الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3057 - وعن علي قال : إنكم تقرءون هذه الآية ( من بعد وصية توصون بها أو دين ) وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين في الوصية وأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه . رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وفي رواية الدارمي قال : الإخوة من الأم يتوارثون دون بني العلات إلخ .

التالي السابق


3057 - ( وعن علي - رضي الله عنه - قال : إنكم تقرءون هذه الآية ( من بعد وصية توصون بها أو دين وإن ) بكسر إن والواو للحال ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية وأن ) بفتح أن والواو للعطف أي : وقضى بأن ( أعيان بني الأم ) أي : الإخوة والأخوات لأب واحد وأم واحدة من عين الشيء وهو النفيس منه ( يتوارثون دون بني العلات ) وهم الإخوة لأب وأمهات شتى ، وقال بعض المحققين من أصحابنا : أعيان القوم أشرافهم والأعيان الأخوات من الأب وأم ، وهذه الأخوة تسمى المعاينة ، وذكر الأم هنا لبيان ما يترجح به بنو الأعيان على بني العلات وهم أولاد الرجل من نسبة شتى ، سميت علات لأن الزوج قد عل من المتأخرة بعد ما نهل من الأولى والمعنى أن بني الأعيان إذا اجتمعوا مع بني العلات فالميراث لبني الأعيان لقوة القرابة وازدواج الوصلة اهـ . وإن كانوا لأم واحدة وآباء شتى فهم الأخياف ، قال الطيبي - رحمه الله - : قوله " إنكم تقرءون " إخبار فيه معنى الاستفهام يعني إنكم تقرءون هذه الآية هل تدرون معناها ؟ فالوصية مقدمة على الدين في القراءة متأخرة عنه في القضاء ، والأخوة فيها مطلق يوهم التسوية فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتقدم الدين عليها وقضى في الأخوة بالفرق . وقوله " وأن أعيان " بالفتح على حذف الجار عطف على " بالدين " بدليل رواية المصابيح " وقضى رسول الله - صلى الله عليه سلم - أن أعيان بني الأم ، وقوله ( الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأمه ) استئناف كالتفسير لما قبله ، فإن قلت : إذا كان الدين مقدما على الوصية فلم قدمت عليه في التنزيل ؟ قلت : اهتماما بشأنها - الكشاف - لما كانت الوصية مشبهة بالميراث في كونها مأخوذة من غير عوض كان إخراجها مما يشق على الورثة ويتعاظم ولا تطيب أنفسهم بها كان أداؤها مظنة للتفريط بخلاف الدين فإن نفوسهم مطمئنة إلى أدائه فلذلك قدمت على الدين بعثا على وجوبها والمسارعة إلى إخراجها مع الدين ولذلك جيء بكلمة " أو " للتسوية بينهما في الوجوب ( رواه الترمذي وابن ماجه ، وفي رواية الدارمي قال : الإخوة ) أي : الأعيان ( من الأم يتوارثون دون بني العلات إلى آخره ) .

[ ص: 2029 ]



الخدمات العلمية