الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3201 - وعنها أن بريرة عتقت وهي عند مغيث فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لها إن قربك فلا خيار لك . رواه أبو داود .

التالي السابق


3201 - ( وعنها ) أي : عن عائشة ( أن بريرة عتقت ) بفتحات ( وهي عند مغيث ) أي : زوجها ( فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : بين اختيار الزوج واختيار الفسخ ( وقال لها ) أي : لبريرة ( إن قربك ) بكسر الراء أي جامعك ( زوجك ) وفي نسخة بالضم أي دنا منك بالجماع بعد العتق ( فلا خيار لك ، رواه أبو داود ) في شرح السنة : متى صح هذا الحديث فالمصير إليه هو الواجب وقد قال الشافعي - رحمه الله - : كان لها الخيار ما لم يصبها بعد العتق ولا أعلم في تأخير الخيار شيئا يتبع إلا قول حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [ ص: 2097 ] صاحب الهداية وإذا تزوجت أمة بإذن مولاها أو زوجها هو برضاها أو بغير رضاها ثم أعتقت فلها الخيار حرا كان زوجها أو عبدا ، أما إذا زوجت نفسها بغير إذنه ثم أعتقها ينفذ النكاح بالإعتاق ولا خيار لها ، والشافعي يخالفنا فيما إذا كان زوجها حرا فلا خيار لها وهو قول مالك ، قال ابن الهمام : ومنشأ الخلاف والاختلاف في ترجيح إحدى الروايتين المتعارضتين في زوج بريرة أكان حين أعتقت حرا أو عبدا فثبت في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرها وكان زوجها عبدا ، رواه القاسم ولم تختلف الروايات عن ابن عباس أنه كان عبدا ، وثبت في الصحيحين أنه كان حرا حين أعتقت وهكذا روي في السنن الأربعة ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، والترجيح يقتضي في رواية عائشة أكان ترجيح أنه كان حرا ، وذلك أن رواة هذا الحديث عن عائشة ثلاثة ؛ الأسود وعروة والقاسم فأما الأسود فلم يختلف فيه عن عائشة أنه كان حرا ، وأما عروة فعنه روايتان صحيحتان أحدهما أنه كان حرا والأخرى أنه كان عبدا ، وأما عبد الرحمن بن القاسم فعنه روايتان صحيحتان إحداهما أنه كان حرا والأخرى الشك ، ووجه آخر من الترجيح مطلقا لا يختص بالمروي فيه عن عائشة وهو أن رواية خيرها صلى الله عليه وسلم وكان زوجها عبدا يحتمل كون الواو للعطف فيه لا للحال وحاصله أنه إخبار بالأمرين ، وكونه اتصف بالرق لا يستلزم كون ذلك كان حال عتقها هذا بعد احتمال أن يراد بالعبد العتيق مجازا باعتبار ما كان وهو شائع في العرف ، والذي لا مرد له من الترجيح أن رواية كان حرا أنص من كان عبدا ، وتثبت زيادة فهي أولى ، وأيضا فهي مثبتة وتلك نافية للعلم بأنه كان حالته الأصلية الرق والنافي هو المبقيها والمثبت هو المخرج عنها ، وأما المعنى المعلل به فقد اختلف فيه وذكره ابن الهمام مبسوطا فعليك به إن ترد أن تكون محيطا .




الخدمات العلمية