخ ) إن كان فاعل يبطل ضمير التيمم كما هو ظاهر السياق ففيه أنه موقع لهذا الكلام لأن التيمم لا يبطل بوجود السترة فلا وجه للاعتذار عن عدم بطلانه بتوهمها وإن كان ضمير الصلاة فقريب لأن من صلى عاريا فوجد سترة وجب الاستتار فإن استتر فورا استمرت صحتها وإلا بطلت على ما فصلوه في شروط الصلاة سم أي فكان الظاهر التأنيث . ( قوله لغلبة الضنة بها ) أي البخل بالسترة وقوله وعدم حصوله أي البرء .




                                                                                                                              الخدمات العلمية