الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله أو لم يقرأ فيهن شيئا أو قرأ في الأوليين أو الأخريين ) أي قضى ركعتين في هذه المسائل الثلاث وهي من المسائل المعروفة بالثمانية والأصل فيها أن الشفع الأول متى فسد بترك القراءة تبقى التحريمة عند أبي يوسف لأن القراءة ركن زائد ألا ترى أن للصلاة وجودا بدونها غير أنه لا صحة للأداء إلا بها وفساد الأداء لا يزيد على تركه فلا تبطل التحريمة وعند محمد متى فسد الشفع الأول لا تبقى التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني لأن القراءة فرض في كل من الركعتين فكما يفسد الشفع بترك القراءة فيهما يفسد بتركها في إحداهما وإذا فسدت الأفعال لم تبق التحريمة لأنها تعقد للأفعال وقد فسدت وعند الإمام أبي حنيفة إن فسد الشفع الأول بترك القراءة فيهما بطلت التحريمة فلا يصح الشروع في الشفع الثاني وإن فسد بترك القراءة في إحداهما بقيت التحريمة فصح الشروع في الشفع الثاني إلا أن القياس ما قاله محمد لكن فسادها بترك القراءة في ركعة واحدة مجتهد فيه لأن الحسن البصري كان يقول بجوازها بوجود القراءة في ركعة واحدة وقوله وإن كان فاسدا لكن إنما عرفنا فساده بدليل اجتهادي غير موجب على اليقين بل يجوز أن يكون الصحيح قوله غير أنا عرفنا صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهب إليه بغالب الرأي فلم يحكم ببطلان التحريمة الثانية بيقين بالشك وإذا عرف هذا فنقول إذا ترك القراءة في الأربع قضى الركعتين الأوليين فقط عندهما لبطلان التحريمة خلافا لأبي يوسف لبقائها عنده فيقضي الشفعين وإن ترك القراءة في الأخريين فقد أفسدهما فقط فيلزمه قضاؤهما إجماعا

                                                                                        وإذا ترك القراءة في الأوليين فقط لزمه قضاؤهما فقط إجماعا لفسادهما ولم يصح الشروع في الشفع الثاني عندهما هما حتى لو قهقه فيه لا تنتقض طهارته وعند أبي يوسف قد صح ولم يفسد لوجود القراءة فيه وأشار المصنف بهذه الثلاث إلى ثلاث أخرى أيضا فتصير المسائل ستا من الثمانية إحداها لو قرأ في الأوليين وإحدى الأخريين فعليه قضاء الأخريين إجماعا ثانيها لو قرأ في الأخريين وإحدى الأوليين فعليه قضاء الأوليين إجماعا ثالثها لو قرأ في إحدى الأخريين لا غير لزمه قضاء الأوليين عندهما وعند أبي يوسف يقضي أربعا وقد قدمنا أن فساد الشفع الثاني يسري إلى الأول إذا لم يقعد بينهما فقوله أو قرأ في الأوليين مقيد بما إذا قعد على رأس الركعتين وإلا فعليه قضاء الأربع كما في العناية وفي البدائع هذا كله إذا قعد بين الشفعين قدر التشهد فأما إذا لم يقعد تفسد صلاته عند محمد بترك القعدة فلا تتأتى هذه التفريعات عنده انتهى ثم اعلم أن هذه المسائل الست تسع من حيث التصوير لأن الرابعة صادقة بصورتين ما إذا ترك في الركعة الثالثة أو ترك في الركعة الرابعة والخامسة صادقة بصورتين أيضا ما إذا ترك في الركعة الأولى أو ترك في الثانية والسادسة صادقة بصورتين أيضا ما إذا قرأ في الثالثة أو قرأ في الرابعة فالمسائل التي يجب فيها ركعتان تسع في التحقيق فإن هذه المسائل وإن اشتهرت بالثمانية لكن هي في التحقيق خمسة عشر تسع منها يلزم فيها ركعتان وست منها يلزم فيها أربع أشار إليها بقوله .

                                                                                        [ ص: 64 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 64 ] ( قوله وفساد الأداء لا يزيد على تركه ) أي لا يكون أقوى من ترك الأداء بأن أحرم واقفا ثم ترك أداء كل الأفعال بأن وقف ساكتا طويلا لا تبطل التحريمة وهذا لأنها ليست لم تعقد إلا لهذا الشفع فإن بناء الشفع الثاني جائز فعلم أنها له ولغيره فبفساده لا تنتفي فائدتها بالكلية لتفسد هي كما بسطه في الفتح ( قوله وعند أبي حنيفة إلى آخر كلامه ) لا يخفى أن بهذا التقرير لم يحصل الجواب عما قرر لأبي يوسف بل جوابه منع أن فساده لا يزيد على تركه لأن الترك مجرد تأخير والفساد فعل مفسد وتمامه في الفتح ( قوله لكن فسادها إلخ ) قال في النهاية فإن قلت كما أن ترك القراءة في ركعة مجتهد فيه كذلك عدم الفساد بترك القراءة في الكل مجتهد فيه لأن القراءة ليست بفرض عند أبي بكر الأصم الجواب أن قوله مخالف للدليل القطعي فلا يعتبر ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية