الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        369 [ ص: 176 ] ( 11 ) باب الرخصة في المرور بين يدي المصلي .

                                                                                                                        340 - ذكر فيه عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عبد الله بن عباس ، قال : أقبلت راكبا على أتان ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ، ورسول الله يصلي للناس بمنى ، فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ، ودخلت في الصف ، فلم ينكر ذلك علي أحد .

                                                                                                                        [ ص: 177 ] 341 - ثم أردفه بأنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص كان يمر بين يدي بعض الصفوف والصلاة قائمة .

                                                                                                                        8496 - قال مالك : وأنا أرى ذلك واسعا إذا أقيمت الصلاة وبعد أن يحرم الإمام ولم يجد المرء مدخلا إلى المسجد إلا بين الصفوف .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        8497 - قال أبو عمر : حديث ابن شهاب في هذا الباب خالف ابن عيينة مالكا في بعض ألفاظه ; فرواه عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عبد الله بن عباس ، قال : جئت أنا والفضل على أتان ورسول الله يصلي بعرفة [ ص: 178 ] فمررنا بين يدي بعض الصف ، فنزلنا وتركناها ترتع ، فلما دخلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا .

                                                                                                                        8498 - قال أبو عمر : قول مالك في هذا الباب مع ما ترجم به الباب يدل على أن في المشي بين يدي الصفوف خلف الإمام رخصة لمن لم يجد من ذلك بدا ، وغيره لا يرى بذلك بأسا لحديث ابن عباس هذا قوله : فمررت بين يدي بعض الصف فلم ينكر علي أحد .

                                                                                                                        8499 - وقد قدمنا أن الإمام سترة لمن خلفه ، فالماشي خلفه أمام الصف كالماشي خلفه دون الصف .

                                                                                                                        8500 - ويحتمل هذا أن يكون المار لم يجد بدا كما قال مالك ، ولكن الظاهر ما قدمنا في الباب قبل هذا من الآثار الدالة على أن الإمام سترة لمن خلفه .

                                                                                                                        8501 - وظاهرها يدل على أن الرخصة المترجم بها هذا الباب ليست في معنى التشديد في الباب قبله ، والآثار كلها دالة على ذلك .

                                                                                                                        8502 - ومن ذلك حديث عبد الله بن عمر ، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رد البهيمة التي همت بالمرور بين يديه حتى ألصق منكبه بالجدار ، فمرت خلفه .

                                                                                                                        8503 - وقد استدل قوم بهذا الحديث على أن الحمار لا يقطع الصلاة وانفصل منهم مخالفهم في ذلك بأن قال : مرور الأتان كان خلف الإمام بين يدي الصف .

                                                                                                                        8504 - وفيه : إجازة شهادة من علم الشيء صغيرا فأداه كبيرا ، وهذا أمر لا خلاف فيه .

                                                                                                                        [ ص: 179 ] 8505 - وكذلك العبد يعلم في حال عبوديته ما يؤديه في حال الحرية .

                                                                                                                        8506 - والفاسق يعلم فسقه ما يشهد به في حال عدالته .

                                                                                                                        8507 - وهذا لا اختلاف فيه بين العلماء ، إلا أنهم اختلفوا لو شهد أحد هؤلاء بشهادة في الحال الأولى فردت ، ثم شهد بها في الحال الثانية .

                                                                                                                        8508 - فقال مالك : لا تقبل إذا ردت قبل .

                                                                                                                        8509 - وقال غيره : تقبل ; لارتفاع العلة التي لها ردت أولا .




                                                                                                                        الخدمات العلمية