ولما أعطاه ما فرغه به للعبادة وأكسبه غنى لا حاجة معه، سبب عنه قوله آمرا بما هو جامع لمجامع الشكر:
nindex.php?page=treesubj&link=32861_34513_4054_29079nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فصل أي بقطع العلائق من الخلائق بالوقوف بين يدي الله في حضرة المراقبة شكرا لإحسان المنعم خلافا للساهي عنها والمرائي فيها.
و[لما ] أتى بمظهر العظمة لتكثير العطاء فتسبب عنه الأمر بما للملك من العلو، وكان أمره صلى الله عليه وسلم تكوينيا لا إباء معه، وقع الالتفات إلى صفة الإحسان المقتضي للترغيب والإقبال لما يفيد من التحبيب، مع التصريح بالتوحيد، وإفادة أن العبادة لا تقع إلا شكرا فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2لربك أي المحسن إليك بذلك سرا وعلنا مراغما من شئت فلا سبيل لأحد عليك
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2وانحر أي أنفق له الكوثر من المال على المحاويج خلافا لم يدعهم ويمنعهم الماعون لأن النحر أفضل نفقات
[ ص: 291 ] العرب لأن الجزور الواحد يغني مائة مسكين، وإذا أطلق العرب المال انصرف إلى الإبل، ولذا عبر عن هذا المراد بالنحر ليفهم الزجر عما كانوا يفعلونه من الذبح للأوثان، ومن معناه أيضا أظهر
nindex.php?page=treesubj&link=25353الذل والمسكنة والخشوع في الصلاة بوضع اليمنى على اليسرى تحت النحر هيئة الذليل الخاضع، وقد قابل في هذا أربعا من سورة الدين بأربع، وهي البخل بالإعطاء، وإضاعة الصلاة بالأمر بها، والرياء بالتخصيص بالرب، ومنع الزكاة بالنحر.
وَلَمَّا أَعْطَاهُ مَا فَرَّغَهُ بِهِ لِلْعِبَادَةِ وَأَكْسَبَهُ غِنًى لَا حَاجَةَ مَعَهُ، سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلُهُ آمِرًا بِمَا هُوَ جَامِعٌ لِمَجَامِعِ الشُّكْرِ:
nindex.php?page=treesubj&link=32861_34513_4054_29079nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2فَصَلِّ أَيْ بِقَطْعِ الْعَلَائِقِ مِنَ الْخَلَائِقِ بِالْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فِي حَضْرَةِ الْمُرَاقَبَةِ شُكْرًا لِإِحْسَانِ الْمُنْعِمِ خِلَافًا لِلسَّاهِي عَنْهَا وَالْمُرَائِي فِيهَا.
و[لِمَا ] أَتَى بِمَظْهَرِ الْعَظَمَةِ لِتَكْثِيرِ الْعَطَاءِ فَتَسَبَّبَ عَنْهُ الْأَمْرُ بِمَا لِلْمَلِكِ مِنَ الْعُلُوِّ، وَكَانَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْوِينِيًّا لَا إِبَاءَ مَعَهُ، وَقَعَ الِالْتِفَاتُ إِلَى صِفَةِ الْإِحْسَانِ الْمُقْتَضِي لِلتَّرْغِيبِ وَالْإِقْبَالِ لِمَا يُفِيدُ مِنَ التَّحْبِيبِ، مَعَ التَّصْرِيحِ بِالتَّوْحِيدِ، وَإِفَادَةُ أَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَقَعُ إِلَّا شُكْرًا فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2لِرَبِّكَ أَيِ الْمُحْسِنِ إِلَيْكَ بِذَلِكَ سِرًّا وَعَلَنًا مُرَاغَمًا مَنْ شِئْتَ فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=108&ayano=2وَانْحَرْ أَيْ أَنْفَقَ لَهُ الْكَوْثَرَ مِنَ الْمَالِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ خِلَافًا لَمْ يَدَعْهُمْ وَيَمْنَعْهُمُ الْمَاعُونُ لِأَنَّ النَّحْرَ أَفْضَلُ نَفَقَاتِ
[ ص: 291 ] الْعَرَبِ لِأَنَّ الْجَزُورَ الْوَاحِدَ يُغْنِي مِائَةَ مِسْكِينٍ، وَإِذَا أَطْلَقَ الْعَرَبُ الْمَالَ انْصَرَفَ إِلَى الْإِبِلِ، وَلِذَا عَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمُرَادِ بِالنَّحْرِ لِيَفْهَمَ الزَّجْرَ عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنَ الذَّبْحِ لِلْأَوْثَانِ، وَمِنْ مَعْنَاهُ أَيْضًا أَظْهَرُ
nindex.php?page=treesubj&link=25353الذُّلَّ وَالْمَسْكَنَةَ وَالْخُشُوعَ فِي الصَّلَاةِ بِوَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَحْتَ النَّحْرِ هَيْئَةَ الذَّلِيلِ الْخَاضِعِ، وَقَدْ قَابَلَ فِي هَذَا أَرْبَعًا مِنْ سُورَةِ الدِّين بِأَرْبَعٍ، وَهِيَ الْبُخْلُ بِالْإِعْطَاءِ، وَإِضَاعَةُ الصَّلَاةِ بِالْأَمْرِ بِهَا، وَالرِّيَاءُ بِالتَّخْصِيصِ بِالرَّبِّ، وَمَنْعُ الزَّكَاةِ بِالنَّحْرِ.